يوفنتوس بدفاعه الحديدي يواجه ترسانة ريـال مدريد الهجومية اليوم

يعول يوفنتوس الإيطالي على دفاعه الثلاثي «الحديدي» عندما يواجه ضيفه ريـال مدريد الإسباني حامل اللقب اليوم في ذهاب الدور نصف النهائي من مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
ويعود يوفنتوس للعب دوره بين كبار القارة العجوز بعدما بلغ الدور نصف النهائي للمرة الأولى منذ 12 عاما، وذلك بأسلوب لعب حديدي صلب يختلف تماما عن العمالقة برشلونة وريـال مدريد الإسبانيين وبايرن ميونيخ الألماني.
وعندما يحل ريـال مدريد ضيفا على يوفنتوس اليوم لن يكون الصراع قاصرا على فريقين يسعى كل منهما للانطلاق نحو النهائي، وإنما ستشهد المباراة ما يشبه الديربي بين المدربين الإيطاليين كارلو أنشيلوتي وماسيميليانو أليغري.
يخوض أليغري مواجهة اليوم بثقة عالية بعد أن حسم يوفنتوس لقب الدوري الإيطالي قبل أربع مراحل من نهاية المسابقة، إثر الفوز على سمبدوريا 1 - صفر السبت، ويتوقع أن يحظى المدرب بدعم هائل من قبل الجماهير في المباراة المقررة بتورينو.
ويأتي دعم الجماهير بمثابة اعتذار لأليغري الذي لم يكن مرحبا به عندما تولى تدريب الفريق في يوليو (تموز) الماضي خلفا لأنطونيو كونتي، الذي قاد الفريق لثلاثة ألقاب متتالية في الدوري قبل أن ينتقل لتدريب المنتخب الإيطالي.
ويختلف الحال تماما بالنسبة لأنشيلوتي حيث لا يزال الكثيرون يتذكرون فترة عام ونصف العام قضاها مع يوفنتوس وانتهت في 2001 ولم يتوج الفريق خلالها بأي ألقاب، بل وظلت شريحة من الجماهير حينذاك تنظر بعين الاتهام إلى أنشيلوتي لحقيقة أنه قضى أغلب مسيرته الاحترافية مع فريقي روما وميلان المنافسين.
أما أليغري فلم يحظ بنفس شهرة أنشيلوتي وقد قضى ثلاثة مواسم ونصف الموسم في تدريب ميلان وقاد الفريق للقب وحيد عام 2011 قبل أن يتوج الآن مع يوفنتوس.
ولكن بالنظر إلى الطبيعة المتقلبة للجماهير، يعد حسم لقب الدوري والمشاركة في المربع الذهبي بالبطولة الأوروبية وخوض نهائي كاس إيطاليا المقرر أمام لاتسيو في يونيو (حزيران)، اعتذارا كافيا لأليغري.
وقبل مباراة الذهاب على ملعب يوفنتوس وبالأخذ في الاعتبار أن مباراة الإياب تقام على ملعب سانتياغو بيرنابيو معقل ريـال مدريد، اعتبر أليغري أن منافسه الإسباني هو المرشح الأوفر حظا للتأهل إلى النهائي.
وقال أليغري: «أعتقد أن ريـال مدريد تطور كثيرا منذ أن تولى أنشيلوتي تدريبه (عام 2013) نظرا لخبرته الدولية الكبيرة، وقاد الفريق للقبه العاشر في دوري أبطال أوروبا».
وأضاف: «هذا العام لا يزالوا ينافسون على لقب الدوري الإسباني ويشاركون مجددا في قبل نهائي دوري الأبطال. هناك الكثير من الأشياء التي يجب علينا تجنبها أمامهم لأن ريـال مدريد فريق استثنائي لديه فنيات وكفاءات هائلة».
ويشكل نجاح الماضي ضغطا إضافيا على أنشيلوتي حيث فاز بالألقاب المحلية مع كل من ميلان وتشيلسي وباريس سان جيرمان بالإضافة إلى لقبين أوروبيين مع ميلان وريـال مدريد.
وقبل ثلاث مراحل من نهاية الدوري الإسباني، يحتل ريـال مدريد المركز الثاني بفارق نقطتين خلف غريمه برشلونة، الذي يلتقي بايرن ميونيخ الألماني في المواجهة الأخرى بالدور قبل النهائي لدوري الأبطال.
وكان ريـال مدريد قد وجد صعوبة في التغلب على مضيفه أشبيلية 3 - 2 مساء السبت لكن ثلاثية النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو كانت بمثابة تحذير لمدافعي يوفنتوس ومديره الفني أليغري.
