خورخي مينديز... حارس بوابة البرتغال الكروية

لا تزال أبواب ملهى ألفانديغا الليلي مفتوحة، حتى لو ارتقى أحد مالكيه السابقين إلى مكانة أكبر. يقع الملهى الليلي في وسط مدينة كامينيا على الحدود البرتغالية مع شمال إسبانيا، وقد استوحى إنشاءه في عام 1989 من رحلة إلى مدينة إيبيزا في الصيف الماضي. وقال أحد مؤسسيه، مورايس فييرا في مقابلة مع إحدى الصحف المحلية عام 2014: «ما فعلناه هو إنشاء مساحة مبتكرة وطريقة جديدة لاستكشاف الليل من خلال دعوة الشخصيات العامة والعاملين في التلفزيون وعارضات الأزياء ليكونوا عند الباب لإضفاء الحيوية على الديسكو».
وفي إحدى الليالي بملهى «ألفانديغا» - الذي يعني «العادات والتقاليد» باللغة الإنجليزية - التقى خورخي مينديز بنونو إسبيريتو سانتو، الذي أصبح بعد ذلك مديراً فنياً لوولفرهامبتون وتوتنهام، والذي أصبح فيما بعد أول عميل رئيسي لمينديز. كان مينديز حينها رجل أعمال يبلغ من العمر 30 عاماً وكان يدير أيضاً متجراً للفيديو، لكنه استغل فرصة لقائه مع حارس المرمى الشاب في الملهى الليلي الذي يشارك في ملكيته، وسرعان ما أصبح أقوى وكيل أعمال للاعبين في العالم.
يتذكر نونو، الذي كان محبطاً أثناء محاولاته الرحيل عن نادي فيتوريا غيماريش، في مقابلة صحافية مع صحيفة «الغارديان» في عام 2016، كيف انتهت خطته مع مينديز، التي تضمنت التظاهر بأنه كان مخموراً أمام رئيس نادي فيتوريا غيماريش، أنطونيو بيمنتا ماتشادو، بالانتقال إلى ديبورتيفو لا كورونا. ونحن نعرف جميعاً ما حدث بعد ذلك.
وتضم وكالة «غيستيفوت»، التي أنشأها مينديز بعد أسابيع قليلة من انتقال نونو عام 1997، كلاً من النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو والمدير الفني الشهير جوزيه مورينيو بين عملائها، وتشير تقارير إلى أنها تفاوضت على عقود تزيد قيمتها كثيراً على مليار جنيه إسترليني، وتحصل على عمولات لا تقل عن 100 مليون جنيه إسترليني كل عام منذ عام 2015. وفي فترة الانتقالات التي شهدت مستويات قياسية من الإنفاق من قبل أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، كان هذا الصيف مربحاً بشكل خاص لمينديز، على الرغم من فشله في تأمين رحيل كريستيانو رونالدو عن مانشستر يونايتد.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، حصل مينديز على عمولة كبيرة لإشرافه على الصفقة القياسية لانتقال المهاجم الأوروغوياني داروين نونيز من بنفيكا إلى ليفربول مقابل 85 مليون جنيه إسترليني - بعد شهرين فقط من تخلي نونيز عن وكيل أعماله الأصلي، إدغاردو لاسالفيا. كما شارك مينديز أيضاً في صفقة انتقال جواو بالينها إلى فولهام من سبورتنغ لشبونة مقابل 20 مليون جنيه إسترليني بعد بضعة أسابيع، على الرغم من التأخير بعد خلاف مع ممثل بالينها الإسباني، هيرنان ريغويرا، حول الرسوم التي يجب أن يحصل عليها وكيل الأعمال الشهير.
ووفقاً للتقارير الواردة في البرتغال، حصل مينديز أيضاً على نسبة 10 في المائة من الصفقة التي وصلت قيمتها إلى 35 مليون يورو والتي انتقل بموجبها فابيو فييرا من بورتو إلى آرسنال، ونسبة من انتقال فيتينيا مقابل 40 مليون يورو من بورتو إلى باريس سان جيرمان، لترتفع عمولته الإجمالية إلى 13.5 مليون يورو. وقالت تقارير إن ما تبقى من هذا المبلغ جاء نتيجة اتفاق مع مسؤولي بورتو يقضي بأنه في حال بيع اللاعب بأكثر من 30 مليون يورو، فإن مينديز سيحصل على نصف المبلغ الإضافي. يقول بيبو روسو، عالم الاجتماع بجامعة فلورنسا والمتخصص في شؤون كرة القدم: «في البرتغال، مينديز هو حارس البوابة حقاً - فأي صفقة انتقال تتعلق بلاعبي الأندية الثلاثة الكبرى تتم بواسطة خورخي مينديز. لا ينتقل أي لاعب من دون وساطته، خصوصاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز.
