كريس إيفرت: كنت خائفة جداً من السرطان... وأقول للجميع كونوا على دراية بتاريخكم الوراثي

تقول كريس إيفرت وهي تتذكر انتظار نتائج التشخيص الثاني لإصابتها بالسرطان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي «لقد كانت أطول أربعة أيام في حياتي». وكانت إيفرت، التي فازت بـ18 لقباً في البطولات الأربع الكبرى للتنس (الغراند سلام) خلال الفترة بين عامي 1974 و1986، قد خضعت للتو لعملية جراحية لاستئصال سرطان في المبيض، ثم خضعت لاختبار جديد لمعرفة ما إذا كان السرطان قد انتشر في أماكن أخرى أم لا، أو كما تقول «على طول الطريق إلى العقد الليمفاوية المتصلة بأعضائي التناسلية. وإذا كانت نتيجة اختبار العقد الليمفاوية إيجابية، كان ذلك سيعني أنني دخلت في المرحلة الثالثة أو الرابعة. نوع السرطان الذي أعاني منه، وهو سرطان المبيض، هو نوع من أنواع السرطان الماكر والمخادع للغاية، حيث لا توجد علامات كثيرة على إصابتك به. وعندما تكتشفين أنك مصابة بسرطان المبيض، فعادة ما تكونين في المرحلة الثالثة أو الرابعة؛ وهو ما يعني انتشار المرض بشكل كبير».

كريس إيفرت... حياة مليئة بالصعوبات والنجاحات الكبيرة (غيتي)

وكانت إيفرت، البالغة من العمر 67 عاماً، وجهاً مألوفاً في وسائل الإعلام لفترة طويلة، أولاً كلاعبة تنس رائعة ثم كمذيعة في تغطية مباريات التنس؛ وهو الأمر الذي يجعل المرء يشعر بالصدمة عند سماع أنها كانت تواجه خطر الموت. وكانت إيفرت تتمتع دائماً بقوة شخصيتها ورباطة جأشها داخل الملعب، ولم تتأثر بالأضواء والشهرة حتى عندما اشتهرت لأول مرة بعد وصولها إلى نصف نهائي بطولة أميركا المفتوحة للتنس عام 1971 وهي في السادسة عشرة من عمرها، لكنها كانت مرتبكة بعض الشيء عندما طلبت منها أن تصف مشاعرها أثناء انتظار نتائج الاختبار.
وتقول «شعرت بقلق شديد لأن الأمر كان خارجاً عن إرادتي. صليت كثيراً، وصليت من أجل أختي (جين، التي توفيت عام 2020 بعد معركة مروعة مع سرطان المبيض أيضاً). لقد صُدمت أيضاً، وكنت مرتبكة للغاية كما لو كنت وسط ضباب، وكنت خائفة جداً».
كانت إيفرت قريبة للغاية من أختها وشهدت سنوات معاناتها، وبالتالي كانت هذه الذكريات تسيطر عليها تماماً خلال الأيام الأربعة لانتظار نتائج الاختبار. تقول إيفرت «لقد فكرت كثيراً في جين، وكان الأمر مخيفاً أن أعرف ما ستكون عليه الرحلة المقبلة بالنسبة لي لو تم تشخيص حالتي على أنني في المرحلة الرابعة، فقد كان ذلك مخيفاً أكثر من الموت نفسه. لقد رأيتها وهي تضع الكثير من الأدوات الطبية على صدرها، والإبر في ذراعيها، كما رأيتها أيضاً وهي تتناول أدوية تجريبية بعد حصولها على العلاج الكيماوي. لقد أصابها ذلك بإعياء شديد، وكان وزنها 80 رطلاً (نحو 36 كيلوغراماً) عندما ماتت. مشاهدتها وهي تمر بكل هذا أصابني بالرعب خلال تلك الأيام الأربعة. في بعض الأحيان يتعين عليك الاستسلام وتقبل الأمر الواقع إذا لم يكن باستطاعتك تغييره».
تنظر إيفرت بارتياح وتقول مبتسمة «لكنني كنت واضحة. قالوا لي إنني في حاجة إلى ست جلسات من العلاج الكيميائي؛ لذا فقد أعلنت عن إصابتي بالمرض (قبل بطولة أستراليا المفتوحة في يناير/كانون الثاني). لقد أخبرت بالجميع بأنني مصابة بسرطان المبيض في المرحلة الأولى وأنني أخضع للعلاج الكيميائي، وأن الأطباء يقولون، إن هناك فرصة تتراوح بين 90 و95 في المائة لعدم عودة السرطان مرة أخرى. يجب ألا أشتكي أبداً من أي شيء آخر في الحياة بعد تلك التجربة الصعبة».
وخلال المقابلات الصحافية الطويلة، فإنني عادة ما أدوّن الموضوعات الصعبة لوقت لاحق؛ لكن الأمر كان مختلفاً تماماً مع إيفرت، فقد بدأت هذه المقابلة عن إصابتها بالسرطان؛ وهو ما يُظهر رغبة إيفرت في الحديث عن هذا المرض اللعين، بالإضافة إلى رغبتها في تنمية الوعي بهذا المرض. تقول المصنفة الأولى عالمياً في التنس سابقاً «بعد عامين من وفاة جين تلقيت اتصالاً من عالم الوراثة الذي قام بتخزين دمها. لقد أخبرني بأنه قد ظهر متغير جديد، وأن جين كان لديها جين ذو أهمية غير مؤكدة. لقد أجروا اختباراً على هذا الجين واكتشفوا أنه عرضة للإصابة بسرطان الثدي أو سرطان المبيض؛ لذلك أخبروني بأنه يتعين عليّ أن أخضع لاختبار على الفور. وجاءت عينة الاختبار إيجابية؛ لذلك قال طبيبتي إنه يجب استئصال الرحم على الفور. كان ذلك مجرد إجراء احترازي لأنني كنت أشعر بأنني بصحة جيدة. لقد وجدوا سرطاناً في قناة فالوب وفي مبيض واحد، وفي السائل المحيط بأعضائي التناسلية».

