تنديد دولي بخطط بوتين نشر أسلحة نووية في بيلاروسيا

ندّدت دول ومنظمات، أمس الأحد، بالخطط التي أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبت لنشر صواريخ نووية «تكتيكية» على أراضي بيلاروسيا.
وقد وجهت وزارة الخارجية الأوكرانية انتقادات لاذعة لتلك الخطط، ودعت إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لمواجهة التهديد المحتمل. وقالت الوزارة في بيان إن «أوكرانيا تنتظر إجراءات فعّالة من قبل المملكة المتحدة والصين والولايات المتحدة وفرنسا لمواجهة الابتزاز النووي الذي يمارسه الكرملين». وأضافت «نطالب بعقد اجتماع استثنائي لمجلس الأمن الدولي فوراً من أجل هذا الغرض»، داعية مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي للضغط على بيلاروسيا من خلال تهديدها بـ«عواقب وخيمة» إذا قبلت بنشر أسلحة نووية روسية.
كما ذكر أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف أن خطط روسيا لنشر أسلحة نووية في بيلاروسيا سيزعزع استقرار تلك الدولة، واتهم موسكو باحتجاز مينسك «رهينة». وقال دانيلوف إنها «خطوة صوب زعزعة استقرار» بيلاروسيا، مضيفا أنها تفاقم مستوى «النظرة السلبية والرفض الشعبي» لروسيا وبوتين داخل بيلاروسيا. وكتب على «تويتر» «لقد أخذ الكرملين بيلاروسيا رهينة نووية». أما ميخايلو بودولياك مستشار المكتب الرئاسي في كييف فكتب في تغريدة أن الخطوة الجديدة لبوتين تظهر أنه «يعترف بخوفه من خسارة الحرب في أوكرانيا». وأضاف بودولياك أن «بوتين يؤكد أيضا أنه متورط في جريمة، حيث إنه ينتهك معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية».
بدورها، نددت الحكومة الألمانية بـ «محاولة جديدة للترهيب النووي من موسكو». وقال مسؤول في الخارجية الألمانية، طلب عدم الكشف عن هويته: «لن ندع أنفسنا ننحرف عن مسارنا» بسبب هذه التهديدات. وأضاف أن «المقارنة التي أجراها الرئيس بوتين مع صواريخ حلف شمال الأطلسي النووية خاطئة، ولا يمكن استخدامها مبررا»، مشيراً أيضاً إلى أن بيلاروسيا «تخالف» التزامها بالبقاء أرضاً خالية من الأسلحة النووية.
وانتقد حلف شمال الأطلسي «الناتو»، أمس الأحد، روسيا بسبب حديثها «الخطير وغير المسؤول» عن الأسلحة النووية، على خلفية خطط بوتين لنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا. وقال متحدث باسم «الناتو» إن «حلف شمال الأطلسي متيقظ، ونراقب الوضع عن كثب. لم نرصد أي تغييرات في الوضع النووي لروسيا من شأنها أن تقودنا إلى تعديل وضعنا».
وقلّلت واشنطن، القوة النووية العظمى الأخرى في العالم، من شأن المخاوف المتعلقة بإعلان بوتين وإمكانية استخدام موسكو للأسلحة النووية في الحرب في أوكرانيا. وقال المكتب الصحافي لوزارة الدفاع الأميركية في بيان: «رأينا تقارير عن إعلان روسيا وسنواصل مراقبة هذا الوضع. لم نر أي سبب لتعديل وضعنا النووي الاستراتيجي ولا أي مؤشرات على أن روسيا تستعد لاستخدام سلاح نووي. ما زلنا ملتزمين بالدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي». وذكر مسؤول في الإدارة الأميركية أن موسكو ومينسك تتحدثان عن نقل أسلحة نووية منذ فترة. ويشير مصطلح الأسلحة النووية «التكتيكية» إلى الأسلحة التي تستخدم لتحقيق مكاسب محددة في ساحة المعركة وليس الأسلحة ذات القدرة على إبادة المدن. وليس واضحا عدد الأسلحة التي تمتلكها روسيا من هذا النوع؛ نظرا لأن هذا الأمر محاط بالسرية منذ الحرب الباردة.
