كيف سيؤثر حظر النفط الروسي على أوروبا؟

اقترح الاتحاد الأوروبي حظرا تدريجيا على النفط الروسي في تشديد لعقوباته على موسكو بسبب غزوها أوكرانيا. فماذا سيكون تأثير حظر براميل الخام الروسية في أوروبا؟
يستورد الاتحاد الأوروبي 2.2 مليون برميل يوميا من النفط الخام و1.2 مليون برميل يوميا من المنتجات النفطية المكررة قبل الحرب في أوكرانيا، وذلك بحسب وكالة الطاقة الدولية. لا تستورد أوروبا النفط الخام من روسيا فحسب بل تستورد أيضا منتجات النفط المكررة مثل الديزل لتزويد سيارات الركاب وتلك المستخدمة بالقطاع الصناعي بالوقود.
وقد يصبح ملء خزان السيارة أكثر تكلفة. ومن شأن استيراد الديزل من مناطق أبعد من روسيا زيادة تكاليف الشحن وبالتالي رفع الأسعار في محطات الوقود. وفي ألمانيا على سبيل المثال جاء 74 بالمائة من واردات الديزل قبل الحرب من روسيا، وفقا لبيانات من شركة إف.جي.إي إنرجي للاستشارات.
تفيد وكالة الطاقة الدولية بأن النفط الروسي يشكل خُمس النفط المكرر في أوروبا. وتعتمد بعض المصافي التي تنتج وقودا مثل البنزين ووقود الطائرات وغيرهما، مثل بي.سي.كيه شفيت ولوينا الألمانيتين وكذلك مصافي في جمهورية التشيك والمجر وسلوفاكيا وبولندا على النفط الخام الروسي القادم عبر خط أنابيب دروجبا، التي تعني (الصداقة). وشهدت الإمدادات عبر دروجبا تقلبا حادا في السنوات القليلة الماضية، إذ وصلت الإمدادات إلى 1.5 مليون برميل يوميا بينما انخفضت في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك فبراير (شباط)، إلى حوالي 0.8 مليون برميل يوميا. ويمكن لبولندا التحول إلى الإمدادات المنقولة بحرا من مناطق مثل السعودية أو النرويج عبر ميناء جدانسك ببحر البلطيق. ويمكن لمصفاة بي.سي.كيه شفيت، التي تزود السيارات والمطارات في برلين والمنطقة، ومصفاة لوينا القريبة من لايبزيغ الحصول على بعض النفط من ميناء روستوك الألماني على بحر البلطيق، وهو مركز للنفط الخام أصغر بكثير من غدانسك، ولكن ليس بما يكفي لتشغيلهما بكامل طاقتهما. ويمكن لبولندا، التي تحاول هي نفسها استبدال كل النفط الخام الروسي في مصافيها، تحويل بعض النفط القادم إلى غدانسك إلى هاتين المصفاتين الألمانيتين، لكن التفاصيل لم يتم تحديدها بعد. وسيؤدي تغيير طرق الإمداد على الأرجح إلى ارتفاع أسعار خام التغذية لاثنتين من أكبر مصافي التكرير في ألمانيا، ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين النهائيين. وبالنسبة لجميع المصافي في البلدان غير الساحلية، فإن التعويض كليا عن النفط القادم عبر دروجبا سيكون مهمة جسيمة. ومن المحتمل أن يتضمن نقلا أكثر تكلفة وأقل كفاءة بواسطة الشاحنات والسكك الحديدية والأنهار أو التمديد المستقبلي لخطوط أنابيب أخرى مثل تال التي تمتد من البحر المتوسط عبر النمسا إلى ألمانيا. ولا يزال مثل هذا التمديد بحاجة إلى موافقة سلطات جنوب ألمانيا. وتسعى سلوفاكيا وبلغاريا والتشيك للحصول على إعفاءات من حظر الاتحاد الأوروبي الوشيك للنفط الروسي، بينما لا تدعم المجر الخطط خوفا على أمن طاقتها.

هل يمكنهم استبدال النفط الروسي بأي نفط آخر؟
يتم إعداد المصافي عادة للتشغيل بنوع معين من النفط الخام، مثل خام الأورال الروسي وهو خام تصدير من الدرجة الأولى. ويمكن مزج أنواع أخرى من النفط الخام من النرويج أو الشرق الأوسط أو الولايات المتحدة أو غرب أفريقيا أو تجديد المصافي نفسها. ولكن هذا يمكن أن يغير إنتاجية المصفاة ويكلف المزيد من المال بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن.
