«التواصل عبر التنفس»... مفهوم غير تقليدي للكشف عن فيروسات كورونا

يتساءل الكثيرون عن مدة بقاء الجزيئات المحملة بالفيروس في المصعد بعد مغادرة الشخص المصاب بفيروس كورونا؟ وهل هناك طريقة لاكتشاف تلك الجزيئات؟
بهدف تقديم إجابات وافية لهذه التساؤلات؛ استخدم علماء من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في السعودية معادلات ديناميكا الموائع الحسابية لحلها.
وديناميكا الموائع هي أحد فروع ميكانيكا الموائع، تتعامل مع سيلان وتدفق الموائع (السوائل والغازات)، ويستفاد من هذه الدراسة في تحسين التصرف مع الطاقة. وهو ما يشير إليه المهندس الكهربائي الدكتور أسامة أمين بقوله: «لقد وجدنا أنه لا يزال من الممكن اكتشاف الجزيئات المحملة بالفيروسات بعد عدة دقائق من رحلة قصيرة بالمصعد من قبل شخص مصاب».
توضح معادلات الفريق وعمليات المحاكاة للتنفس أن قدرة المستشعر الحيوي على اكتشاف الفيروس تتحسن عند وضعه على جدار مصعد يمكنه عكس الجزيئات. أيضاً ولأجل حماية الركاب في المستقبل؛ يمكن تقليل كمية الجزيئات في الهواء بتزويد الجدران الثلاثة الأخرى بخاصية الامتصاص.
هذه الاستنتاجات أتت كنتيجة لعمل أمين وزملائه على تطوير مفهوم تواصل غير تقليدي يسمى «التواصل عبر التنفس»؛ حيث تقوم التقنية على النظر إلى نماذج الجزيئات الكيميائية والبيولوجية المنبعثة مع هواء الزفير كما لو أنها ناقلات معلومات داخل نظام تواصل يمكن ملاحظته على الطرف الآخر بواسطة «مستقبل»، وهو - أي المستقبل - في هذه الحالة جهاز استشعار حيوي. ويضيف أمين موضحاً: «يتطلب هذا الحقل من الدراسات مدخلات من باحثين يتمتعون بخبرات متنوعة في نمذجة القنوات النظرية، وتصميم النظام وتكميله، ومخططات التعلم الآلي».
ويذكر أنه في أثناء عملهم السابق، قد استخدموا معادلات لفهم الكيفية التي تنتشر بها جزيئات الزفير في المساحات المفتوحة. وعلاوةً على ذلك، اقترحوا تصميما لنظام استشعار يمكنه اكتشاف الجزيئات التي تخرج من أنفاس الناس في التجمعات.
ويعد منجزهم الحالي بلورة لكل المفاهيم السابقة؛ حيث طوروا نموذجاً وعمليات محاكاة تصف ما يحدث للجزيئات التي تخرج مع الزفير أثناء التواجد في غرفة مغلقة عبر المكان والزمان. كما أخذت النمذجة في الاعتبار قدرة الجدران على امتصاص أو عكس الجزيئات. فبمجرد أن مكنتهم نماذجهم من وصف وحل ومحاكاة تركيز الجزيئات المحملة بالفيروسات في غرفة صغيرة عبر المكان والزمان، شرع الباحثون في حساب احتمالية قدرة المستشعر الحيوي على اكتشاف تلك الجزيئات.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحسابات قد اعتمدت على فرضية نشر مستشعر حيوي يستخدم الأجسام المضادة بهدف الارتباط بفيروس معين والبدء في إرسال الإشارة. كما أنها تضع في الحسبان بعض المؤشرات مثل: وقت أخذ عينات الهباء الجوي وحجمها، وكفاءة أخذ العينات، واحتمالية ارتباط الأجسام المضادة بالفيروس.
يقول عالم الكومبيوتر الدكتور باسم شحادة، الأستاذ المشارك في علوم الحاسب الآلي بـ«كاوست»: «توفر دراستنا تروساً حسابية حيوية وعمليات محاكاة لأبحاثنا الرائدة حول «الاتصال عبر التنفس»، والتي نطمح أن تستخدم لمزيد من التحليلات وتصميمات النظام».
بالإضافة إلى أن الفريق يعمل في الوقت الحالي على تطوير نموذج أولي؛ لأخذ عينات الهباء الجوي والكشف عن المواد الكيميائية العضوية في الهواء المزفور.
يضيف شحادة: «نحن في طور التخطيط لطرح آليات تقلل من احتمالية الإصابة في المساحات الصغيرة، بما في ذلك آليات التهوية، وتعقيم الهواء بشكل دوري، وتصميم جدران امتصاصية وعاكسة».