«لغة التعليم» تثير صخبًا في الولايات المتحدة

إذا كنت قد أدرجتَ طفلك في المدرسة في أي وقت مضى، أو قرأتَ موضوعًا حول السياسة التعليمية، أو شاركت في اجتماع المدرسة، أو تعلمت في المدرسة (وهذا ما فعله الجميع تقريبًا)، فإنك قد تعرضت لـ«اللغة التعليمية» edu - speak (اللغة الدارجة التي يستخدمها المعلمون). وكما تعلمون، فإن الكلمات المستخدمة لوصف البرامج التعليمية أو المبادرات أو النظريات التي غالبا ما ينتهي بها المآل بزرع البلبلة أو تقديم أفكار مهمة، تعد لغة غير مفهومة.
وتسود المشكلة، لدرجة أن هناك حتى أداة «مولد المصطلحات التعليمية الدارجة» على موقع «sciencegeek.net»، التي تقدم جُمَلاً كاملة مليئة بالمصطلحات الدارجة أو تقدم أجزاءً من جمل (عبارات شبه جملة، وأفعال، وصفات، وأسماء) لخلق لغة خاصة بك. وفيما يلي نماذج لجمل أُنشِئت عبر الضغط على أداة «خلق مصطلحات دارجة» على الموقع:
- «سنقوم بتثليث تتويج المنتجات الحيوية للمهام في مجالات المحتوى».
- «سوف نضع المجتمعات المبتكِرة على جدول دارسينا خلال القرن الحادي والعشرين».
- «سوف نزرع التقنيات القائمة على الكفاءة في العملية التعليمية التجريبية».
- «سنعيد اختراع مصطلحات (ESLR) نتائج التعليم المتوقعة على مستوى المدرسة، ونتائج المتعلم المتوقعة للطالب، ونتائج التعليم المتوقعة للطالب، وقراءة اللغة الإنجليزية كلغة ثانية) الاستباقية في المجالات المعرفية والوجدانية».
- «سوف نرى الأفواج التي يحركها الأداء من خلال الأفكار الكبيرة».
أظن أنك قد استوعبت مدى سخافة الفكرة.
وفيما يلي صخب شديد حول اللغة التعليمية ومدى الضرر الذي تتسبب فيه، أثارته ليز ويلين، محررة لدى «هيشنغر ريبورت»، وهي مؤسسة إخبارية مستقلة غير ربحية، تركز على مقاومة عدم المساواة، والابتكار في مجال التعليم، حيث نشرت المحررة مقالها لأول مرة. والفقرات التالية مأخوذة من مقال مكتوب لـ«إديوكيشن ريبورترز تولكيت» ونشرته المؤسسة الإخبارية «ذا سوليوشنز جورنالزم نتورك».
وتقول ويلين: «كنت أدون الملاحظات أثناء حضوري الاجتماعات المملة، لكنها مهمة لمجالس إدارة المدارس، التي يتكلف الصحافيون الصاعدون تغطيتها، وحينها أدركت أنني لا أمتلك أية فكرة عما يجري. تحدث أعضاء مجلس الإدارة ومسؤولو المدرسة الآخرون بلغة مليئة بالمختصرات لا يمكنني استيعابها. وقضى أعضاء مجلس الإدارة ساعات في التحدث مع بعضهم، باستخدام المصطلحات التي تحير الحضور. علمت لاحقًا أنهم كانوا يناقشون رفع الضرائب العقارية لتعزيز ميزانية المدرسة، وهي مسألة بالغة الأهمية يحتاج الناخبون المحليون وأولياء الأمور لفهمها.
كان ذلك الحدث قبل أكثر من 25 عامًا، ومنذ ذلك الحين، عقدت العزم على القضاء على تلك المصطلحات الدارجة. وبالنسبة لمراسلي التعليم، رغم ذلك، يعتبر تنفيذ هذه المهمة أمرًا صعبًا يشتت الانتباه عما ينبغي علينا فعله في الواقع، والمتمثل في: كتابة تقارير إخبارية حول مدى تقدُّم الأطفال في المدارس الأميركية. أشعر باقتناع شديد أننا لا يمكننا تحسين التعليم في الولايات المتحدة حتى يمكننا معرفة كيفية التحدث والكتابة بوضوح عن هذا المجال. أشعر باليأس في كل مرة أكتب فيها تقريرًا بحثيًا أو موضوعًا صحافيًا يستحيل فك رموزه، ويقشعر بدني حينما أسمع المعلمون يستخدمون عبارات مثل «رأس المال البشري» ومقترحات القيمة، ناهيك بالاختصارات التي لا نهاية لها، مثل «RTI» و«PLC» و«SLT» و«IEP» و«PD» و«LMS».
لقد تحدثت بحدة عن ذلك الأمر من قبل، لكنني الآن عاقدة العزم على مكافحته من جديد، وأنا أحث جميع الصحافيين المكلفين تغطية التعليم فعل الشيء ذاته. وباسم الخدمة العامة، دعونا نتفق على وقف «اللغة التعليمية» للمدارس. توقفوا عن نقل العبارات الطنانة والكليشيهات الفارغة. دعونا أخيرًا نجعل الحديث حول التحديات والحلول في متناول الجميع.
لماذا نحتاج إلى مصطلحات مثل «القيمة المضافة» أو «التقييمات التكوينية»؟ يا للاشمئزاز. هل يجب علينا حقا أن نكون «مقصودين» أو «متمكنين» عندما نتحدث عن التعليم؟ وهل يمكننا رجاء التوقف عن استخدام مصطلح «حل سحري» – فهي عبارة مبتذلة تسمعها بقدر ما يؤكد الجميع في التعليم أنهم – على عكس الجميع – يضعون «الأطفال أولا».