رادوكانو نجمة التنس العالمية ينتظرها مستقبل باهر في اللعبة (أ.ف.ب)

وتضيف «لولا موت جين لما كنت على قيد الحياة الآن؛ لذلك أريد أن أتحدث علانية عن الاختبارات الجينية - ليس فقط لسرطان المبيض ولكن لأمراض القلب والسكري وكل شيء. كونوا على دراية بتاريخكم الوراثي، وإذا شعرتم بأي شيء مختلف في أجسامكم لمدة ثلاثة أيام، فيتعين عليك استشارة الطبيب. لا تنتظروا ثلاثة أشهر».
ودعمت إيفرت الجمعية الخيرة لمكافحة السرطان التابعة لاتحاد لاعبات التنس المحترفات حتى قبل تشخيصها، وهي فخورة بأن صندوقاً بحثياً جديداً، بدعم من اتحاد لاعبات التنس المحترفات، قد تم تسميته على اسم شقيقتها. كما أن تعرضها للإصابة بالسرطان جعلها تتحدث بصراحة شديدة عن الحياة. وأعربت إيفرت عن دهشتها عندما أخبرتها أنه قد مرّ الآن 51 عاماً على تحقيقها إنجازاً لا ينسى في نيويورك، قائلة «يا إلهي!».
وكانت إيفرت قد تألقت بشكل لافت للأنظار في بطولة أميركا المفتوحة للتنس في عام 1971، عندما فازت على لاعبات مشهورات، قبل أن تخسر أمام بيلي جين كينغ في الدور نصف النهائي. كان هناك استياء في غرفة خلع الملابس تجاه إيفرت، التي ظهرت فجأة على غلاف مجلة نيوزويك، وشرحت كيف دافعت كينغ عنها. تقول إيفرت عن كينغ «قالت لهم إن كريس سوف تجلب المزيد من المال للتنس وسوف تضع الأموال في جيوبكم. أيضاً، كيف يمكنكم أن تتصرفوا بهذه الوضاعة مع فتاة بريئة تبلغ من العمر 16 عاماً؟ لقد وضعت بيلي جين كينغ الأمور في نصابها الصحيح. لقد شعرت بالوحدة، لكن أمي سافرت معي، وبعد المباريات كنت أعود إلى غرفتي لكي أكتب واجبي المدرسي».
وفي العام الماضي، شاهدت إيفرت إيما رادوكانو وهي تحقق شيئاً أكثر روعة عندما فازت ببطولة أميركا المفتوحة للتنس، في إنجاز تاريخي مذهل في الظهور الأول للاعبة البالغة من العمر 18 عاماً، وكذلك لليلى فرنانديز، التي أكملت عامها التاسع عشر قبل أيام فقط من المباراة النهائية الرائعة.
وقالت إيفرت عندما ذكرت اسم فرنانديز «شكراً لك! لقد تغلبتِ على ثلاث من أفضل خمس فتيات، وأوقعتها القرعة في مواجهات أكثر صعوبة. إنني أحب تلك الفتاة كثيراً».
لكن منذ ذلك الحين، تعرضت رادوكانو للإصابة وتراجع مستواها بشكل ملحوظ، وواجهت الكثير من الانتقادات. لقد كانت تجربتها بمثابة تذكير بأن النجاح غير المتوقع له تكلفة. تقول إيفرت «دائماً ما يكون الأمر كذلك. فوز إيما بهذه البطولة جلب لها الكثير من التحديات التي لم تواجهها من قبل. إنها لا تزال في حاجة إلى التحسن والتطور، لكنها لا تزال بطلة لإحدى البطولات الكبرى. لقد فازت ببطولة أميركا المفتوحة للتنس، وسيظل ذلك الإنجاز يلاحقها طوال ما تبقى من حياتها».
وتضيف «الشيء الصعب هو حمل هذا الزخم ودعمه، لكنها لم تفعل ذلك حتى الآن. إنها تبدو متزنة للغاية في تصريحاتها، حيث تؤكد على أنها لا تزال تتطور وأنها ستتحلى بالصبر. إنها تقول كل الأشياء الصحيحة، ولو كانت صادقة في ذلك فستكون على ما يرام».
لكن هل المحتمل ألا تتمكن رادوكانو من الفوز بإحدى البطولات الكبرى مرة أخرى، وأن يكون الفوز ببطولة أميركا المفتوحة للتنس شيئاً استثنائياً؟ تقول إيفرت «لا يمكنني القول بأنها لن تفوز بإحدى البطولات الأربع الكبرى مرة أخرى. أنا أحب طريقتها في اللعب، في جيدة للغاية. وأحب طريقة تسديدها للكرة، سواء في الإرسال المباشر أو في الكرات الأرضية. إنها تتحرك بشكل جيد، ولديها موهبة كبيرة، لكن الأمر يتعلق بالمدى الذي ترغب في الوصول إليه. هل ستقاتل من أجل الفوز بإحدى البطولات الأربع الكبرى مرة أخرى؟ الرغبة في تحقيق المزيد هي الأهم».
من المؤكد أن الرغبة الهائلة في تحقيق النجاح كانت إحدى السمات العديدة التي ساعدت سيرينا ويليامز، التي خسرت مؤخرا 6 - 4 و6 - 0 أمام رادوكانو في سينسيناتي، على الفوز بـ23 بطولة من البطولات الأربع الكبرى. وخلال الشهر الفائت، أعلنت ويليامز اعتزالها الوشيك، مع احتمال أن تكون بطولة أميركا المفتوحة هي آخر بطولة لها. تقول إيفرت «إنها تبلغ من العمر 40 عاماً الآن. لقد خسرت أمام لاعبات كان بإمكانها الفوز عليهن في الظروف العادية، ولم تتدرب بسبب الإصابات. لديها أيضاً الكثير من الأشياء الرائعة في حياتها، وبالتالي، فبدلاً من الشعور بالإحباط والتراجع في التصنيف العالمي؛ فهذا هو الوقت المثالي لها للاعتزال».

