آرتيميس «الأخت التوأم» لأبولو... مهمة تاريخية لإعادة البشر إلى القمر

بعد نصف قرن على رحلة «أبولو» الأخيرة، تستعد وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) لإطلاق الصاروخ الفضائي الأقوى «إس إل إس»، البالغ ارتفاعه 98 متراً، الذي سيحمل الأخت التوأم لـ«أبولو»، «آرتيميس»، إلى القمر.
ومن شأن مهمة «آرتيميس» أن تؤذن بإطلاق البرنامج الأميركي للعودة إلى القمر، والذي يُفترض أنه سيتيح للبشرية لاحقاً الوصول إلى المريخ على متن المركبة عينها. ولكن ماذا نعرف عن آرتيميس؟
آرتيميس، ابنة زيوس وليتو، هي إلهة الصيد والقمر والعذرية في الحضارة اليونانية القديمة، ومع مرور الوقت باتت أيضاً مرتبطة بالولادة والطبيعة. لم يكن عمرها أكثر من بضعة أيام عندما ساعدت أمها ليتو في ولادة أخيها التوأم «أبولو»، بحسب موقع «greekmythology» المختص بالأساطير اليونانية.
في تماثيلها، تظهر آرتيميس كصيادة جميلة وصغيرة تحمل سهاماً وقوساً. لكن عند تقديمها كإلهة القمر، فإنها تظهر أحياناً مرتدية رداءً طويلاً وتاجاً على شكل هلال.
وبحسب الميثولوجيا الإغريقية القديمة، تسكن آرتيميس في جبل أوليمبوس، أعلى جبال اليونان، بارتفاع يبلغ 2917 متراً. لكن «ناسا» سترسلها هذه المرة في رحلة أبعد بكثير... إلى القمر المفترض أنها «إلهة» له، بحسب الأساطير اليونانية، والتي سبقها إليه شقيقها التوأم، أبولو.
وسيتم إطلاق الكبسولة «أوريون» غير المأهولة في مدار حول القمر، للتحقق من أن المركبة آمنة لنقل رواد فضاء في المستقبل، بينهم أول امرأة وأول شخص من أصحاب البشرة الملونة يمشيان على سطح القمر.

وقال رئيس «ناسا» بيل نيلسون نهاية الأسبوع الفائت: «هذه المهمة تحمل أحلاماً وآمالاً للكثير من الناس»، مضيفاً: «نحن الآن جيل آرتيميس».
وفي مؤشر إلى التغييرات الحاصلة، ستعطي أول مديرة لعمليات الإطلاق في وكالة «ناسا»، تشارلي بلاكويل تومسون، إشارة «الانطلاق» النهائية. وتمثل النساء 30 في المائة من القوة العاملة في غرف الإطلاق، بعدما كان عددهن يقتصر على امرأة واحدة في مهمة «أبولو 11».
وبعد دقيقتين من الإقلاع، ستعود أجهزة الدفع إلى المحيط الأطلسي. وبعد ثماني دقائق، ستنفصل الطبقة الرئيسية بدورها. من ثم بعد نحو ساعة ونصف ساعة، سيؤدي دفع أخير للطبقة العليا إلى وضع الكبسولة في طريقها إلى القمر، فيما يستغرق الوصول إلى هناك أياماً عدة. وترمي المهمة بصورة رئيسية إلى اختبار الدرع الحرارية للكبسولة، والتي ستعود إلى الغلاف الجوي للأرض بسرعة 40 ألف كيلومتر في الساعة، ودرجة حرارة توازي نصف حرارة سطح الشمس.

بعد هذه المهمة الأولى، ستنقل «آرتيميس 2» رواد فضاء إلى القمر في عام 2024 من دون أن تهبط على سطحه. وأول هبوط لمهمة مأهولة سيحصل لطاقم «آرتيميس 3» في عام 2025 على أقرب تقدير. وتسعى «ناسا» إلى إطلاق مهمة واحدة سنوياً بعدها. والهدف من ذلك ترسيخ وجود بشري دائم على القمر، مع إنشاء محطة فضائية في مدار حوله (غايتواي)، وقاعدة على سطحه. وهناك، ستتعلم البشرية العيش في الفضاء السحيق وتطوير جميع التقنيات اللازمة لإجراء رحلات ذهاباً وإياباً إلى المريخ. وتستغرق مثل هذه الرحلة سنوات عدة، وقد تحصل «في نهاية ثلاثينات القرن الحالي»، وفقاً لنيلسون.
لكن قبل ذلك، يُعد الذهاب إلى القمر أمراً استراتيجياً أيضاً، إذ يواجه طموحات الدول المتنافسة، ولا سيما الصين.
وأوضح نيلسون: «نريد أن نذهب إلى القطب الجنوبي للقمر، حيث توجد الموارد»، لا سيما الماء على شكل جليد.