هل تعلّم برشلونة الدرس أم لا يزال يستخدم حلولاً مؤقتة لمشاكل طويلة الأمد؟

نجح برشلونة في ضم اثنين من اللاعبين في صفقة واحدة، ففي البداية ضم المهاجم الإسباني فيران توريس، الذي كان يريده بشدة، مقابل 55 مليون يورو، بالإضافة إلى 10 ملايين يورو كحوافز إضافية، ثم جدد عقد مدافعه صامويل أومتيتي، وخفض المقابل المادي الذي يحصل عليه، وهو الأمر الذي مكن النادي الكاتالوني في نهاية المطاف من تسجيل توريس في قائمته. وبعد تسجيل توريس في القائمة وتعافيه من فيروس كورونا، شارك في أول مباراة له بقميص النادي الكاتالوني، والتي كانت أمام ريال مدريد في نصف نهائي كأس السوبر الإسباني على ملعب الملك فهد في العاصمة السعودية الرياض. وتوج ريال مدريد باللقب عقب فوزه على أتلتيك بلباو 2 - صفر في المباراة النهائية. وتأهل الريال للمباراة النهائية بعدما تغلب على غريمه التقليدي برشلونة 3 - 2 في مباراة الكلاسيكو.
وأعلن برشلونة قبل أقل من ساعتين فقط من صعود لاعبي برشلونة للطائرة المتجهة إلى السعودية لمواجهة ريال مدريد، تمديد عقد أومتيتي الذي سينتهي في عام 2026 بدلاً من 2023. لكن لم يكن هناك أي احتفال ولا ادعاء بأن هذه الصفقة ليست سوى تأجيل لمشكلة أخرى، حيث لجأ النادي إلى حل قصير الأجل حتى يتمكن من تسجيل توريس في القائمة، والتزم بعقد طويل الأجل مع أومتيتي!
ولا يخفى على أحد أن برشلونة يحاول منذ فترة طويلة التخلص من أومتيتي، الذي يعاني من مشاكل في الركبة، ويحصل على راتب لا يمكن للنادي تحمله (يتناسب مع وضعه كفائز بكأس العالم مع منتخب بلاده)، ولا يشارك بصفة أساسية مع الفريق. ولم تكن هناك حسن نية من جانب الجماهير أيضاً، وهو الأمر الذي ربما يكون تغير الآن. ولم يلعب المدافع الفرنسي البالغ من العمر 28 عاماً سوى مباراة واحدة فقط هذا الموسم، ولم يشارك أمام ريال مدريد، رغم أنه كان على متن الطائرة المتجهة إلى السعودية.
في الحقيقة، لا توجد عروض كثيرة للتعاقد مع أومتيتي، كما أن اللاعب نفسه لا يرغب في الرحيل، على الأقل حتى الآن. وقد فكر برشلونة بالفعل في إجباره على الرحيل، لكنه لم يلجأ إلى ذلك الحل في نهاية المطاف. لكن لم يتوقع أحد أن يمدد برشلونة عقد لاعب لا يريده من الأساس. ولم يكن هذا تغييراً في الرأي، ولا إعادة تقييم لفائدته للفريق، ولا يغير شيئاً من حقيقة أن برشلونة يرغب في رحيل اللاعب الفرنسي عاجلاً وليس آجلاً.
ولم يجدد برشلونة عقد اللاعب من منطلق أنه إذا لم يرحل الآن فربما يكون مفيداً في المستقبل، لكن السبب في تجديد عقد اللاعب كان واضحاً للجميع، والدليل على ذلك أن برشلونة لم ينتظر حتى دقيقتين بين الإعلان عن تمديد عقد اللاعب وشرح سبب القيام بذلك، وهو ما يعني أن الأمر لم يكن متعلقاً بأومتيتي نفسه بقدر ما كان متعلقاً بإمكانية تسجيل توريس في قائمة الفريق. ونشر برشلونة تغريدة على موقع «تويتر» فور تجديد عقد اللاعب يقول فيها: «من خلال تمديد هذا العقد، سيكون نادي برشلونة قادراً على زيادة حصته من اللعب المالي النظيف، وبالتالي سيتمكن من تسجيل فيران توريس».
لقد لخصت هذه التغريدة الأمر كله باختصار شديد. وفي جميع الاحتمالات، هناك وعود تم قطعها من الطرفين وتفاصيل أخرى لا نعلم نحن عنها شيئاً، واتفاقيات تم التوصل إليها ولم يتم الكشف عنها، وهو ما يساعد في تفسير سبب قبول شروط التعاقد. لكن الطريقة التي شرح بها برشلونة الأمر توضح أن أومتيتي قد قدم له معروفاً بشكل كبير، فقد وافق على خفض راتبه قصير الأجل بنسبة 10 في المائة، وتوزيع الراتب الذي كان من المقرر أن يتقاضاه من الآن وحتى عام 2023 على مدار السنوات الثلاث المقبلة حتى عام 2026.