ووصف معهد «دراسة الحرب» الأميركي إعلان الكرملين عن خططه لنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا بأنه غير ذي صلة بخطر التصعيد إلى حرب نووية. وقال: «بوتين يحاول استغلال مخاوف الغرب من التصعيد النووي من خلال نشر الأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروسيا».
ونقلت وكالة «رويترز» عن خبراء قولهم إن أهمية هذا التطور تكمن في أن موسكو كانت تفخر حتى الآن بأنها على عكس واشنطن لم تنشر أي أسلحة نووية خارج حدودها.
وأعلن بوتين السبت أن روسيا ستنشر أسلحة نووية «تكتيكية» في بيلاروسيا، وأنه تم تجهيز عشر طائرات استعداداً لاستخدام هذا النوع من الأسلحة. وقال بوتين في مقابلة عبر التلفزيون الروسي: «لا شيء غير اعتيادي هنا: الولايات المتحدة تفعل ذلك منذ عقود. هي تنشر منذ زمن طويل أسلحتها النووية التكتيكية على أراضي حلفائها».
قال بوتين إن رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو يطلب منذ فترة طويلة نشر تلك الأسلحة. وعلى الرغم من أن جيش بيلاروسيا لم يقاتل رسميا في أوكرانيا، فالعلاقات العسكرية بين موسكو ومينسك وثيقة جدا. وسمحت مينسك لموسكو باستخدام أراضيها لإرسال قوات إلى داخل أوكرانيا العام الماضي، وكثفت الدولتان التدريبات العسكرية المشتركة.
وشبه بوتين خططه بما فعلته الولايات المتحدة من نشر أسلحة في أوروبا، مشيرا إلى أن بلاده لن تنقل السيطرة على تلك الأسلحة لمينسك. وقال بوتين: «لن نسلم (الأسلحة). والولايات المتحدة لا تسلم (الأسلحة) أيضا لحلفائها. نحن بالأساس نفعل الأمر ذاته الذي يفعلونه منذ عقد». لكن تلك ستكون المرة الأولى منذ منتصف التسعينات التي تنشر فيها روسيا مثل تلك الأسلحة خارج أراضيها.
وذكر بوتين أن روسيا ستكمل بناء منشأة لتخزين الأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروسيا بحلول الأول من يوليو (تموز)، مضيفا أن موسكو لن تنقل فعليا التحكم في تلك الأسلحة إلى مينسك. وقال إن روسيا نشرت بالفعل عشر طائرات في بيلاروسيا قادرة على حمل أسلحة نووية تكتيكية، كما نقلت عددا من أنظمة الصواريخ التكتيكية من طراز إسكندر القادرة أيضا على حمل تلك الأسلحة.
ووجّه مسؤولون في روسيا مرارا تهديدات مبطنة باستخدام أسلحة نووية في أوكرانيا في حال حصول تصعيد كبير. وبرر بوتين هذا القرار بنية لندن في إرسال ذخائر باليورانيوم المستنفد إلى أوكرانيا، وفق تصريحات صدرت مؤخرا عن مسؤولة بريطانية. وكتب ميخايلو بودولياك مستشار الرئاسة الأوكرانية في تغريدة أمس الأحد أن بوتين «يعترف بأنه يخشى الهزيمة (في الحرب) وأن كل ما يمكنه فعله هو بث الخوف». كما اتهم الرئيس الروسي «بانتهاك معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية». وخلال إعلانه، أكد بوتين أن هذا الانتشار في بيلاروسيا سيتم «دون انتهاك اتفاقياتنا الدولية بشأن عدم انتشار الأسلحة النووية».
ويعتبر لوكاشينكو الذي يحكم بيلاروسيا منذ 30 عاما تقريبا، حليفا رئيسيا لبوتين. وفي فبراير (شباط) 2022 سمحت مينسك للكرملين بشن عملية غزو أوكرانيا من أراضيها. وانتشرت مخاوف منذ ذلك الحين من احتمال انخراط بيلاروسيا في الهجوم الروسي إلا أن لوكاشينكو أكد أنه لن يقدم على ذلك «إلا في حال تعرض بيلاروسيا لهجوم».