ما قصرتوا

أتابع المنتخب السعودي منذ تتويجه بطلاً لآسيا أول مرة عام 1984، وتابعت أجياله الذهبية من ماجد عبد الله إلى سامي الجابر وصالح النعيمة وعبد الجواد والثنيان والخليوي والشلية والتمياط والتيماوي وكريري والجاسم وعبد الغني والقحطاني ونور وعبيد الدوسري، وصولاً إلى سالم وسلمان والعويس، والأكيد أن لكل جيل بصمة ولكل جيل ظروفه أيضاً.
والأكيد أن كرة القدم تطورت عن السابق بشكل كبير في كل أركانها وحتى دولها، فمن كنا نفوز عليه بـ«الخمسات والستات» في السبعينات والثمانينات، بات يهزم ألمانيا ويتربع على عرش قارته مثل اليابان، بينما تطورت الكرة في آسيا فهزمت عمان اليابان، وهزمت الهند الإمارات، وصارت فيتنام قوة لا يستهان بها.
وأنا أشهد أن الكرة السعودية تطورت بشكل مذهل، فبات دوريها من الأقوى في آسيا، خاصة بوجود ثمانية محترفين ثم سبعة، وشاهدنا تتويجات للفيحاء والتعاون، ومنافسة من الفيصلي والطائي والرائد وأبها، وبات أي فريق قادراً على هزيمة أي فريق (من القوى التقليدية)، حتى هبط الأهلي للدرجة الأولى، وكل هذا حدث تحديداً بعد «رؤية 2030» والاهتمام القيادي بكرة القدم، فتأهل المنتخب متصدراً مجموعته الأقوى، وترك اليابان خلفه وأستراليا تلعب الملحق بوجود عمان والصين وفيتنام، ثم لعب في كأس العالم 2022، فهزم الأرجنتين بقيادة ميسي، وقارع بولندا بقيادة ليفاندوفسكي، وخسر 1 - 2 من المكسيك التي تعد من أصعب منتخبات العالم، ومع هذا نجد البعض ينتقد اللاعبين رغم أن المنتخب عصفت به الإصابات والغيابات أمام المكسيك، ومع هذا قاتل حتى الثانية الأخيرة، وكاد يتعادل وحرم المكسيك من التأهل.
هل المطلوب إحراز كأس العالم مثلاً؟ أم منافسة من يلعبون في برشلونة وريال مدريد وبايرن ميونيخ ويوفنتوس ومانشستر يونايتد وتشيلسي وليفربول؟
المطلوب كان الأداء الطيب والروح القتالية وإمتاع الجمهور والاستمتاع بكأس العالم وتشريف الكرة السعودية، وكل هذا حدث، ولأول مرة يخسر المنتخب والناس تصفق له وتشيد به... فلماذا جلد الذات بعد دقائق من الخروج؟
مكاسب المشاركة كبيرة كروياً ودعائياً وانتشاراً عالمياً وهيبة مستعادة... والقادم كأس الخليج وبطولة أمم آسيا وكأس عالم أخرى، ومناسبات كثيرة يعود فيها الأخضر ليتسيد المشهد الكروي بمدرب محنك وإدارة اتحاد حكيمة... فلنصفق لهم جميعاً، ونقول لهم: ما قصرتوا... والله يعطيكم العافية.