«جدري القردة»... هل تعلمت واشنطن الدرس من جائحة «كورونا»؟

بعد أن تسببت جائحة فيروس كورونا في اضطرابات عالمية واسعة النطاق، باتت أي تطورات صحية جديدة تشكل جرس إنذار، مع الوضع في الاعتبار الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي أحدثتها الجائحة.
ومن ضمن هذه التطورات، أصبح فيروس «جدري القردة» يشكّل مصدر قلق وسط انتشاره في دول عدة حول العالم ومحاولة عدم تكرار مشكلة صحية عالمية جديدة.
وقالت محررة الشؤون الصحية في وكالة «بلومبرغ» للأنباء، ماديسون مولر، إن الاختبارات الأميركية لـ«جدري القردة» لتحديد مدى انتشار الفيروس وأين تظهر حالات جديدة، غير كافية، وفقاً لخبراء الأمراض المعدية والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يشعرون بالقلق إزاء الاستجابة البطيئة لتفشي المرض الذي تضررت منه 32 دولة.
وأشارت إلى أنه على الرغم من أن المختبرات الحكومية لديها القدرة على اختبار ما يصل إلى 8 آلاف عينة في الأسبوع، فإنها تستخدم 2 في المائة فقط من هذه القدرة؛ مما يشير إلى أنه يتم إجراء نحو 23 اختباراً لـ«جدري القردة» يومياً.
وأوضحت، أنه عادة ما يشاهَد «جدري القردة» في البلدان الأفريقية، حيث تنجم معظم الحالات البشرية عن انتشار الحيوانات المصابة، وينتشر عن طريق الاتصال الوثيق. وعلى الرغم من أنه لا ينتشر بالسرعة التي ينتشر بها «كوفيد - 19»، فقد تم تسجيل أكثر من 1600 حالة على مستوى العالم منذ أن بدأ مسؤولو الصحة في تتبعه الشهر الماضي، بما في ذلك 72 حالة في الولايات المتحدة حتى يوم الثلاثاء الماضي.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن جيمس كريلينشتاين، المؤسس المشارك لجماعة «بريب فور آول»، المعنية بفيروس نقص المناعة البشرية التي وسّعت نطاق تركيزها خلال الجائحة، إن هناك حاجة إلى مزيد من الاختبارات لمعرفة مكان مسببات المرض ومدى سرعة تحركه.
وأوضح، أن الوضع يعيد للأذهان الأيام الأولى لـ«كوفيد - 19»، عندما سمحت الاختبارات المعيبة من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بانتشار الجائحة دون اكتشافها في الولايات المتحدة.
وأضاف في مقابلة «من المثير للقلق أن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها لا تضغط من أجل ذلك بنفسها، خاصة بعد (كوفيد – 19)». ورأى، أن «الفترة حرجة، حيث يصبح من الصعب السيطرة على تفشي المرض مع مرور الوقت».
ويتم تشخيص «جدري القردة» في مختبرات الصحة العامة المعينة بنوع من الاختبارات الجزيئية المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء، والتي تسمى «بي سي آر»، والتي تتعرف على المواد الوراثية الفيروسية.
وفي الوقت الحالي، يتم إجراء جميع الاختبارات من خلال شبكة المختبرات الحكومية، والتي يقول الخبراء، إنها مرهقة؛ مما يؤدي إلى تأخيرات محتملة في تحديد الحالات الجديدة وخطر فقدان الانتشار المجتمعي على نطاق أوسع.
والاختبار محدود للغاية لدرجة أنه من المستحيل معرفة مقدار الفيروس المنتشر في الولايات المتحدة، حسبما قال طبيب الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة هارفرد ومستشفى بريغهام والنساء في بوسطن، رانو ديلون.
ولفت إلى أن «هذا التحدي المتمثل في توسيع نطاق الاختبارات وإضفاء الطابع اللامركزي عليها استجابة لتفشي المرض مع سلاسل انتقال واسعة الانتشار وغير معروفة ليس بالأمر الجديد. لقد كان موضوعاً شائعاً في العديد من حالات تفشي المرض الأخيرة»، بما في ذلك الإيبولا وفيروس زيكا، وبالطبع «كوفيد - 19».
وحث الخبراء على تطبيق اللامركزية في الاختبارات ودعم التوسع في المختبرات والمستشفيات القادرة على إجراء اختبارات «بي سي آر»، خاصة في أماكن مثل عيادات الصحة الجنسية، حيث يظهر العديد من مرضى «جدري القردة».
وقال عالم الأوبئة السابق في جامعة هارفرد مايكل مينا «نحن في حاجة ماسة إلى التأكد من أن كل مستشفى لديه مختبر (مختبر للفيروسات الجزيئية)، ويجب أن يكون قادراً على اختبار مرضاهم؛ بحثاً عن (جدري القردة)».
وأوضح كبير مديري الأمن الصحي العالمي والدفاع البيولوجي في البيت الأبيض، راج بنجابي، الجمعة، أنه تم إجراء أكثر من 300 اختبار «بي سي آر» لـ«جدري القردة»، وكانت هناك زيادة بنسبة 45 في المائة من أسبوع إلى أسبوع.
ويقول مسؤولو الصحة الأميركيون، إنهم يعملون على توسيع نطاق الاختبارات لتشمل الشركات والمختبرات الحكومية الأخرى. ونشرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تعليمات عبر الإنترنت؛ حتى تتمكن المختبرات من البدء في إعداد اختبارات «جدري القردة» الخاصة بها.
وذكرت رابطة مختبرات الصحة العامة مؤخراً، أنه إذا استمر تفشي المرض في النمو، فإنه يدعم «التوسع التدريجي» في اختبار «جدري القردة» في الولايات المتحدة. وتقول إدارة الغذاء والدواء، إنها تستعد لإتاحة نموذج ترخيص الاستخدام الجزيئي في حالات الطوارئ إذا ما تم إعلان تفشي المرض حالة طوارئ صحية عامة.