عندما يحقق المدربون المؤقتون نجاحاً مبهراً

لم يكن كثيرون - بخلاف المسؤولين في أستون فيلا - قد سمعوا عن آرون دانكز قبل أن يتولى مسؤولية قيادة الفريق خلفاً لستيفن جيرارد. وبعد الهزيمة المؤلمة بثلاثية نظيفة أمام فولهام، تولى دانكز المسؤولية، ولم يكن أمامه سوى يومين فقط للاستعداد لمواجهة فريق آخر من غرب لندن. وقاد دانكز أستون فيلا للفوز على برينتفورد بأربعة أهداف دون رد، فيما يعد أحد أبرز الأمثلة على النتائج الجيدة التي حققها أي مدير فني جديد في الآونة الأخيرة.
وقال دانكز، في المؤتمر الصحافي بعد المباراة: «لقد كانت تجربة مثيرة حقاً. أنا مرهق ومنهك للغاية الآن لأنها كانت ثلاثة أيام صعبة حقاً». وانتهت ولايته في اليوم التالي مباشرة؛ حيث أعلن أستون فيلا عن تعيين أوناي إيمري كمدير فني دائم للفريق. والآن، يمكن لدانكز أن يرحل مرفوع الرأس بعدما حقق شيئاً مثيراً للإعجاب، رغم أن الفترة التي تولى خلالها قيادة الفريق كانت قصيرة للغاية.
ربما استوحى دانكز الإلهام من مدير فني آخر تولى قيادة أستون فيلا بشكل مؤقت أيضاً، وكان ذلك في عام 1982 عندما ترك رون سوندرز قيادة الفريق ليقود الفريق المنافس برمنغهام سيتي. ونظراً لأن سوندرز كان قد قاد أستون فيلا للفوز بلقب دوري الدرجة الأولى في الموسم السابق، فقد كان رحيله بمثابة صدمة عنيفة للغاية داخل النادي. وتولى رئيس قسم الكشافة بالنادي، توني بارتون، القيادة الفنية للفريق. وكما كان الحال مع دانكز، تولى بارتون قيادة فريق كان قد تعرض للتو لخسارة ثقيلة؛ حيث كان أستون فيلا قد خسر أمام مانشستر يونايتد بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في المباراة السابقة.
وعندما بدأ بارتون مهمته كمدير فني، كان أستون فيلا يحتل المركز الخامس عشر في جدول ترتيب الدوري، بالقرب من المراكز المؤدية للهبوط وبعيداً كل البعد عن المراكز المؤدية للمشاركة في البطولات الأوروبية. لكن بارتون قاد النادي لتحقيق نتائج رائعة تضمنت الوصول إلى الدور نصف النهائي لكأس أوروبا. وبمجرد وصول النادي إلى الدور نصف النهائي لمسابقة أوروبية لأول مرة في تاريخه، قرر النادي مكافأة بارتون بتعيينه مديراً فنياً دائماً للفريق، ووصل أستون فيلا إلى المباراة النهائية وفاز على بايرن ميونيخ بهدف دون رد من توقيع بيتر ويث.
ونجح روبرتو دي ماتيو أيضاً في الحصول على لقب دوري أبطال أوروبا بعد أن تم تعيينه مديراً فنياً مؤقتاً لتشيلسي عقب إقالة أندريه فيلاش بواش في مارس (آذار) 2012. كان تشيلسي يعاني بشكل واضح في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن دي ماتيو نجح في الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي بعد الفوز على ليفربول في المباراة النهائية، والفوز بلقب دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخ النادي بعد الفوز على بايرن ميونيخ في المباراة النهائية بركلات الترجيح. ونتيجة لذلك، وقع دي ماتيو عقداً جديداً لمدة عامين مع «البلوز»، لكنه أقيل من منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) التالي بعد الخسارة أمام يوفنتوس في دوري أبطال أوروبا.
لقد كانت الفترة القصيرة التي قضاها دانكز في أستون فيلا تعني أنه - لبضعة أيام على الأقل - كان هناك ثلاثة مديرين فنيين مؤقتين في الدوري الإنجليزي الممتاز. فقد كان غاري أونيل مسؤولاً عن قيادة بورنموث بشكل مؤقت بعدما تولى قيادة الفريق عقب الخسارة المذلة من ليفربول على ملعب آنفيلد بتسعة أهداف دون رد في الدوري الإنجليزي الممتاز في أواخر أغسطس (آب) الماضي. وقبل خسارتيه الأخيرتين بصعوبة أمام ساوثهامبتون ووستهام مؤخراً، كان بورنموث قد لعب ست مباريات من دون هزيمة، حقق خلالها الفوز مرتين والتعادل أربع مرات، وهي النتائج التي نقلت النادي إلى النصف العلوي من جدول الترتيب.
