جنوب السودان: مشروع لجرف مستنقع «السُد» يثير قلق المدافعين عن البيئة

يقلص مستنقع «السُد» الشاسع في دولة جنوب السودان، الممتد على 30 ألفاً إلى 90 ألف كيلومتر مربع حسب المواسم، الأرض الصالحة للسكن كل عام، مما أدى إلى وضع سكاني كارثي دفع إلى إعادة إطلاق مشاريع تجفيف المستنقع، إلا أن المدافعين عن البيئة يرون ان هذه المشاريع تشكل خطراً أكثر من أن تكون حلاً، وفق تقرير لصحيفة «لوموند» الفرنسية.
* تطوير قنوات الري
أشارت الصحيفة إلى أن سيناريو تجفيف «السُد» يبدو غير محتمل، لأن المنطقة في هذه الفترة من موسم الأمطار مغمورة بالمياه بشكل كامل.
ومع ذلك، يحذر جون أكيتش، نائب رئيس جامعة جوبا، من أن تطوير قنوات الري يمكنها تجفيفه، ويستشهد بتجفيف بحر آرال في آسيا الوسطى نتيجة هذه السياسة في النصف الثاني من القرن الماضي، حيث أدت سياسة ري مكثفة إلى تجفيف البحيرة بشكل شبه كامل، وينبه أكيتش إلى ضرورة أخذ الاحتياط بالنسبة لمستنقع «السُد».
* قيمة اقتصادية وثقافية
حسب أحدث تقديرات وزارة البيئة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، يمثل مستنقع «السُد» قيمة اقتصادية تزيد عن 3 مليارات دولار سنوياً بسبب «الخدمات» التي يقدمها، أو يمكن أن يقدمها، فكان مليون شخص يعتمدون عليه قبل فيضانات السنوات الثلاث الماضية في البلاد.
ويعد هذا المستنقع المصدر الرئيسي لمعيشة شعوب الدينكا والنوير والشلك الزراعية والرعوية، وترتبط ثقافاتهم وتقاليدهم به ارتباطاً وثيقاً.
* تصنيف بيئي دولي
تم تصنيف النظام البيئي لمستنقع «السُد» منذ عام 2006 على أنه «أرض رطبة ذات أهمية دولية»، وتحميه «اتفاقية رأمسار»، وهي اتفاقية دولية للحفاظ على الأراضي الرطبة، وهو أيضاً موطن لتنوع بيولوجي غني جداً، ويُخاض غمار وضعه على لائحة التراث العالمي لليونيسكو، بالإضافة إلى الشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي.
ويتأسف جوليوس باندا، مدير اليونيسكو في جنوب السودان: «لسوء الحظ، لم يسمع سوى عدد قليل جداً من الناس بأراضي السُد الرطبة ومساهمتها الكبيرة في تنظيم المناخ، بما في ذلك عزل الكربون».
* رأي مؤيد للجرف
تم إحياء النقاش في جرف المستنقع في يونيو (حزيران) الماضي، مع وصول قافلة كبيرة إلى البلاد تحمل معدات للجرف، وقال تور تونجوار كويجونج، نائب حاكم ولاية «الوحدة» في جنوب السودان، إن «المعدات اللازمة ضرورية لجرف (فتح) نهر (نعم)، أحد روافد النيل المسدود بالنباتات».
ويرى كويجونج مشروع الجرف بغاية الأهمية كون محافظته «الأكثر تضرراً من الحرب الأهلية (التي اندلعت في البلاد سنة 2013)، إذ لجأ حوالي 160 ألف نازح إلى موقع حماية المدنيين التابع للأمم المتحدة في الولاية، لكن مع الفيضانات الحالية تضاعف هذا الرقم».
واعتبر أن الجرف أمر معتاد «سيسمح بتدفق المياه وفتح طرق الملاحة أيضاً، فالناس جوعى، والأرواح معرضة للخطر»، وأشار إلى أن العملية ستخلق «جُزراً» تسمح بالزراعة، في الوقت الذي انخفضت فيه المساعدات الغذائية المقدمة لجنوب السودان بسبب الحرب في أوكرانيا.
وتم تعليق المشروع من قبل رئيس جنوب السودان سلفاكير، في خطابه يوم 9 يوليو (تموز) للاحتفال بالذكرى السنوية الحادية عشرة للاستقلال، إذ أعلن تجميد جميع أنشطة الجرف المخطط لها في منطقة السُد، حتى يتم إجراء دراسات موثوقة حول تأثير الجرف على المجتمعات المحيطة به ونظامها البيئي، وطُلب من وزارة البيئة إعداد تقرير عن هذا الموضوع لبتّه.