انعدام المواهب في كرة القدم «القصيمية» يثير علامات الاستفهام والتعجب

برر خبراء كرويون سعوديون أسباب غياب المواهب الكروية الوطنية في منطقة القصيم «شمال العاصمة السعودية الرياض» بغياب الكشافين والباحثين عن المواهب الكروية، مضيفا أن أولياء الأمور في القصيم يهتمون بالجانب التعليمي لأبنائهم ويتجاهلون الجانب الرياضي الذي يكون - في الغالب - أمرا مهما لتكون الصحة في ممارسة الرياضة ضرورة يحتاجها كل طفل في بداية حياته.
قامت «الشرق الأوسط» خلال الأيام الماضية بالبحث عن مواهب «قصيمية» كروية تعيد إلى الذاكرة نجوما كبارا في الثمانينات والتسعينات الماضية أمثال صالح المبارك لاعب الرائد - رحمه الله - وسليمان الرشودي لاعب فريق التعاون ونجم المنتخب السعودي للناشئين عام 1989 قبل أن ينتقل إلى الهلال في منتصف التسعينات وأيضا لاعب فريق النجمة منصور الموسى وهداف الدوري السعودي في التسعينات سليمان الحديثي.
وأكد خليفة الأكيزم، المدرب السعودي لناشئي وشباب التعاون سابقا أن المواهب بمنطقة القصيم متواضعة جدا، قياسا بفترة سابقة تعود إلى أكثر من 20 عاما، خصوصا في مدينة بريدة، مشددا على أن ذلك يشكل قلقا كبيرا للقائمين على الكرة السعودية بشكل عام وأيضا المسؤولين عن الأندية في منطقة القصيم وتحديدا أندية التعاون والرائد التي تحضر بقوة في دوري المحترفين.
وأضاف الأكيزم: «هناك عوامل عدة نتيجة قلة المواهب الكروية في المنطقة أبرزها عدم وجود المادة والكوادر العاملة، حيث لا يوجد مدربون وطنيون ومن سابق خبرة أتحدث فإن اللاعب الناشئ يستأنس بالكوادر الوطنية».
وشدد المشرف التربوي الرياضي على أن من المعوقات عدم اهتمام الأسرة بالشأن الرياضي، والتركيز بشكل تام على الجانب التعليمي، على الرغم من أن التنسيق بين الشأنين ضروري، وبالإمكان تفعيله لمصلحة الابن صحيا.
وأضاف: «أحد الأسباب هو غياب الكشافين الرياضيين الذين يعرفون جيدا كيفية الاستقصاء والبحث عن المواهب الكروية من خلال الذهاب إليهم في المدارس أو حتى في الحواري التي باتت غائبة عن المشهد الكروي السعودي وهو أيضا أحد أسباب انعدام المواهب الكروية منذ الصغر، فضلا عن أن هناك أسبابا مالية وغياب النقل لهذه المواهب».
وأشار الأكيزم إلى أن فريق التعاون يبدو في أفضل حال من سابقيه، إذ إنه يملك نحو خمسة لاعبين صعدوا من الفئات السنية؛ لكن هذه الحالة لا تبدو عامة على جميع الأندية في المنطقة.
وعرج الأكيزم إلى الحديث عن مشروع الملك عبد الله لتطوير كرة القدم قائلا: «هناك اهتمام كبير من وزارة التربية والتعليم بهذا الخصوص، والمشروع قائم بوجود مدربين وطنيين من جميع مناطق المملكة، وسيكون الاهتمام الأول بالفئات السنية، كما سيكون الاهتمام بجميع الألعاب وليس حكرا على كرة القدم فقط، وستكون هناك زيارة قريبة للقائمين عليه إلى منطقة القصيم في الأيام المقبلة، وسيكون اختيار نخبة من المعلمين الرياضيين للمساهمة بوضع مدربين وكشافين في المدارس».
وشدد على أن إحدى أولويات مشروع الملك عبد الله هي إنتاج مزيد من المواهب السعودية، على الرغم من اعترافه بأنها مهمة ليست سهلة. وشبه الأكيزم قلة المواهب بـ«كرة الثلج» التي تكبر كل يوم عن اليوم السابق له، مؤكدا أن مشروع خادم الحرمين الشريفين سيذيب كرة الثلج، وسيبدأ المشروع في ضخ الكثير من المواهب.
وحول ما إذا كان الاهتمام بالدراسة وراء انعدام المواهب قال: «من المفترض أن يكون العكس، فالاهتمام باللاعبين الحاصلين على شهادات دراسية، وهذا يندر لدينا في السعودية، ومن المفترض أن من يأتي بمؤهل علمي جيد يكرم في النادي بحضور ولي الأمر، وقد طبق ذلك في التعاون سابقا»، مؤكدا أن مشكلات أندية القصيم سببها قلة الأكاديميات، بالإضافة إلى غياب الملاعب الحاضنة للمواهب، وبالتالي لا توجد برامج لاستقطاب البراعم وإنتاج اللاعبين.
وقال مدرب أولمبي التعاون: «إن اندثار دورات الأحياء التي أطلق عليها سابقا (الحواري) سبب رئيس في قلة الموهبة، كما أن عدم الاهتمام بالمواهب في بعض الأندية يضيع اللاعبين ويقتل الإبداع لديهم».
وحول اللاعبين الذين يبرزون في الفئات السنية وينتهي بهم المطاف بهجر النادي والعودة إلى مسابقات الأحياء قال: «على العكس، هناك كثير من اللاعبين برزوا من أندية القصيم ومثلوا أندية كبيرة ووصلوا إلى المنتخب السعودي، لكن البعض لم يوفقوا في المواصلة بمزاولة كرة القدم والأسباب كثيرة، أهمها مواصلة الدراسة والإصابات».
وفي الشأن ذاته، أكد محمد الكبير، أحد مدربي نادي التعاون في السنوات الماضية أن انعدام مسابقات الأحياء أسهم في تغييب الموهبة القصيمية، رافضا أن يكون للاحتراف دور كبير في تغييب اللاعبين.
وبين الكبير أن مسابقات المدارس الكروية في السابق كان الطلاب يتمنون المشاركة فيها، لأنها سبيلهم لصقل إمكاناتهم الكروية وإنتاج اللاعب القصيمي؛ لكنها تراجعت في الفترة الحالية حتى وإن كانت تقام بشكل غير منظم.
وأضاف: «المشرفون الرياضيون لا يهتمون بالبراعم، فضلا عن أن الملاعب المغلقة - حاليا - سبب رئيس في عدم اكتشاف المواهب كون الكشافين في السنوات الماضية كانوا يحضرون إلى الملاعب المكشوفة ويتابعون اللاعبين ويختارونهم أما الآن فالوضع يختلف، وهذا سبب مهم في رأيي».
وقال خالد الشيبان، أحد منظمي دورات الحواري في منطقة القصيم إن الإقبال غاب عن المشاركة بدورات الحواري، كما غاب الحضور الجماهيري عن السابق.
وحول وجود مواهب الآن في المنطقة كشف عن قلتها لأسباب أن النادي لم يعد يهتم بالكشافين ولا يخصص مكافآت مالية للباحثين عن المواهب، فضلا عن أنه بدأ يهتم بوكلاء اللاعبين الذين يركزون على اللاعب الجاهز دون النظر إلى اللاعب الناشئ.