ولم ينجح ستيف ديفيس في أن يترك نفس التأثير الإيجابي عندما تولى قيادة وولفرهامبتون بشكل مؤقت بعد رحيل برونو لاغ. لكن بعد أن رفض العديد من المديرين الفنيين، بمَن فيهم يولين لوبيتيغي ومايكيل بيل، تولي قيادة الفريق، حصل ديفيس ومساعده جيمس كولينز على ثقة من رئيس وولفرهامبتون، جيف شي، الذي قال: «لدينا ثقة كاملة بقدرتهما على الاستمرار في قيادة الفريق حتى فترة التوقف بسبب إقامة كأس العالم والعام الجديد».
ومع ذلك، يُعد ماريو زاغالو من دون أدنى شك هو أنجح مدير فني مؤقت في تاريخ كرة القدم. ففي مارس 1970، قرر الاتحاد البرازيلي لكرة القدم إقالة المدير الفني جواو سالدانها، قبل أشهر قليلة من انطلاق كأس العالم في المكسيك. كان سالدانها قد قاد البرازيل للتأهل إلى المونديال بسهولة – حقق الفوز في جميع المباريات الست في التصفيات، وسجل المنتخب البرازيلي 23 هدفاً ولم يستقبل سوى هدفين – لذلك، لم تكن إقالته تتعلق بالنتائج والمستويات التي كان يقدمها المنتخب البرازيلي بقدر ما كانت تتعلق بالسياسة والمشكلات الشخصية.
كان سالدانها قد اتجه للعمل كصحافي بعد اعتزاله كرة القدم، ولم يكن خائفاً من الدخول في صدام مع زملائه السابقين. وفي مرحلة ما، سعى إلى تسوية خلاف مع زميل صحافي سابق بمسدس محشو. واعتقد الاتحاد البرازيلي لكرة القدم أن تعيين صحافي مديراً فنياً للمنتخب البرازيلي سيجعل الكتاب الآخرين أقل انتقاداً للفريق، لكن لم ينجح هذا الأمر إلا إلى حد معين. ولم تكن معتقدات سالدانها الشيوعية تتفق بشكل جيد مع الديكتاتور العسكري اليميني إميليو غارستازو ميديسي، الذي كان يسعى لاستغلال كرة القدم لإذكاء الشعور الوطني بالفخر والكبرياء. كما دخل المدير الفني في خلافات مع مساعده - الذي قال إنه من المستحيل أن يعمل معه - وتجرأ على استبعاد بيليه من الفريق مدعياً أن بصر اللاعب كان يتدهور.
لم يكن زاغالو، الذي فاز بكأس العالم كلاعب عامي 1958 و1962 إلى جانب بيليه، الخيار الأول ليحل محل سالدانها، لكنه حصل على المنصب في نهاية المطاف. كان زاغالو يتولى القيادة الفنية لنادي بوتافوغو منذ عام 1966، ولم تكن لديه خبرة كبيرة في كرة القدم على مستوى المنتخبات، رغم عمله لبعض الوقت كمدرب للمنتخب الوطني.
لم يتردد زاغالو في إعادة زميله السابق بيليه إلى الفريق، كما غير طريقة 4 - 2 - 4 التي كان يعتمد عليها سالدانها، وفضل الاعتماد على طريقة 4 - 5 - 1 التي سمحت للاعبين باللعب بمزيد من الحرية. احتفل كل من توستاو وغيرسون وجيرزينيو بالشكل الجديد، وأصبح يُنظر إلى منتخب البرازيل في مونديال 1970 على أنه أفضل فريق في كأس العالم على الإطلاق. ولا يزال الانتصار الكبير بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد على إيطاليا في المباراة النهائية يُنظر إليه على أنه أفضل انتصار على الساحة الدولية. وبذلك، فاز منتخب البرازيل بكأس العالم للمرة الثالثة خلال أربع بطولات، وهو ما ضمن له الاحتفاظ بكأس جول ريميه إلى الأبد. وبعد هذا الإنجاز تولى زاغالو، الذي أصبح أول من يفوز بكأس العالم كلاعب وكمدرب، مديراً فنياً للمنتخب البرازيلي بشكل دائم.
ومع رحيل دانكز بعد مباراة واحدة فقط على رأس القيادة الفنية لأستون فيلا، يبقى أن نرى إلى متى سيستمر ديفيس أو أونيل. من غير المرجح أن يحققا ما حققه أسلافهما اللامعون في منصب المدير الفني المؤقت، لكن في بعض الأحيان يكون المدير الفني الجديد بحاجة إلى مثل هذه الفرصة لكي يثبت أنه مدير فني جيد ويستحق العمل بشكل دائم!