تونس: برلمانيون يطالبون بالتحقيق مع هيئة الحقيقة والكرامة

تقدم 62 نائبا برلمانيا تونسيا بطلب إلى البرلمان لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية حول شبهة فساد إداري ومالي داخل هيئة الحقيقة والكرامة، في خطوة اعتبرت «ضغطا إضافيا مسلطا» على الهيئة بهدف تعطيل أنشطتها، وتعويض صلاحياتها بقانون المصالحة الوطنية في النسخة التي طرحها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي.
وطالب النواب في بيان رئاسة البرلمان: «الاطلاع على كل الوثائق الإدارية واتخاذ القرار المناسب ضد الهيئة المذكورة»، لكن البرلمان أجّل طلب النواب بتشكيل لجنة برلمانية إلى وقت لاحق لم يحدد بعد.
وعقد محمد الناصر، رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) مساء أول من أمس جلسة مع سهام بن سدرين، رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، تزامنا مع الجدل الدائر حول المنافسة المفتوحة بين قانون العدالة الانتقالية، الذي تسعى الهيئة إلى تنفيذه، وقانون المصالحة الوطنية في المجالين المالي والاقتصادي، المقترح من قبل الرئيس السبسي.
وطلبت هيئة الحقيقة والكرامة جلسة استماع لأعضاء لجنة التشريع العام في البرلمان لمعرفة آرائها بخصوص قانون المصالحة في المجال المالي والاقتصادي، كما طالبت بسد الفراغ الحاصل منذ نحو سنة على مستوى تركيبة الهيئة نتيجة استقالة نحو نصف أعضائها، حتى تتمكن من النظر في 15 ألف ملف ورد عليها في خلال الأشهر التسعة الأخيرة.
وتشكلت هيئة الحقيقة والكرامة تطبيقا للأحكام الانتقالية الواردة في الدستور بهدف تنفيذ قانون العدالة الانتقالية، إلا أنها لاقت مجموعة من العراقيل أدت إلى انقسام مواقف أعضائها واستقالة سبعة منهم. وتعمل هذه الهيئة على كشف انتهاكات حقوق الإنسان، وتوضيح أسبابها، واقتراح الحلول لتفادي تكرارها في المستقبل.
وقالت سهام بن سدرين لـ«الشرق الأوسط» إن دور الهيئة «يتجاوز مجرد جبر الضرر المادي والمعنوي لضحايا النظام السابق، ليرسي قواعد مصالحة فعلية بين التونسيين ومن المنطقي محاسبة من أخطأوا وأذنبوا في حق التونسيين ليس في الجانب السياسي فحسب، بل كذلك في الجوانب الاقتصادية والمالية التي ترجمت درجة الفساد السياسي».
من جانبها، شكلت الأطراف المعارضة لقانون المصالحة مبادرة الائتلاف المدني ضد مشروع قانون المصالحة الاقتصادية، وانضمت إلى هذه المبادرة عدة أطراف سياسية واجتماعية، من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر النقابات العمالية)، وطالبت بسحب القانون من البرلمان. هذا بالإضافة إلى إحداث لجنة مصالحة برئاسة الحكومة التونسية للنظر في مطالب الصلح، وتتألف من ممثل عن رئاسة الحكومة، بصفته رئيسا، وممثلين عن وزارتي العدل والمالية، وعضوين عن هيئة الحقيقة والكرامة، إضافة للمكلف العام بنزاعات الدولة، ويتم تعيينهم بقرار من رئيس الحكومة.
وبخصوص قانون المصالحة المقترح من قبل رئاسة الجمهورية، قال أحمد صواب رئيس المحكمة الإدارية (محكمة تنظر في قضايا تجاوز السلطة وخرق القانون) في تصريح إعلامي إن هذا القانون المعروض على البرلمان يتضمن ثمانية خروقات للدستور على الأقل، مضيفا أن مشروع قانون المصالحة يخرق حق التقاضي المنصوص عليه في الدستور، ويفرغه من مضمونه ويتجاوز منظومة العدالة الانتقالية، إلى جانب التهرب من الضرائب والغش الجبائي، وحسن التصرف في الأملاك العامة، ومنع عودة الفساد.