وقال أنشيلوتي عقب مواجهة أشبيلية «هذا الفوز يمنحنا الفرصة لمواصلة الصراع من أجل الدوري، ولكن الأهم من ذلك أنه يمنحنا الثقة لخوض مباراة يوفنتوس في تورينو والفوز بها».
أما أليغري فيسعى إلى استغلال وضع فريقه الذي لا يعاني من أي قلق بشأن الدوري الإيطالي المحسوم، وتوجيه التركيز بشكل أساسي لدوري الأبطال، وقال: «قبل المباراة سأقول للاعبينا إننا على بعد خطوة واحدة من تحقيق شيء استثنائي. يجب أن نحافظ على هدوئنا وندرك ما يمكننا القيام به».
ووصل يوفنتوس إلى قبل النهائي عبر عروض متذبذبة وغير مقنعة أحيانا باعتراف لاعبيه مثل الفرنسي باتريس إيفرا الذي قال: «كان أداء سيئا لكننا تأهلنا»، وذلك عقب التعادل مع موناكو الفرنسي صفر - صفر في إياب ربع النهائي، والتأهل للفوز ذهابا بهدف جاء من ركلة جزاء للتشيلي ارتورو فيدال. وتابع إيفرا: «لم يقدم الفريق أداء جيدا بمجمل المباراتين لكن في نهاية المطاف قمنا بما هو مطلوب على الطريقة الإيطالية». لكن المدرب أليغري يرى بأن «النتيجة أهم من الأداء».
وقد قام أليغري بالفعل بما هو مطلوب إذ بلغ فريق «السيدة العجوز» دور الأربعة للمرة الأولى منذ 2003 حين تخلص من ريـال بالذات في دور الأربعة وواصل مشواره حتى النهائي قبل أن يخسر أمام مواطنه ميلان بركلات الترجيح حين كان الأخير بقيادة مدرب ريـال مدريد حاليا كارلو أنشيلوتي.
ويعلق قائد يوفنتوس الحارس جانلويجي بوفون عن انتظار فريقه 12 عاما لكي يصل مجددا إلى نصف نهائي البطولة القارية
«قائلا: لم أعتقد بأننا سننتظر طيلة هذه الفترة!». وتوج يوفنتوس باللقب عامي 1985 و1996 ووصل إلى مباراتها النهائية في 5 مناسبات أخرى لكنه خسر مكانته بين الكبار منذ إنزاله إلى الدرجة الثانية عام 2006 بسبب فضيحة التلاعب بالنتائج.
واحتاج يوفنتوس الذي هجره حينها الكثير من النجوم مثل السويدي زلاتان إبراهيموفيتش وفابيو كانافارو، إلى الوقت لكي يستعيد عافيته والمستوى الذي يخوله مقارعة فرق كبيرة مثل بوروسيا دورتموند الألماني الذي تخلص منه في الدور الثاني قبل أن يزيح موناكو في ربع النهائي. ويقول أليغري: «من أجل الوصول إلى هذا المستوى أنت بحاجة إلى أسس فريق صلب، وإلى لاعبين جيدين أيضا.. ومدرب جيد أيضا».
من المؤكد أن أسلوب يوفنتوس محدود بعض الشيء إذا ما تمت مقارنته بريـال مدريد الذي يعول على ترسانة هجومية يقودها النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو والويلزي العائد من الإصابة غاريث بيل إلى جانب الكولومبي خاميس رودريغيز والمكسيكي خافيير هرنانديز، فيما استبعد الفرنسي كريم بنزيمة من تشكيلة لقاء الذهاب كونه ما زال في مرحلة التأهيل من الإصابة رغم أنه عاد إلى التمارين قبل يومين، فيما سيستمر غياب نجم الوسط لوكا مودريتش للإصابة.
وغاب بنزيمة عن النادي الملكي لخمس مباريات بسبب مشكلة في ركبته، لكنه لم يستعد كامل لياقته البدنية من أجل المشاركة في لقاء اليوم، وذلك خلافا لزميله بيل الذي سافر مع الفريق بعد شارك في نصف الساعة الأخير من لقاء السبت في الدوري ضد إشبيلية (3 - 2).
ويواجه الويلزي منافسة من المكسيكي خافيير هرنانديز للوجود في التشكيلة الأساسية في ظل المستوى الجيد الذي يقدمه المهاجم المعار من مانشستر يونايتد الإنجليزي.
ويقول هيرنانديز الذي سجل الهدف الوحيد الذي قاد الريـال للإطاحة بأتليتكو مدريد من دور الثمانية بدوري الأبطال: «الفوز بدوري الأبطال يعد حلما لكل اللاعبين. نعرف أن يوفنتوس فريق جيد لا يتوقف عن المنافسة، وسيجعلنا نعيش وقتا عصيبا. كل الفرق تكون متحمسة للغاية أمامنا».