لقد كانت هذه فكرة جيدة لإيجاد حل لمشكلة ورثها مجلس الإدارة الحالي، وهي الفكرة التي توصل إليها ماتيو أليماني، مدير كرة القدم بالنادي. قد لا تؤدي هذه الفكرة إلى التخلص من الصعوبات المالية الأساسية، لكنها تسمح لبرشلونة بتجاوز عقبة فورية. وتم تسهيل عملية التعاقد مع توريس من خلال الحصول على قرض من مصرف «غولدمان ساكس»، لكن كانت هناك مشكلة أخرى تتعلق بتسجيل اللاعب. فلكي يتم تسجيل أي لاعب، يجب أن تعمل الأندية ضمن «حدود الرواتب» التي وضعتها رابطة الدوري الإسباني الممتاز، والتي يمكن وصفها بأنها النسخة الإسبانية من اللعب المالي النظيف. إنه نظام آلي لا يمكنك من تسجيل أي لاعب إذا لم تلتزم بالقواعد وسقف الرواتب.
يذكر أن الحد الأقصى لبرشلونة هذا الموسم هو 97.7 مليون يورو، مع العلم بأن إجمالي الرواتب الفعلية للاعبي الفريق يصل إلى نحو 430 مليون يورو، وهو ما يعني أنه لا يمكن للنادي الإنفاق إلا وفقاً لما يُعرف بقاعدة 4:1، بمعنى أنه يجب على النادي توفير أربعة يوروهات مقابل كل يورو ينفقونه. (أو توفير 2 يورو إذا كان بإمكان النادي التخلص من لاعب يمثل وحده 5 في المائة من هذا الحد).
وكان أليماني قد قال بالفعل إنه قبل أن يصل أي لاعب جديد، فإنه يتعين على النادي التخلص من بعض اللاعبين. وقال رئيس برشلونة، خوان لابورتا، مؤخراً: «لقد عدنا!» - في إشارة إلى قدرة الفريق على دخول سوق انتقالات اللاعبين بقوة - لكن الحقيقة أنه من السابق لأوانه كثيراً الإدلاء بمثل هذه التصريحات. ومع ذلك، يحاول النادي الكاتالوني العودة، وهناك بعض الأسباب التي تدعو إلى التفاؤل، رغم المشاكل المالية التي ورثها مجلس الإدارة الحالي والتي تعيق الفريق، ورغم أن النادي ما زال ينتظره مزيد من المشاكل، ورغم أن هناك نقاط ضعف كبيرة في الفريق، ووجود بعض اللاعبين الذين لا يريدون البقاء.
ومن بين الأسباب التي تدعو للتفاؤل وجود جيل من اللاعبين الشباب الرائعين بقيادة بدري وأنسو فاتي، اللذين استعادا لياقتهما البدنية وأصبحا جاهزين للمشاركة في المباريات، بالإضافة إلى كل من جافي ونيكو ورونالد أروخو وإريك غارسيا. كما أن توريس يناسب هذه الاستراتيجية أيضاً، وهو لاعب مهم للغاية بالنسبة لمستقبل الفريق. ومن الجيد أن النادي يعمل على كثير من الخطط بالتوازي: على المدى القصير والمتوسط والطويل، بل وعلى المدى القصير للغاية أيضاً، ويعد الإعلان عن تمديد عقد أومتيتي خير مثال على ذلك، فهو حل غير كامل، لكنه حل جيد من نوع ما. وقال أليماني: «الحقيقة أننا عندما تعاقدنا مع فيران كنا نعلم أنه ليس لدينا أي هامش فيما يتعلق بحدود الرواتب. قمنا باستثناء في حالة فيران لأنه كان يستحق ذلك. نحن نقبل ذلك ونعمل على طرق مختلفة لتسجيله».
وحتى رحيل فيليب كوتينيو الذي طال انتظاره لم يكن كافياً - لم يرحل اللاعب في إطار صفقة بيع نهائي، ويدفع ناديه الجديد أستون فيلا 65 في المائة من راتبه. وعلاوة على ذلك، لم يجدد النادي حتى الآن عقد عثمان ديمبيلي، ولم يتم الوصول إلى حل بشأن مستقبل سيرجي روبرتو. وبالتالي، كان الحل الوحيد، وبشكل غير متوقع، هو اللجوء إلى أومتيتي.