مجلس الأمن يمدّد تفويض البعثة الأممية في ليبيا 3 أشهر فقط

أصدر مجلس الأمن الدولي، ليلة أول من أمس، قراراً مدد بموجبه لثلاثة أشهر فقط تفويض بعثة الأمم المتحدة السياسية في ليبيا، في حل وسط تقدمت به بريطانيا لوضع حد لنزاع أميركي - روسي حول هذه المسألة استمر أياماً عدة.
وبإجماع أعضائه الخمسة عشر، اعتمد مجلس الأمن هذا النص المقتضب جداً، والذي يلحظ مواصلة «بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا» عملها حتى 30 من أبريل (نيسان) القادم.
وكانت نسخة سابقة من هذا النص تقدمت بها لندن أيضاً تلحظ تمديد عمل البعثة حتى 15 من سبتمبر (أيلول)، لكن التصويت عليها أرجئ في اللحظة الأخيرة.
وتم التوصل إلى هذا الحل الوسط بمبادرة من بريطانيا، بعدما حال الخلاف بين روسيا والولايات المتحدة حول هذه المسألة دون الاتفاق على نص يمدد لفترة أطول عمل هذه البعثة.
وتمحور الخلاف بين البلدين، وفقاً لمصادر دبلوماسية تحدثت إلى وكالة الصحافة الفرنسية، على اشتراط موسكو أن يعين المجلس سريعاً مبعوثاً أممياً جديداً إلى هذا البلد، بينما تمسكت واشنطن ببقاء الأميركية ستيفاني ويليامز على رأس هذه البعثة بالإنابة.
وأوضحت المصادر الدبلوماسية أن روسيا هددت باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الأساسي، الذي كان مقترحاً، وبطرح مشروع قرار مضاد كان على الأرجح سيواجه بدوره بفيتو أميركي.
وفي الواقع فقد نص القرار، الصادر أول من أمس، على أن مجلس الأمن يشدد على أن «بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ينبغي أن يقودها مبعوث خاص، ويقر بمسؤولية الأمين العام عن تعيين مبعوث خاص».
وكانت روسيا قد تقدمت بمشروع قرار اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية، ينص على أن «يُسمي الأمين العام مبعوثًا دون مزيد من التأخير»، كما ينص على تمديد ولاية البعثة حتى 30 من أبريل القادم فقط، وذلك ريثما يتضح، وفقاً لموسكو، الوضع السياسي في ليبيا.
وكان السلوفاكي يان كوبيش قد استقال فجأة من رئاسة البعثة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في خطوة عزتها مصادر دبلوماسية إلى خلافات بينه وبين الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بشأن العملية الانتخابية في ليبيا.
ومنذ استقالة كوبيش، تشغل ويليامز منصبه بالإنابة، إذ إن الأمين العام للأمم المتحدة استدعاها بعد عام تقريبًا من غيابها عن هذا الملف لتسلمه مجدداً، ومنحها رسمياً منصب «مستشارة خاصة».
وبهذه الطريقة استغنى غوتيريش عن موافقة مجلس الأمن على اختيار شخص بعينه، وهو قرار دقيق منذ سنوات بسبب صراعات النفوذ، التي تخوضها القوى العظمى في الملف الليبي.
وفي 2020، حين كانت ويليامز مساعدة لرئيس البعثة، قامت بمهمات أحرزت تطورات مهمة في الملف الليبي، لا سيما وقف إطلاق النار بين الليبيين المتحاربين بعد سنوات عدة من الاشتباكات.
وخلا القرار الصادر أول من أمس عن أي إشارة للانتخابات الرئاسية أو التشريعية، التي كانت مقررة في ليبيا في 24 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكنها أرجئت إلى أجل غير مسمى.
وبعد التصويت، قالت آنا أفستيغنييفا، نائبة ممثل روسيا لدى الأمم المتحدة، إنها تأمل بأن يجعل تعيين مبعوث جديد لرئاسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا «بالإمكان إعادة إطلاق» لمشروع القرار الروسي بالكامل.
وعلى عكس ذلك، قال نظيرها الأميركي جيفري ديلورينتيس إن الولايات المتحدة دعت جميع أعضاء المجلس والليبيين أنفسهم لدعم جهود ويليامز والتعاون معها «بشكل بنّاء».
من جانبها، أسفت نائبة السفير الفرنسي ناتالي برودهيرست لانعدام الوحدة داخل المجلس، لكنها قالت إن ذلك «ينبغي أن يشجع الليبيين على حل خلافاتهم من أجل إتاحة تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في أسرع وقت ممكن».
وكان حوار سياسي قد جرى بين الفرقاء الليبيين، برعاية أممية في جنيف عام 2021، أفضى إلى تشكيل سلطة سياسية تنفيذية موحدة مهمتها الرئيسية التحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لكن الصراع على السلطة الذي تغذيه تدخلات خارجية، وانتشار السلاح والمرتزقة وعوامل أخرى عديدة، حالت دون استكمال هذه العملية الانتقالية.