عبد السلام يندد بمحاكمة «غير عادلة» في قضية اعتداءات بروكسل

رفض الفرنسي صلاح عبد السلام؛ المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة في فرنسا لضلوعه في «هجمات باريس» عام 2015، المثول أمام المحكمة، الاثنين، في بروكسل بمستهل جلسات محاكمته لدوره في اعتداءات نفذتها الخلية الإرهابية نفسها في العاصمة البلجيكية في مارس (آذار) عام 2016.
اقتيد المتشدد الفرنسي البالغ من العمر 32 عاماً؛ وهو أحد 10 متهمين في هذه المحاكمة، من زنزانته فيما هو لا يعتزم المثول أمام هذه المحكمة بحسب محاميه. بعد دقائق على افتتاح الجلسة في نحو الساعة 9:30 (7:30 بتوقيت غرينتش)، عبر عن رغبته في مغادرة قفص الاتهام، كما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وقال متوجهاً إلى رئيسة المحكمة: «طريقة معاملتك لنا غير عادلة».كان يشير إلى شروط المثول في «أقفاص» اتهام فردية مغلقة وخلف زجاج شبهها محامو الدفاع بـ«أقفاص» وهي تحد فرص التواصل؛ بحسب قولهم. صباح أمس الاثنين اقتيد المتهمون التسعة الذين يفترض أن يمثلوا أمام المحكمة من السجن وهم يواجهون اتهامات بالإرهاب. لكن العديد منهم سرعان ما انتقدوا هذه «الأقفاص» بعد حضورهم أمام المحكمة.
وأدت هجمات بروكسل التي نفذها 3 انتحاريين في مطار بروكسل وفي محطة مترو أنفاق مكتظة، إلى مقتل 32 شخصاً وجرح المئات. وسيُحاكم مشتبه فيه عاشر، يُعتقد أنه قُتل بمعارك في سوريا، غيابياً. وقال التونسي سفيان عياري المتواطئ في هروب عبد السلام: «نحن كالكلاب هنا». بعدما كان أعرب في بادئ الأمر عن رغبته في البقاء، غيّر صلاح عبد السلام رأيه عندما رأى أن محمد عبريني وسفيان عياري وآخرين من المتهمين يتم اقتيادهم. وقال للرئيسة: «أعلم أنه ليس قرارك... هذه الصناديق»، لكن بسبب ذلك «تبدأ المحاكمة بطريقة عادلة». وأضاف أن «غالبية المتهمين لا يريدون المثول، وأنا أيضاً أريد الانضمام إليهم» في زنزانات مبنى العدل. وافق 3 متهمين فقط على البقاء. صباح 22 مارس 2016، فجر متشددان نفسيهما في «مطار بروكسل - زافنتيم الدولي»، وفجر ثالث نفسه بعد ساعة في مترو العاصمة الأوروبية، وكانت الحصيلة 32 قتيلاً وأكثر من 340 جريحاً. في هذه المرحلة أحصت النيابة الفيدرالية 960 مدعياً بالحق المدني، مما يجعل هذه أكبر محاكمة على الإطلاق تنظم في بلجيكا أمام هيئة محلفين شعبية. وكشف التحقيق بسرعة؛ لا سيما بفضل جهاز كومبيوتر تم العثور عليه في سلة مهملات، عن أن منفذي هجمات 22 مارس كانوا على صلة بمنفذي «اعتداءات 13 نوفمبر (تشرين الثاني)» (130 قتيلاً في باريس وسان دوني)، وأعضاء في الخلية نفسها التابعة لتنظيم «داعش» والتي تشكل قسم كبير منها على الأراضي البلجيكية.
يبدو أن اعتقال عبد السلام في 18 مارس 2016 في بروكسل هو الذي سرّع انتقال أعضاء الخلية الآخرين إلى التنفيذ. في هذه المحاكمة التي تجرى في مقر «حلف شمال الأطلسي» السابق في بروكسل والذي تحول إلى مجمع قضائي كبير، لن تبدأ المداولات إلا في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. لكن جلسة تمهيدية كان يفترض أن تحل الاثنين مختلف النقاط الإجرائية؛ لا سيما تحديد ترتيب مثول الشهود الذين سيتوالون على المحكمة، وصولاً حتى يونيو (حزيران) 2023. وبشأن أقفاص الاتهام، عبر محامي محمد عبريني (رجل القبعة) الذي ترك عربة المتفجرات في المطار قبل أن يفر، عن «اشمئزازه». وقال ستانيسلاس أشكينازي: «سيدتي الرئيسة، لا يمكننا إجراء محاكمة في هذه الظروف. دمري هذا الشيء من أجلي. لا تتقبلي هذا الأمر. لديك السلطة لهدمه، فاهدموه». كان يفترض أن تدافع النيابة الفيدرالية في المقابل عن نصب هذه الهياكل، وتعدّها مبررة لأسباب أمنية.
في بروكسل، هناك 6 من المتهمين العشرة؛ بينهم عبد السلام وعبريني وعياري وأسامة كريّم (الذي عاد أدراجه مع متفجراته بعد دخوله المترو) معنيون بالمحاكمة الطويلة التي انتهت في نهاية يونيو في باريس بتهم «اعتداءات 13 نوفمبر». كلهم باستثناء واحد سيكون عليهم الرد على تهمة «القتل في إطار إرهابي» ويواجهون عقوبة «السجن مدى الحياة». ويحاكم البلجيكي - المغربي إبراهيم فريسي بتهمة «المشاركة في أنشطة مجموعة إرهابية» ويواجه عقوبة تصل إلى السجن 10 سنوات؛ بحسب أحد محاميه.
في مواجهة المتهمين، يعدّ الضحايا المحاكمة محطة مهمة في إطار عملية خروجهم من معاناتهم. وقال المسعف المتطوع فيليب فاندنبرغ؛ أحد هذه الأطراف المدعية الذي لا يزال يعاني من تبعات الصدمة ومن كوابيس بعد 6 سنوات على وقوع الهجمات: «حياتي دمرت بالكامل، وخسرت أصدقائي وهوايتي طياراً». وأضاف: «نأمل أن يتم الاعتراف بمعاناتنا، وأن يشكل ذلك بداية أمر آخر».
وأفادت وكالة الأنباء البلجيكية «بيلجا» بأن 8 من المشتبه فيهم متهمون بجرائم قتل إرهابية والشروع في جرائم قتل إرهابية والمشاركة في أنشطة منظمة إرهابية، فيما يتهم التاسع فقط بالجريمة الأخيرة. وسيحاكم شخص واحد غيابياً ويفترض أنه مات في سوريا.
وكان 9 من المدعى عليهم حاضرين في افتتاح الجلسة، قبل أن تقرر الأغلبية العودة إلى زنزاناتهم وعدم الحضور.