«تروث سوشيال» منصة ترمب المنافسة لـ«تويتر» تكاد تختفي من متاجر التطبيق

بعد أكثر من شهر على إطلاقها، بدا أن المنصة الاجتماعية، «تروث سوشيال»، التي أسسها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لتنافس تطبيق «تويتر» الشهير، في طريقها لتنضم إلى العديد من «منتجاته» الفاشلة، كمشروع تجاري استثماري على الأقل.
ترمب الذي أعلن منذ سنوات عن رغبته في «الاستقلال» عن سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي المهيمنة، بعد مواجهاته معها، قال إن منصته العتيدة ستكون منتجه الرئيسي في مجموعته للإعلام والتكنولوجيا لتنويع أعماله التجارية، وتمكين جمهوره ومناصريه من التعبير بحرية عن آرائهم، بعيداً عن الرقابة «الليبرالية اليسارية» المهيمنة على وسائل التواصل الاجتماعي. ولتحقيق هذا الهدف، أوكل ترمب إلى النائب المتشدد السابق من ولاية كاليفورنيا، ديفين نونيس - أحد أكثر الساسة ولاء له - إدارة الشركة التي أسسها لإدارة الموقع، بعدما استقال نونيس من منصبه في مجلس النواب، بعدما شغله لأكثر من 19 سنة.
اختفاء المنصة من متاجر التطبيق
في ذلك الوقت، كان مستشارو ترمب يروّجون بأن موقع «تروث سوشيال» سيتحول إلى قوة إعلامية، تشمل منصات الفيديو عبر الإنترنت والترفيه والأخبار. إلا أن الشركة واجهت عقبات تقنية عدة، نتيجة تعثر خوادم التطبيق عن قبول طلبات الانضمام، ووصلت قائمة الانتظار إلى نحو مليون طلب، عجزت المنصة عن قبولها.

دونالد ترمب مؤسس منصة «تروث سوشيال»
 

وبحسب تقارير إخبارية، فقد انخفض الطلب على التطبيق بنسبة 93 في المائة في الاشتراكات، إذ انخفضت عمليات التثبيت الأسبوعية على متجر تطبيقات «آبل» من 872 ألف طلب عند إطلاقه إلى 60 ألفاً فقط، وفقاً لشركة التحليلات «سينسور تاور»، فضلاً عن الانخفاض الحاد في «حركة المرور». واستقبل التطبيق ما يقرب من مليون زيارة يومياً عند إطلاقه، لكنه انخفض إلى أقل من 300 ألف، وهو أقل بكثير من موقع «غاب» للتواصل الاجتماعي الذي يجتذب المتعصبين للبيض، وفق شركة «سيميلار ويب» المتخصصة في تحليل البيانات.
وفي الأيام الماضية، سجلت بيانات جديدة أن التطبيق يكاد يكون قد اختفى فعلاً من متاجر التطبيق في شركات مثل «آبل» و«غوغل» وغيرهما. وما زاد الطين بلة أن الشركة التي أُسست لإدارته، تفقد المستثمرين الذين بدأوا في الابتعاد عنه، وفقد المديرون التنفيذيون فيه أي اهتمام بمستقبل التطبيق.
كذلك نقلت وسائل إعلام أميركية عن ترمب أنه «غاضب» من بطء طرح التطبيق، وأنه فكّر في الانضمام بشكل سرّي إلى منصات أخرى مثل «غيتر»، الذي يعد أحد أكبر منافسيه. وبدافع من إحباط ترمب من أداء التطبيق، قام نونيس بتعيين عدد من مساعديه السابقين في مجلس النواب، بمواقع قيادية في الشركة، مما أدى إلى موجة من الاستقالات لعدد من القيادات المتخصصة في التكنولوجيا وتطوير المنتجات والشؤون القانونية.