ليلى فرنانديز لاعبة صاعدة بقوة في سماء اللعبة (أ.ف.ب)

فهل تملك ويليامز فرصة واقعية، وإن كانت غير مرجحة، للفوز بلقب آخر لبطولة أميركا المفتوحة؟ تقول إيفرت «إنه أمر صعب، لكن إذا اخترت 10 سيدات لديهن فرصة للفوز بالبطولة، فستكون هي من ضمنهن».
فهل ويليامز هي أعظم لاعبة في تاريخ التنس بلا منازع؟ تقول إيفرت «إنه سؤال صعب. في عصرها هي الأعظم على الإطلاق. ثم هناك المسار المهني الأكثر حصولاً على الألقاب - كم عدد البطولات التي فزت بها ومدى ثبات مستواك لفترة طويلة، وأنا دائماً ما أضع شتيفي غراف ومارتينا نافراتيلوفا جنباً إلى جنب مع سيرينا؛ لأنهما في عصرنا كانتا الأعظم على الإطلاق».
فازت مارغريت كورت بـ24 بطولة كبرى، أي أكثر من ويليامز ببطولة واحدة، لكن اللاعبة الأسترالية هيمنت على فترة ما قبل البطولات المفتوحة. تقول إيفرت «لقد فازت ببطولة أستراليا المفتوحة 11 مرة، لكن اللاعبات البارزات لم تكن تشارك على الأغلب في بطولة أستراليا في ذلك الوقت، والدليل على ذلك أنني لعبت 18 عاماً ولم أشارك خلالها في بطولة أستراليا المفتوحة سوى ست مرات فقط. لقد لعبت في فريق العالم للتنس (عندما شكّلت النساء الرائدات طريقاً مستقلة لتحقيق المساواة مع الرجال) وغبت عن المشاركة عن بطولة فرنسا المفتوحة ثلاث مرات (التي فازت بها سبع مرات). كنا نصنع تاريخاً مختلفاً، ونكافح من أجل الحصول على جوائز مالية متساوية لما يحصل عليه الرجال، وكنا نكافح من أجل الأجيال القادمة».
وتضيف «الآن، هناك فلسفة مختلفة، ويدور الأمر بالكامل حول البطولات الأربع الكبرى. هل سيرينا أفضل لاعبة تنس حتى هذه اللحظة؟ قطعاً. لكن الأمر معقد عند مقارنة المسيرات الرياضية للاعبات أخريات، ومرات الفوز بالبطولات، والفترات الزمنية المختلفة. لست متأكدة من أنها صاحبة أكبر إنجازات في تاريخ اللعبة».
هناك تطور كبير في لعبة التنس للسيدات، لكن المنافسات من النوع الملحمي الذي حدث بين إيفرت ونافراتيلوفا في 80 مباراة، من الصعب أن يتكرر. تقول إيفرت عن ذلك «التنافس الشرس رائع للعبة التنس - مثله مثل اللاعبة البارزة التي تهيمن على اللعبة. لقد هيمنت سيرينا على اللعبة في فترة زمنية معينة، وهيمنا نحن عليها في فترات أخرى. لكن اللعبة تكون رائعة أيضاً عندما تكون هناك لاعبات جديدات مثل كوكو غاوف، التي ستفوز بإحدى البطولات الكبرى خلال العام أو العامين المقبلين. يكمن جمال تنس السيدات الآن في قوة المنافسة. وهناك الكثير من الشخصيات والقصص الرائعة».
