«إف بي أي» يعمل مع شركات الهاتف الأميركية لجمع أدلة جرائم الحرب في أوكرانيا

يعمل مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي أي)، بالتعاون مع شركات الهاتف المحمول الأميركية والحكومة الأوكرانية، على جمع معلومات وأدلة على جرائم حرب ارتكبتها روسيا خلال حربها المستمرة، مثل تحديد الموقع الجغرافي ومعلومات من الهواتف المحمولة. وقال مسؤولون أميركيون كبار، الثلاثاء، إن أوكرانيا تجمع المعلومات الرقمية من ساحات القتال والبلدات الأوكرانية التي دمرتها الحرب منذ غزو روسيا للبلاد في فبراير (شباط) 2022 الماضي، بحسب وكالة «رويترز». وقال أليكس كوبزانيتس، العميل الخاص بمكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي عمل سابقاً ملحقاً قانونياً للوكالة في أوكرانيا، خلال مشاركته في مؤتمر الأمن السيبراني، في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، إن «جمع تلك البيانات وتحليلها والعمل من خلالها، شيء يتمتع مكتب التحقيقات الفيدرالي بالخبرة فيه».
وقال إن هذا العمل يشمل البحث في معلومات الهاتف المحمول، والتحليلات الجنائية لعينات الحمض النووي، وكذلك تحليل بقايا الجثث التي تم جمعها من ساحات القتال. وأضاف كوبزانيتس: «تتمثل الخطوة التالية في العمل مع مزودي خدمة الهاتف المحمول في الولايات المتحدة، ونقل هذه المعلومات، والحصول على معلومات المشترك، وعلى معلومات تحديد الموقع الجغرافي؛ حيثما أمكن ذلك».
ويعكس هذا التحقيق، تعميق التعاون بين الولايات المتحدة وأوكرانيا على الجبهة السيبرانية؛ حيث إن روسيا تعد خصماً مشتركاً لكلا البلدين. وأضاف الوكيل أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي كان يعمل منذ عام ونصف العام على مساعدة أوكرانيا أيضاً في تحديد المتعاونين والجواسيس الروس العاملين في أوكرانيا والقوات الروسية التي كانت تعمل خارج كييف أثناء حدوث الاجتياح. وكانت شركات الأمن والمسؤولون الأميركيون شريكاً رئيسياً لأوكرانيا في جهودها لصد الهجمات الإلكترونية الروسية، التي خاضتها منذ اجتياح القوات الروسية لشبه جزيرة القرم عام 2015 على الأقل.
وقال إيليا فيتيوك، رئيس إدارة أمن المعلومات السيبرانية في أوكرانيا، إنه بينما زاد عدد الهجمات الروسية ضد أوكرانيا في السنوات القليلة الماضية، فقد أصبحت البلاد أكثر استهدافاً في الأشهر الأخيرة. وأضاف: «من الصعب للغاية إثبات المسؤولية في قضية جنائية. من المهم جداً بالنسبة لنا الحصول على أكبر قدر من المعلومات حول مجرمي الإنترنت الروس... لأننا نجمع كل هذه المعلومات ونضعها في قضايانا الجنائية». وقال فيتيوك: «نعتقد أن هذه القضية المتعلقة بجرائم الحرب الإلكترونية شيء جديد. هذا هو المكان الذي شهدنا فيه أول حرب إلكترونية واسعة النطاق».
وفي سياق متصل، تراجع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، أمس (الأربعاء)، عن تعهده بالانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، قبل أشهر من الموعد المقرر لاستضافة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المطلوب من جانب المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وكان رامافوزا قد قال، الثلاثاء، إن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم سيهدف إلى إلغاء عضوية جنوب أفريقيا في المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً، والتي تنظر في قضايا الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
لكن مكتب رامافوزا قال، الأربعاء، إنه أخطأ. وقالت الرئاسة في بيان: «تظل جنوب أفريقيا من الدول الموقعة في المحكمة الجنائية الدولية تماشياً مع قرار المؤتمر الوطني الخامس والخمسين لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي عُقد في ديسمبر (كانون الأول) 2022 لإلغاء قرار سابق بالانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية».