ديفيد نونيس
 

ترمب وأفراد عائلته لا يستخدمون «تروث سوشيال»
من جانب آخر، الأمر اللافت أنه رغم أن أبناء ترمب قد انضموا إلى التطبيق، فإن أكبرهم، دونالد جي آر، يواصل التغريد بكثافة على تطبيق «تويتر»، في حين أن ترمب نفسه لم «يغرد» على «تروث سوشيال» منذ أسابيع. ثم إن ميلانيا، زوجة الرئيس السابق، لم تنشر على التطبيق منذ ثلاثة أسابيع، ولا توجد حسابات لإيفانكا ابنة ترمب أو نائبه السابق مايك بنس. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مصادر مقربة من الرئيس السابق، أنه لا يزال مستمراً في الاهتمام بموقع «تويتر»، الذي فرض حظراً عليه العام الماضي، وأنه يواصل متابعة التغريدات التي يطلقها السياسيون ورجال الإعلام.
وفي الآونة الأخيرة، بدا أن ترمب مهتم بالتغييرات التي يمكن أن تطرأ على «تويتر»، بعد انضمام الملياردير إيلون ماسك، المؤسس المشارك في شركتي «تسلا» و«سبايس إكس»، إلى مجلس إدارة «تويتر»، بعدما استحوذ على حصة 9.2 في المائة من أسهم هذا الموقع. ويحظى ماسك بمتابعة من أكثر من 80 مليون شخص، وسبق له أن عبّر مراراً عن ضرورة تغيير قواعد النشر، بما يخفف من المحظورات التي تنشر فيه. ومن المعروف أن العلاقة بين الرجلين ليست متوترة، وستحظى التغييرات «الناعمة»، التي يُحدثها ماسك على «تويتر» بمتابعة دقيقة في المرحلة المقبلة. وفي ظل توقعات قوية بحصول هذا التغيير، يتابع المهتمون كيفية تأثير علاقة ماسك مع المدير التنفيذي في «تويتر» باراغ أغراوال والشريك المؤسس جاك دورسي، على اتجاهات الشركة، وعما إذا كان ماسك سيدفع «تويتر» لإعادة ترمب. ومن جهة ثانية، قالت الصحيفة إن ترمب التقى أخيراً بالملياردير بيتر ثيل، وهو مستثمر قديم في «ميتا» الشركة الأم لـ«فيسبوك»، ويخطط للتنحي عن مجلس إدارتها هذا العام للتركيز على مشاريع أخرى. لكن لم يكن من الواضح ما إذا ناقشوا مستقبل «تروث سوشيال» المتعثر، علماً بأن ثيل هو داعم رئيسي لموقع «رامبل» المتخصص في صور الفيديو، الذي يحظى بشعبية لدى المحافظين، ويقدّم لموقع ترمب خدمات تقنية.
تغريدات كاذبة ورقابة ضئيلة
في أي حال، رغم تعثر «تروث سوشيال» فإن الاشتراك فيه يمنح ترمب بعض الامتيازات، كالاستفادة من أرقام الهواتف وعناوين البريد الإلكتروني لمجموعة واسعة من «المانحين والناخبين المحتملين». وتجدر الإشارة هنا إلى أن التطبيق واجه مشاكل مماثلة تعرضت لها الشبكات الاجتماعية الأكبر مثل «فيسبوك« و«تويتر»، لناحية إغراقه بمعلومات خاطئة وصور جرى التلاعب بها ونشر دعايات لحكومات أجنبية. كذلك اشتكى بعض المستخدمين، بمن فيهم روجر ستون، أحد أكبر الداعمين لترمب، من أن التطبيق فرض رقابة على منشوراتهم. ومع أن التطبيق يشبه في تصميمه «تويتر» إلى حد كبير، ويسمي تغريداته بـ«الحقائق»، فإن العديد من المتخصصين في متابعة المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، وجدوا الموقع «غارقاً» في ادعاءات مذهلة، خصوصاً فيما يتعلق بالحرب الأوكرانية. والمفارقة أن تلك الحرب اندلعت في الفترة نفسها تقريباً من إطلاق التطبيق، الذي وعد مديره نونيس بأنه سيكون جاهزاً للعمل بكامل طاقته بحلول نهاية مارس (آذار) الماضي.
ويمكن هنا الإشارة إلى أن بعض التغريدات تحدثت عن أن هنتر بايدن، نجل الرئيس جو بايدن، يشارك في بناء وتشغيل مختبر بيولوجي في أوكرانيا، وبأن وكالة الاستخبارات المركزية (الـ«سي آي إيه») ومؤسسة «مراكز ضبط الأمراض» (سي دي سي) «منخرطتان بعمق» في هذا المختبر. وبين التغريدات العديدة الأخرى المثيرة للجدل، ادعت تغريدة أن فيروس «كوفيد - 19» لم ينشأ في الصين بل في قرية أوكرانية. وزعمت تغريدة أخرى أن أوكرانيا تخطط لاستخدام طائرات مسيّرة لمهاجمة روسيا بمسببات الأمراض من مختبرات الأسلحة البيولوجية التي تموّلها أميركا، وثالثة أن الغزو الروسي لأوكرانيا بدأ من خلال عملية «العلم الكاذب» لـ«سي أي إيه» بتمويل من جورج سوروس، ورابعة أن «النازيين الجدد» انضموا إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي (الـ«إف بي آي») من أجل التسلل إلى مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) وشاركوا في اقتحامه، كما ذهبت خامسة إلى حد القول إن «النازيين الجدد» الأوكرانيين سيطروا على مدينة ماريوبول قبل غزو الروس لها. كل هذا فضلاً عن الكثير من التغريدات التي تتناول مسؤولين أميركيين وتنشر صوراً وفيديوهات مفبركة عنهم وعن مسؤولين أجانب، بدا أنها لا تخضع لأي رقابة على المحتوى.