أخطاء مغواير تزيد الضغط على ساوثغيت «العنيد» قبل السفر لمونديال قطر

قدمت إنجلترا نسخة كارثية في دوري الأمم الأوروبية، بخسارتها ثلاث مرات وتعادلها في مثلها لتهبط إلى المستوى الثاني بسجل هو الأسوأ للمنتخب منذ مونديال 1966، لكن الانتفاضة أمام ألمانيا بالجولة الأخيرة خلال التعادل المثير 3 - 3 وتقديم 20 دقيقة قمة الإثارة ربما يعطيان مؤشراً إيجابياً للمدرب غاريث ساوثغيت رغم أخطاء الدفاع الفادحة.
وفي مجموعة خطف فيها المنتخب الإيطالي، الذي لم يفلح في التأهل لمونديال قطر 2022، بطاقة نصف نهائي دوري الأمم بعد فوزه على المجر 2 - صفر، أنهت إنجلترا مشوارها في المركز الأخير، وحلت ألمانيا ثالثة لتنجو من الهبوط، بينما أظهرت المجر الوصيفة أنها تملك من القوة ما يمكن أن يهدد عمالقة القارة.
لم تقدم إنجلترا خلال المباريات الست بدوري الأمم الأداء المقنع الذي يضعها ضمن المصنفين للمنافسة على كأس العالم المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ولا حتى تكرار ما حققته في مونديال روسيا 2018 حين انتزعت المركز الرابع. ساوثغيت يرى أن الـ20 دقيقة الأخيرة من مواجهة ألمانيا وقلب التأخر بهدفين إلى تعادل 3 - 3 مؤشر جيد على أن هناك إيجابيات في الفريق الذي يبدو أنه سيتوجه إلى كأس العالم وهو غارق في أزمة ثقة متصاعدة.
ورغم طفرة إنجلترا في السنوات الأخيرة مع ساوثغيت، عقب الوصول لقبل نهائي كأس العالم في روسيا ونهائي كأس أمم أوروبا العام الماضي، ما زال المدرب يرى أنه الرجل المناسب لتحقيق إنجاز مع المنتخب رغم الضغوط التي زادت عليه من الجماهير ووسائل الإعلام بعد سلسلة نتائج سيئة، شملت هزيمتين من المجر إحداهما مذلة في ملعب ويمبلي بنتيجة 4 - صفر. ولم تستفق إنجلترا من صدمة خسارة نهائي بطولة أوروبا على أرضها من إيطاليا العام الماضي، وستستمر شكوك «عودة الكأس إلى بيتها» مع اعتماد المدير الفني فقط على فاعلية المهاجم هاري كين وتمسكه بالمدافع هاري مغواير رغم الأخطاء المتكررة، وآخرها تسببه في هدفين من ثلاثية ألمانيا.
ويؤكد ساوثغيت على أن طريقته التي قادت إنجلترا لرابع مونديال روسيا ووصافة بطل كأس أوروبا لم تتغير، لكن في الواقع يبدو المشهد مختلفاً حيث افتقد الفريق تماسكه وقلت فاعليته الهجومية، جراء تغييرات على التشكيلة. واستبعد ساوثغيت كلاً من جناحي مانشستر يونايتد جايدو سانشو (المتألق مع فريقه بالموسم الجديد) وماركوس راشفورد، وكذلك مدافع ليفربول ترنت ألكساندر أرنولد، رغم أن هذا الثلاثي كان ينظر إليه على المستقبل المشرق لجيل جديد واعد بالكرة الإنجليزية. بينما ظل وفياً لمجموعة أخرى رغم تراجع مستواها وخروجها من تشكيلة فرقها الأساسية مثل هاري مغواير الذي فقد مكانه مع مانشستر يونايتد.
يرى المراقبون أن أخطاء ساوثغيت تتركز في كثرة تغييراته بالتشكيلة الأساسية ودعوته للاعبين كثر للتجريب، وهو ما أخل بصلابة الفريق الذي كان نموذجاً في مونديال روسيا الماضي. اتهم البعض ساوثغيت بأنه يدير المنتخب الأول بعقلية مدرب فريق الشباب الذي كان يشرف عليه قبل تولي مهمة المدير الفني للكبار، وأن ما كان يصلح بتجريب الوجوه الشابة مع الصغار لا يمكن اعتماده في المنتخب الأول الذي يحتاج للاعب الجاهز صاحب الخبرة والقادر على تغيير النتائج وصنع الفارق. لكن ساوثغيت اعتاد في كل توقف دولي على دعوة 4 أو 5 وجوه جديدة فبات قوام منتخب إنجلترا يزيد على 40 لاعباً دولياً في وقت كان المطلوب منه التركيز على 25 لاعباً.
هناك الكثير من الأسئلة التي يجب على ساوثغيت الإجابة عليها، وبالتحديد لماذا الإصرار على الدفع بمغواير بطيء الإيقاع والمشتت ذهنياً بعد موسمه الماضي المخيب مع فريقه مانشستر يونايتد.