ربما كان هذا الصيف هو الأهم في مسيرته المهنية كوكيل أعمال للاعبين - لقد شارك في كثير من صفقات الانتقال. إنه بالفعل في كل مكان بالوقت الحالي».
وكانت صفقة انتقال روبن فيناغر إلى إيفرتون على سبيل الإعارة في نهاية يوليو (تموز) الماضي، من سبورتنغ لشبونة مثالاً بارزاً على كيفية عمل شبكة مينديز. وكان المدافع البرتغالي البالغ من العمر 23 عاماً - والذي يمثله رسمياً مساعد مينديز، خورخي بيريس - قد قضى فترتين في فريق الشباب بنادي سبورتنغ لشبونة قبل انتقاله إلى موناكو في صيف عام 2014. ومن المعروف أن مالك موناكو منذ عام 2011، رجل الأعمال الروسي ديمتري ريبولوفليف، مقرب للغاية من مينديز. بقي فيناغر في موناكو لمدة موسمين قبل أن يتم بيعه إلى وولفرهامبتون، الذي يشغل به مينديز دوراً استشارياً، كما أنه مقرب للغاية من مالك النادي، الصيني فوسون. وكانت المحطة التالية في مسيرة فيناغر هي أولمبياكوس، المملوك مثل نوتنغهام فورست لإيفانغيلوس ماريناكيس. ويتمتع قطب الإعلام والشحن بعلاقة قوية مع مينديز، الذي أشرف أيضاً على صفقة انتقال رينان لودي من أتليتكو مدريد إلى نوتنغهام فورست على سبيل الإعارة الأسبوع الماضي.
وأمضى فيناغر أربعة أشهر فقط في اليونان، ثم انتقل إلى فريق فاماليكاو البرتغالي في يناير (كانون الثاني) 2021، بعد أن شارك في أربع مباريات فقط بسبب غيابه عن الملاعب لبعض الوقت بسبب الإصابة. يذكر أن نادي فاماليكاو مملوك لرجل الأعمال الإسرائيلي عيدان عوفر، الذي لديه علاقات وثيقة أيضاً بمينديز، كما أنه أكبر مساهم في نادي أتليتكو.
انتقل فيناغر مرة أخرى، حيث عاد إلى سبورتنغ لشبونة على سبيل الإعارة في صفقة تضمنت شرطاً أن يدفع النادي البرتغالي 10 ملايين يورو مقابل 50 في المائة من حقوقه الاقتصادية إذا وصل إلى دور الستة عشر في دوري أبطال أوروبا. وبعد 18 مباراة فقط، وبالتحديد في الأول من يوليو (تموز)، أكمل فيناغر انتقاله بشكل دائم إلى النادي الذي بدأ معه مسيرته الكروية عندما كان مراهقاً. وبعد أقل من أربعة أسابيع، ضم إيفرتون - الذي عيّن الرئيس السابق للجنة التعاقدات بنادي وولفرهامبتون، كيفن ثيلويل، مديراً رياضياً في فبراير (شباط) - فيناغر لمدة موسم على سبيل الإعارة مع وضع بند في عقد اللاعب يسمح للنادي بضمه بشكل نهائي. ولم يشارك فيناغر في التشكيلة الأساسية لإيفرتون في أي مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، ويمر الفريق بصعوبات كبيرة تحت قيادة المدير الفني فرنك لامبارد.
يقول روسو: «يتمتع إيفرتون بعلاقات جيدة مع مينديز، وأصبح مؤثراً بشكل مزداد في الدوري الإنجليزي الممتاز. كان هناك وقت كان فيه انطباع بأن مينديز بدأ يفقد مكانته مع بعض من أكبر الأندية. لكنه الآن أعاد بناء علاقته بكثير من هذه الأندية الكبيرة، ويعمل الآن على زيادة علاقاته مع الأندية الأخرى، مثل باريس سان جيرمان. وخطوة بخطوة، فإنه يعيد بناء شبكة قوته التي تأثرت بالتقارير التي سربها موقع فوتبول ليكس للتسريبات، وغيرها من التحقيقات».