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف في مارس (آذار) بحق بوتين، متهمة إياه بارتكاب جريمة حرب تتمثل في الترحيل القسري للأطفال من الأراضي التي تحتلها روسيا في أوكرانيا. وتنفي موسكو ارتكاب جرائم حرب بما في ذلك الترحيل القسري للأطفال وتقول إن المحكمة الجنائية الدولية ليست لها سلطة لأن روسيا ليست عضواً فيها.
ومن المقرر أن يزور بوتين جنوب أفريقيا في أغسطس (آب) لحضور قمة مجموعة «بريكس» للاقتصادات الناشئة، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وبصفتها عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، سيُطلب من جنوب أفريقيا احتجازه. ولم يسافر بوتين إلى الخارج منذ صدور مذكرة المحكمة الجنائية الدولية. وقام بزيارة واحدة فقط خارج دول الاتحاد السوفياتي السابق كانت إلى إيران منذ شن غزو أوكرانيا العام الماضي.
في وقت سابق الثلاثاء، صرّح الأمين العام للحزب فيكيل مبالولا، خلال مؤتمر صحافي: «يمكن لبوتين أن يأتي إلى هذا البلد في أي وقت»، مضيفاً أن «المحكمة الجنائية الدولية لا تخدم مصالح الجميع، بل مصالح البعض»,
وأكد رامافوزا أنه تم التوصل إلى قرار الانسحاب بسبب ما وصفه بمعاملة المحكمة غير العادلة تجاه بعض البلدان.
سبق أن أبدت جنوب أفريقيا رغبتها في الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية عام 2016 بعد زيارة الرئيس السوداني السابق عمر البشير. وقد رفضت بريتوريا توقيف البشير الذي صدرت بحقه أيضاً مذكرة توقيف.
ورفضت جنوب أفريقيا إدانة موسكو منذ بدء الحرب في أوكرانيا، مشددة على اتخاذ موقف حيادي لتكون قادرة على «أداء دور في حل النزاعات» كما ذكر رامافوزا. وأكد الرئيس الجنوب أفريقي أنه تحدث مع بوتين مرات عدة، موضحاً: «رسالتي كانت واضحة. يجب إجراء مفاوضات».
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت أنها تؤيد إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة «العدوان» الروسي في أوكرانيا، بتمويل وطاقم دوليين. وعبّر الاتحاد الأوروبي عن دعمه لإنشاء محكمة خاصة يمكن أن توجه اتهامات جديدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ستكون أحدث سلسلة قانونية، بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه بشأن جرائم حرب مفترضة.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، بعد صدور مذكرة التوقيف بحق بوتين، إن الولايات المتحدة ستعمل مع الحلفاء لإنشاء «محكمة خاصة لجريمة العدوان» بشأن الحرب الروسية في أوكرانيا. وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل للصحافيين: «نتصور محكمة من هذا النوع تحظى بدعم دولي كبير - خصوصاً من شركائنا في أوروبا - وتتمركز في بلد آخر في أوروبا». وأضاف أن هذه المحكمة يجب أن تكون «مستمدة من النظام القضائي الأوكراني وتشمل عناصر دولية».
وتتمتع المحكمة الجنائية الدولية منذ 2018 بسلطة قضائية على جريمة العدوان، لكن خبراء قانونيين يقولون إنها لا تستطيع محاكمة روسيا لأن هذه الدولة، مثل الولايات المتحدة، لم تنضم إلى قانون روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة في لاهاي.
طرح فكرة إنشاء محكمة خاصة بعيد اجتياح أوكرانيا رئيس الوزراء البريطاني الأسبق غوردون براون، وخبراء قانون. وقال براون في عريضة قدمها في مارس 2022 إنه قد يكون «تحديد المسؤولية» عن جريمة العدوان أسهل من تحديد المسؤولية عن جرائم الحرب الفردية، بما أن هناك «انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة». وصدرت مذكرة التوقيف عن المحكمة الجنائية الدولية بناء على اتهامات بأن روسيا قامت بترحيل أطفال أوكرانيين بشكل غير قانوني. ولم يرد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة ستعتقل بوتين نظرياً. ويمنع قانون صادر عن الكونغرس، الولايات المتحدة من التعاون بشكل وثيق مع المحكمة، في محاولة لتجنب سابقة لمحاكمة أميركيين.