أخطاء مغواير المتكررة باتت حملاً ثقيلاً على المنتخب (رويترز)

لم يكن إطلاق بعض المشجعين صيحات الاستهجان عند الإعلان عن اسم مغواير في التشكيلة الأساسية قبل انطلاق المباراة ضد ألمانيا من فراغ، فالجميع يرى أنه بات الحلقة الأضعف في الدفاع ليس فقط في المنتخب بل أيضاً في مانشستر يونايتد.
وبعد العرض المتواضع المليء بالأخطاء في التعادل 3 - 3 مع ألمانيا، هناك كثير من الشك حول ما إذا كان ساوثغيت على استعداد لمنحه فرصة أخرى في كأس العالم المقبلة. لقد تسبب مغواير في الهدف الأول لألمانيا في بداية الشوط الثاني عندما فرط في الكرة لصالح جمال موسيالا، ثم أسقط اللاعب الألماني داخل منطقة الجزاء ليحتسب الحكم ركلة جزاء نفذها إيلكاي غندوغان بنجاح. ثم خسر مغواير الكرة مرة جديدة عندما كان يحاول التقدم لمنتصف ملعب الخصم لتنطلق ألمانيا بهجمة مرتدة انتهت بهدف لكاي هافرتس.
وانتفضت إنجلترا لتتقدم 3 - 2 قبل أن يتسبب خطأ الحارس نيك بوب في إدراك ألمانيا التعادل.
لكن حتى التعادل المعنوي لن يصرف الانتباه عن الجدل الدائر حول مغواير مع اقتراب كأس العالم. ويدافع ساوثغيت عن مغواير الذي منحه الفرصة في جميع المباريات الـ47 التي خاضها دولياً وكان سبباً في نقله من ليستر إلى مانشستر يونايتد، قائلاً: «هاري رجل ارتقى إلى مسار مختلف. كانت إنجلترا مسيرته المهنية من نواح كثيرة. كان قطعة أساسية من كتيبتنا في كأس العالم 2018 وكأس أمم أوروبا العام الماضي». وأضاف: «أعلم أن الجميع سيركز على مغواير، لكن كانت هناك لحظات مهمة للغاية قدمها خلال المباراتين. سيؤدي هذا إلى إثارة الجدل، لكن أعتقد أنه في هذه اللحظات يجب أن ندعم أفضل اللاعبين لدينا وأكثرهم خبرة، إلا إذا كنا في موقف يصعب فيه اختيارهم».
وربما يصبح وجود مغواير غير مقبول قريباً، إذ إنه بالنظر إلى مستواه الحالي فربما لن يعود لتشكيلة يونايتد الأساسية قبل اختيار ساوثغيت المجموعة التي ستسافر إلى قطر.
ويعتمد ساوثغيت على حقيقة أن مغواير ساهم في وصول إنجلترا إلى الدور قبل النهائي لكأس العالم 2018، ونهائي بطولة أوروبا 2020، لكن أداء اللاعب البالغ عمره 29 عاماً أمام ألمانيا، ومن قبل في الخسارة 1 - صفر أمام إيطاليا الأسبوع الماضي، كان دليلاً على أنه يعاني من فقدان الثقة والبعد عن المستوى.
وأشار كريس ساتون مهاجم إنجلترا السابق إلى أن ساوثغيت مخلص للاعبين الذين لم يخذلوه في الماضي. لكن المشكلة الأكبر إذا لم يلعبوا كثيرا مع فرقهم في الشهرين المقبلين». وتابع: «ستكون مشكلة كبيرة قبل خوض المباراة الأولى (في قطر). إنها مخاطرة كبيرة وربما مخاطرة من الصعب تحمل عواقبها».
ويقول ساوثغيت: «كان ينبغي أن نكون متقدمين بالفرص التي صنعناها، وفجأة تأخرنا 2 - صفر، وكنا أمام لحظة صعبة. لكن الجماهير بقيت معنا، ثم تحول الأمر عندما سجلنا الأهداف، وتذكرنا جميعاً شعورنا عند هز الشباك، لذلك هناك الكثير لنتعلمه، لكننا تلقينا ضربة في نهاية المباراة، وهذا هو ما يحدث لنا، والنتائج السلبية أحياناً تغطي على الإيجابيات».
وكشف ساوثغيت على أن اللاعبين عقدوا اجتماعاً فيما بينهم الأسبوع الماضي للحديث عن الأمور التي لم تكن على ما يرام في الآونة الأخيرة، لأن العديد منهم لم يسبق لهم المرور بمثل هذه الفترة السيئة مع المنتخب، لكن إنجلترا ليست وحدها التي تعاني في هذا التوقيت (في إشارة إلى ألمانيا أيضاً). حيث فازت ألمانيا مرة واحدة فقط في آخر سبع مباريات.
وأضاف مدرب إنجلترا: «الجميع واجهوا التحدي نفسه وهي فترة غريبة حقاً لأن العديد من الفرق تعاني في الوقت الحالي، أفضل الفرق في العالم تحتاج إلى قادة بارزين ونواة حقيقية من اللاعبين الذين يقودون الأمور. نتعلم جميعاً معاً، وفي هذه اللحظات علينا أن نلتزم بما نقوم به. لم نكن لنمزق ما صنعناه، ونجري ثمانية تغييرات ونبدأ في نسيان كل شيء، لأننا نؤمن بما نقوم به».
والسؤال الذي بات يقلق جماهير إنجلترا، حاملة اللقب العالمي 1966، والوحيد الكبير بسجلها، هل منتخب ساوثغيت الحالي قادر على عبور المجموعة التي تضم إيران والولايات المتحدة وويلز في كأس العالم؟.