الموت يغيّب السيد الغضبان أحد رواد الإذاعة المصرية

بعد رحلة إذاعية وإعلامية طويلة، غيّب الموت مساء أول من أمس (الاثنين)، الإعلامي المصري السيد الغضبان، أحد رواد الإذاعة المصرية، عن عمر ناهز 94 عاماً.
الغضبان الذي تخرج في قسم اللغة الإنجليزية، بكلية الآداب، جامعة الإسكندرية عام 1953، التحق بالإذاعة المصرية ضمن جيلها الأول، من الإذاعيين عام 1954، وانضم لإذاعة «صوت العرب» في بدايتها واستمر في العمل فيها طويلاً، وعمل مراسلاً لها في دول عربية، ولكنه أُبعد عنها في بداية حكم الرئيس المصري الراحل أنور السادات خلال أزمته الشهيرة مع الإعلام، لكن الغضبان عمل مراسلاً لعدد من الإذاعات العربية في لبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية، قبل أن يتجه لكتابة مقالات في عدد من الصحف المصرية والعربية خلال العقود الأخيرة، وحصل الغضبان على نوط الامتياز من الدرجة الأولى من مصر، ووسام الأرز اللبناني بدرجة فارس.
واعتبر الغضبان من أشد المدافعين عن إعلام الدولة المصرية الذي لا يعتبره «إعلام الحكومة»، بل إعلاماً مملوكاً للدولة يمثل مصالح الشعب.
وسجلت الإعلامية المصرية منى سلمان، مع الإعلامي الراحل نحو 20 حلقة عن مسيرته وحياته، وعن كواليس هذه الحلقات تقول لـ«الشرق الأوسط»: «قابلته خلال الاحتفال بعيد ميلاده التسعين بصحبة عدد من أصدقائه من بينهم الإعلامي جمال الشاعر، والصحافي الراحل حمدي قنديل، وفوجئت بذاكرته الحاضرة وحكاياته اللافتة، وأعربت له عن أمنيتي بكتابة هذه الحكايات في كتاب أسوة بالكثير من كبار الكتاب والإذاعيين، وبعد فترة تلقيت اتصالاً من ابنته الإعلامية لينا الغضبان أخبرتني خلاله بترحيب والدها بالفكرة، على أن يسجل مذكراته وحكاياته في شريط مرئي، عبر حلقات عدة، وسجلنا بالفعل 5 حلقات وطرحناها قبيل ذكرى هزيمة يونيو (حزيران) 1967، وفوجئنا سوياً بردود الأفعال الإيجابية والمكالمات الهاتفية التي أشادت بالحلقات، ما شجعنا على استكمال الحكايات لتصل إلى 20 حلقة عبر برنامج (أثير العمر) على إذاعة (أصوات أونلاين) الرقمية».
وتشير سلمان إلى أن «الغضبان كان بمثابة كنز من المعلومات بحكم قربه وتقاطع عمله مع دوائر صنع القرار في مصر، لا سيما أنه كان مسؤول التنظيم الطليعي في الإذاعة، كما انضم فترة من حياته إلى تنظيم الإخوان، الذي تعامل معه لاحقاً في كتاباته وأعماله بمفهوم نقدي مميز». وتلفت سلمان إلى أن «النزاهة»، و«الاستغناء»، و«الشجاعة»، و«تجديد الدوافع» كانت من أهم صفات الإعلامي الراحل التي استفادت منها بشكل شخصي، وتضيف: «لم يستنكف هذا الإعلامي الكبير من تحويل سيارته المرسيدس من سيارة ملاكي فاخرة إلى تاكسي أجرة، يعمل عليها لتوفير متطلبات أسرته عقب إبعاده عن الإذاعة في عام 1971، فقد يعيد تجديد ذاته، ويواجه الواقع بجسارة».
لكن أكثر ما لفت انتباه سلمان خلال تسجيل الحلقات هو «دموعه وتأثره أثناء حديثه عن شريكة حياته الإعلامية الراحلة أميمة كامل التي ساندته خلال مسيرته وأزماته».