ويعتمد فريق يوفنتوس على خط دفاعه الثلاثي المكون من أندريا بارزاغلي وليوناردو بونوتشي وجورجيو كييليني ومن خلفهم الحارس القائد جانلويجي بوفون، ثم انتظار تمريرة سحرية من المايسترو أندريا بيرلو وتوغل صاروخي من الأرجنتيني كارلوس تيفيز.
وباستطاعة أليغري الاعتماد في خط الدفاع الثلاثي على المستوى المميز هذا الموسم لبونوتشي الذي تطور أداؤه بشكل لافت من ناحية المساهمة الهجومية إذ لعب في أكثر من مناسبة صلة الوصل المباشر بين الخطين الخلفي والأمامي بفضل تمريراته الطويلة المتقنة إلى تيفيز أو الإسباني الفارو موراتا، ووصل به الأمر حتى إلى تسجيل الأهداف الحاسمة كما حصل في المباراتين المهمتين جدا في الدوري المحلي ضد روما ولاتسيو، كما أنه اللاعب الأكثر مشاركة هذا الموسم بعد أن خاض 44 مباراة في جميع المسابقات.
في الجهة اليمنى من الدفاع، استعاد بارزاغلي مستواه بعد عودته الصعبة إلى الملاعب في فبراير (شباط) الماضي إثر غياب دام لتسعة أشهر نتيجة إصابته في مونديال البرازيل الصيف الماضي.
لكن الدفاع الثلاثي لفريق أليغري ليس مثاليا لأن هناك نقطة ضعف على الجهة اليسرى متمثلة بكييليني الذي كان خلف خسارة فريقه أمام النادي الملكي (1 - 2) في اللقاء الذي جمعهما في ذهاب دور المجموعات الموسم الماضي بعد أن تسبب بركلة جزاء ثم طرد في بداية الشوط الثاني مما اضطر بطل إيطاليا لإكمال اللقاء بعشرة لاعبين.
والأربعاء الماضي، تسبب كييليني بركلة جزاء لا يرتكبها مدافع مبتدئ لكن الحظ أسعفه بعدما أهدرها فيورنتينا في مباراة حسمها يوفنتوس 3 - 2 بفضل ثنائية لتيفيز، مما فتح الطريق أمامه لكي يحسم اللقب المحلي يوم السبت بفوزه على سمبدوريا بهدف للتشيلي ارتورو فيدال.
وأكد فيدال على أن فريقه لا يخشى ريـال مدريد الذي فاز على يوفنتوس في نهائي بطولة عام 1998، وقال: «أعرف أن ريـال مدريد أفضل فريق في العالم ولكننا نريد التأهل للنهائي. الفوز بلقب دوري الأبطال بمثابة حلم. سيكون لدينا الوقت للاحتفال في نهاية الموسم».
ويأمل أليغري أن يكون دفاعه في قمة استعداده للقاء العملاق الملكي وأن يستعيد المستوى الذي كان عليه قبل المرحلتين الثانية والثلاثين والثالثة والثلاثين حين اهتزت شباكه أربع مرات أمام جاره تورينو (1 - 2) وفيورنتينا، وذلك بعدما دخل شباكه هدف واحد فقط في 10 مباريات متتالية في جميع المسابقات.
ما هو مؤكد، أن يوفنتوس قطع شوطا كبيرا بين الأمس واليوم، بين الخروج من الدور الأول على يد غلاطة سراي التركي وبين الوصول إلى نصف النهائي بعد التخلص من فريقين قويين مثل دورتموند وموناكو الذي أطاح في الدور الثاني بآرسنال الإنجليزي، لكن حلم العودة لا ينتهي هنا بل يأمل الذهاب حتى رفع الكأس القارية الغالية للمرة الثالثة في تاريخه من أجل مكافأة لاعبين أوفياء مثل بوفون (37 عاما) الذي أشار إلى أنه لم يعد أمامه الكثير من الوقت من أجل التتويج باللقب الذي يغيب عن خزائنه. وقال أليغري: «لم يراهن علينا أحد في بداية الموسم، بل توقعوا أننا سنخرج من دور المجموعات. وهذا يعني أننا قطعنا الآن مشوارا طويلا. والآن علينا استغلال الفرصة بأفضل شكل ممكن ونحاول إيقاف بطل أوروبا الذي يضم مجموعة استثنائية من اللاعبين».
في المقابل يتطلع كريستيانو رونالدو ورفاقه إلى قيادة الريـال ليكون أول فريق يتوج باللقب الأوروبي مرتين متتاليتين، في تاريخ دوري أبطال أوروبا بنظامها الحالي، لكن من أجل التأهل للنهائي المقرر في برلين في السادس من يونيو المقبل عليه فك رموز الدفاع الحديدي ليوفنتوس.