لا تدعوني أبدأ بالحديث عن العبارات المستهلكة مثل «الحصى» و«الصرامة»، جنبا إلى جنب مع «مهارات القرن الحادي والعشرين» أو «البرامج القائمة على الأبحاث» التي تعلم «الطفل ككل»، فهل هذا مقابل لـ«نصف الطفل فقط»؟ وماذا عن لغة المدارس الخاصة، التي تزخر بـ«الممارسات الإصلاحية» و«عقليات النمو»؟
لا يمكننا إلقاء اللوم في ذلك على المعلمين. وبالتأكيد تكون الحكومة الفيدرالية مذنبة أيضًا لتكوينها كمية كبيرة من المختصرات التي تزخر بها السياسة التعليمية الوطنية، التي تحتاج لتفسيرات وتوضيحات حول معنى كل مختصر قبل أن يدرك القراء إذا ما كانت تلك السياسات تعمل فعلا أم لا. وإليك القليل من تلك المصطلحاتESEA (قانون التعليم الابتدائي والثانوي)، وNCLB (قانون عدم ترك الطفل)، و«المنافسة إلى الأعلى» التي أطلقها الرئيس الأميركي بارك أوباما، المعروفة بـ«R2T» أو «RTT» أو حتى «RTTT».
وهناك أيضًا «SIG’s» (منح تحسين المدارس)، و«IDEA» (قانون تعليم المعاقين)، و«MOOCs» دورات هائلة مفتوحة على الإنترنت)، و«CCSS» (المعايير الأساسية المشتركة)، إلى جانب الاختبارات التي ترافقها، مثل «PARCC» (الشراكة من أجل تقييم الجاهزية للكلية والوظائف)، و«SBAC» (ائتلاف تقييم متوازن أذكى). ثم هناك «STEM» (العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات)، التي تصبح «STEAM» عندما تضيف بعض الدروس الأدبية إلى هذا المزيج. ولا يمكننا التحدث عن تخلُّف أداء الطلاب في الولايات المتحدة دون تلخيصه في «TIMSS» (دراسة الاتجاهات في الرياضيات والعلوم الدولية)، و«PIRLS» (دراسة التقدم في محو الأمية في القراءة العالمية)، و«NAEP» (التقييم الوطني للتقدم التعليمي).
وكذلك تتواطأ جحافل المنظمات التي تدافع عن التعليم في ذلك الأمر. حاول فقط فك لغز هذا البيان الصحافي الذي صدر أخيرا حول دراسة جديدة تثبت أن «التقييم القائم على الموضوع يمكن تعميمه، ويمكن أن يسفر عن نتائج صحيحة مع معلومات صحيحة وقابلة للتنفيذ حول تعلم الطالب، الذي يمكن استخدامه لتحسين المناهج والنماذج المفروضة ولزيادة فعالية البرامج والدروس في تحسين نتائج التعلم في الكلية».
وأثناء ذلك، كم نوعًا مختلفًا من التعليم يحتمل أن يكون؟ تناصر المجموعات المختلفة التعليم المختلط، والشخصي، والمصمم على نمط عالمي، الذي يركز على الطالب، والعميق، والفردي، والقائم على الكفاءة، والمدفوع بالبيانات. وفي «هيشنغر ريبورت»، كتبنا عن الكثير من هذا، لكننا نحاول جاهدين شرح حقيقة هذه الأنماط، وكيف يمكنها تغيير التعليم. ونحن دائما متشككون عندما يدعي أي شخص أن بإمكانها سد فجوة الإنجاز، وهي عبارة أخرى مبتذلة، جنبا إلى جنب مع العبارة الناشئة حديثا «فجوة التفوق».
لقد قضيت عدة أيام في مؤتمر انعقد أخيرًا مع مجموعة من المعلمين الرائعين والمحامين وصانعي السياسات، جميعهم أدركوا بعمق والتزموا بتحسين التعليم. وفي دردشات جرت بين واحد لواحد أثناء احتساء الشاي أو تناول الإفطار، تحدثوا بوضوح عن المشكلات والحلول. واستمروا في الحديث بلهجة تخاطبية تماما أثناء مناقشة الفصول الدراسية وخيارات الكلية لأطفالنا.
لكن كل شيء انهار في اللحظة التي تطرقنا فيها إلى «البيئات التمكينية» لمراجعة «نماذج المنطق العنقودية» و«إنشاء نظم تقييم شاملة». فقررت أن أعبر عن رأيي.
«من فضلكم»، هكذا ناشدتهم للاستماع إلي، وقلت: «هل لا بد من استخدام تلك الكلمات؟». كان هناك ضحك مهذب، لكن سرعان ما عدنا إلى «الاستفادة من رأس المال البشري» و«الضرورات التي لا تتجزأ».
ويحتاج الجمهور أكثر من أي وقت مضى إلى معلومات مفهومة بسهولة حول ما يجري في المدارس، وما يعمل، وما لا يعمل. وبالتالي، ما الذي ينبغي على صحافي التعليم فعله؟
يجب عليهم الإصرار على ضرورة تعريف التربويين المصطلحات التي ينشئونها، وكذلك مطالبتهم بتفسيرات واضحة، وألا يعودوا مرة أخرى إلى الاختصارات عندما تكون الكلمات الحقيقية أكثر صدقا.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»