طفرة تمنح «كورونا» القدرة على «الهروب المناعي»

سلّط علماء في المملكة المتحدة الضوء على طفرة في البروتين الشائك لفيروس كورونا «بروتين سبايك»، تسمح له بتجنب الخلايا المناعية المهمة التي تسببها العدوى واللقاحات.
ونشأت «طفرة الهروب» في البروتين الشائك، والتي أطلق عليها العلماء اسم (P272L) لأول مرة خلال الموجة الثانية من كوفيد-19 في المملكة المتحدة، والتي بدأت في سبتمبر (أيلول) 2020، وتم العثور عليها في أكثر من 100 سلالة فيروسية حتى الآن، بما في ذلك المصنفة على أنها «متغيرات مثيرة للقلق»، وشوهدت في سلالات في المملكة المتحدة وأوروبا، وفي أستراليا والولايات المتحدة بين سبتمبر (أيلول) 2020 ومارس (آذار) 2022.
وعندما تنشأ طفرة بشكل مستقل عدة مرات، فإن هذا يثير مخاوف من أن الفيروس يتطور من أجل «الهروب المناعي». والآن، أظهرت دراسة جديدة بقيادة جامعة كارديف، ونشرت في 8 أغسطس (آب) بدورية «سيل»، أن الطفرة (P272L) نجت من التعرف على الخلايا التائية القاتلة في مجموعة من العاملين في مجال الرعاية الصحية من جنوب ويلز المصابين بفيروس كورونا المستجد في وقت مبكر من الجائحة. كما نجحت أيضا في تجنب جميع الخلايا التائية التي نشأت ضد هذا الجزء من الفيروس في المتبرعين الذين تم تطعيمهم.
يقول الباحثون إن مراقبة «الهروب الفيروسي» أمر مهم، وإذا بدأت طفرات مثل (P272L) بالسيطرة، فقد تحتاج اللقاحات المستقبلية إلى التغيير لتشمل بروتينات فيروسية مختلفة.
يقول أندرو سيويل، من معهد أبحاث أنظمة المناعة والطب بجامعة كارديف، والمؤلف الرئيسي، في تقرير نشره الموقع الرسمي للجامعة بالتزامن مع الدراسة: «درسنا أكثر من 175 نوعاً مختلفاً من الخلايا التائية القاتلة التي يمكن أن ترى جزءاً من الفيروس يحتوي على طفرة (P272L)، وفوجئنا برؤيتها، وهذه الطفرة أدت إلى الهروب في جميع المتبرعين الذين تمت دراستهم».
وشوهدت طفرات هروب مماثلة في فيروسات الإنفلونزا، وتشير التقديرات إلى أن الفيروس الذي تسبب في جائحة إنفلونزا هونغ كونغ عام 1968 تحور ليهرب من التعرف عليه من قبل نوع من الخلايا التائية القاتلة مرة كل ثلاث سنوات.
وفي هذه الدراسة، نجت طفرة (P272L) من أكثر من 175 من مستقبلات الخلايا التائية، سواء في مرضى كوفيد-19 أو الذين تم تطعيمهم. ومنذ اكتمال دراسة جامعة كارديف، لوحظت الطفرة في متغير أوميكرون الأصلي (BA.1) في إنجلترا. وهذا المتغير تفوقت عليه متغيرات أوميكرون الأخرى، وأحدثها (BA.5) الأكثر قابلية للانتقال. لكن الباحثين يتوقعون أن طفرة هروب الخلايا التائية القاتلة قد تنشأ وتنتقل في المتغير (BA.5 )، وأي متغيرات لاحقة.
يقول توم كونور، خبير في جينوم كورونا المستجد من كلية العلوم البيولوجية ومعهد أبحاث أنظمة المناعة بجامعة كارديف، «نشأت الطفرة (P272L) في العديد من سلالات الفيروس المختلفة منذ بداية الوباء، والتطور المستقل للطفرة نفسها في الأنساب الفيروسية المتعددة هو مثال على النشوء المتقارب (homoplasy)، والذي قد يوحي بطفرة يمكن أن تمنح ميزة انتقائية».
ويضيف «أتوقع أننا قد نشهد المزيد من حدوث طفرة (P272L) بمرور الوقت، حيث يواصل الفيروس تطوره إلى أحد مسببات الأمراض البشرية».
من جانبها، تقول لوسي جونز، قائدة البحث السريري الذي جمع عينات الدراسة، «نظرت دراستنا في التعرف على البروتين السطحي من خلال النوع الأكثر شيوعًا من الخلايا التائية القاتلة عبر السكان، وتسود طفرة (P272L) بمرور الوقت، وقد يكون من المفيد تزويد اللقاحات المعززة بهذا التسلسل الجديد أو توسيع التطعيم ليشمل بروتينات فيروسية أخرى».
وتؤكد على أن «اللقاحات الحالية تعمل بشكل جيد ويجب أن يستمر تناولها من قبل الناس، لكن أبحاثنا تشير إلى أن اللقاحات قد تحتاج إلى تغيير بينما نتعلم المزيد عن الفيروس».