فمن اللاعبات التي ستكون بينهن منافسة شرسة خلال الفترة المقبلة؟ تقول إيفرت «المصنفة الأولى على العالم إيغا سوياتيك، وكوكو هما الأفضل بالنسبة لي. يمكن أن تكون هناك منافسة شرسة بين اللاعبتين. وفي الوقت الحالي، تعد إيغا هي المرشحة الأوفر حظاً للفوز ببطولة أميركا المفتوحة للتنس».
تبدو هذه التكهنات تافهة بعد الأشهر التسعة الصعبة الأخيرة من حياة إيفرت. فهل غيّرها السرطان؟ تقول إيفرت «أود أن يكون ذلك صحيحاً. أنا لا أشعر بالخوف أو القلق كما كان الأمر في السابق. أشعر بالامتنان والهدوء أكثر، ولا آخذ الأمور على محمل الجد، ولم أعد أشعر بالضيق والقلق».
وتتطرق إيفرت للحديث عن الشهرة وزيجاتها الثلاث - من لاعب التنس السابق جون لويد، ومتزلج جبال الألب آندي ميل، ولاعب الغولف غريغ نورمان، قائلة «يمكننا إجراء مقابلة مدتها خمس ساعات عن الشهرة وانعدام الخصوصية، وكيف تدفع الثمن عندما تكون ناجحاً في سن مبكرة ولم تطور شخصيتك وأخلاقك ومعتقداتك. يمكن أن يعيق ذلك نموك وتطورك».
وتضيف «عندما عدت إلى المنزل بعد فوزي ببطولة ويمبلدون وعمري 19 عاماً في 1974، كان لا يزال يتعين عليّ غسل الصحون وطي الغسيل، وكنت لا أزال أتحلى بالتواضع. الشيء الوحيد في حياتي الذي تأثر بالشهرة هو العلاقات. عندما يحدثك الناس على مدى سنوات طويلة عن مدى روعتك، فإنهم لا يضعون حدوداً ويمكنك التخلص من الكثير من الأشياء، وهو ما يؤثر على علاقاتك في وقت لاحق من الحياة، ليس فقط مع الأزواج ولكن مع أشقائك وأصدقائك المفضلين».
وتتابع «لقد كنت أنا وجون وحيدين، لكن رغبتي الشديدة في أن أصبح المصنفة الأولى على العالم جعلتني لا أستطع تقديم ما يكفي للزواج. لكننا ما زلنا نحب بعضنا بعضاً وصديقين حميمين. كان زواجي الأكثر نجاحاً مع آندي. تزوجنا لمدة 20 عاماً، لكنني اتخذت خياراً سيئاً بترك آندي ميل والزواج من غريغ نورمان. لقد كان خطأ».
لا تشعر إيفرت بالمرارة أو الاستياء من أي شيء، فهي تبدو فقط ممتنة للحياة، وتقول «صحتك هي أهم شيء. أكره أن أقول ذلك، لكن بالنسبة لي فإن الصحة تأتي قبل الحب. لكي تحب، يجب أن تكون على قيد الحياة. ما زلت منتبهة ويقظة بشأن صحتي، لكنني أريد أن أكون على طبيعتي قدر الإمكان وأن أكون أكثر انفتاحاً وأن استمع أكثر. كل هذا نتيجة السرطان. أنا محظوظة جداً لوجودي هنا».