وسيتعين الآن على المستهلكين التقليديين للنفط الروسي التنافس، ليس فقط فيما بينهم على واردات النفط البديلة ولكن أيضا مع عملائها الحاليين في آسيا. ولا يمكن ببساطة إيقاف تشغيل مصفاة النفط لأن إعادة التشغيل عملية مكلفة ومعقدة.
وعلى الصعيد العالمي، تتقلص طاقة التكرير حيث يحاول العالم تقليل اعتماده على الوقود المستند إلى النفط. ويقدر مورجان ستانلي أن طاقة التكرير تقلصت بما يصل إلى 2.7 مليون برميل يوميا منذ بداية جائحة كورونا. مع عودة النمو الاقتصادي تزامنا مع انتهاء عمليات الإغلاق، ارتفعت هوامش التكرير ارتفاعا حادا ما يعني أن المصافي ستحاول ضخ أكبر قدر ممكن من الوقود في السوق. مع ذلك من المرجح أن تشهد مصافي التكرير التي تواجه أصعب مشكلات الإمداد، هوامش أقل لأن تكاليف الخام سترتفع، لذلك قد يبطئ المشغلون معالجته. أمام دول الاتحاد الأوروبي حتى نهاية العام للاستعداد للاضطرابات ومن المرجح أن تملأ المستودعات في المناطق القريبة من المصافي التي قد تواجه صعوبات.
وإذا قطعت روسيا الإمدادات أولا فقد تحدث اضطرابات أشد. وتحذر ألمانيا من الركود بدون النفط والغاز الروسيين.
وقال وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني كويتشي هاجيودا أمس الخميس إن اليابان ستواجه «صعوبة» للتحرك على الفور لخفض واردات النفط الروسية بسبب غزو موسكو لأوكرانيا. أدلى هاجيودا بتلك التصريحات خلال زيارة لواشنطن بعدما اقترحت المفوضية الأوروبية أشد حزمة عقوبات على روسيا تشمل حظر النفط الروسي. وقال هاجيودا للصحافيين: «نظرا لمحدودية الموارد المتاحة لليابان فإننا سنواجه صعوبة في اتخاذ خطوة على الفور». وشكلت واردات النفط الروسي أربعة بالمائة من إجمالي واردات النفط اليابانية في السنة المالية الماضية التي انتهت في مارس (آذار). وبلغت واردات الغاز الطبيعي من موسكو تسعة بالمائة من إجمالي الواردات اليابانية في حين بلغت واردات الفحم الروسي 11 بالمائة.
كما أعلنت بريطانيا أنّها أضافت حزمة واسعة من العقوبات تشمل الخدمات الأساسية مثل المحاسبة والاستشارات والعلاقات العامة. وتتضمّن الإجراءات الجديدة أيضاً فرض عقوبات (تجميد أصول ومنع سفر إلى بريطانيا) على مزيد من الأشخاص الروس، من بينهم مراسلو الحرب الذين يرافقون قوات بلادهم في تغطية الحرب في أوكرانيا. وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان إنّ العقوبات الجديدة «تعني أنّ الشركات الروسية لم يعد بإمكانها الاستفادة من خدمات المحاسبة والاستشارات الإدارية والعلاقات العامة» البريطانية و«التي تمثّل 10 في المائة من الواردات الروسية في هذه القطاعات». ونقل البيان عن وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس قولها، كما جاء في تقرير فرانس برس، إنّ «حرمان روسيا من الحصول على الخدمات البريطانية سيضع مزيداً من الضغط على الكرملين وسيضمن في نهاية المطاف فشل (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين». كما أعلنت لندن عن «63 عقوبة جديدة» تستهدف وسائل إعلام روسية، بما فيها «بيرفيي كانال»، قناة التلفزيون الحكومية الرئيسية في روسيا، ومجموعة «في جي تي آر كي» السمعية البصرية الحكومية. وبموجب الإجراءات العقابية البريطانية الجديدة التي شملت العديد من الصحافيين الروس، بات لزاماً على وسائل الإعلام البريطانية «حجب محتويات مصدرين رئيسيين للتضليل الروسي، هما آر تي وسبيوتنيك»، وفقاً للبيان. وأكّد وزير الدولة للاقتصاد الرقمي كريس فيلب أنّ هاتين الوسيلتين الإعلاميتين الروسيّتين «تمّ طردهما بالفعل من موجات الأثير البريطانية وقد منعنا أيّ شخص من التعامل معهما». وأضاف: «نحن نستعدّ الآن لإغلاق مواقعهم على الإنترنت وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات وذلك لوقف انتشار أكاذيبهم». وبذلك باتت العقوبات البريطانية على روسيا تشمل أكثر من 1600 فرد وكيان.