مشكلة لوكاكو أظهرت أن تشيلسي يفقد السيطرة على الأمور

اعتاد المدير الفني الألماني توماس توخيل على أن يُحكم سيطرته تماماً على مقاليد الأمور في أي مكان يعمل به. وعندما تولى قيادة تشيلسي قبل عام من الآن، كان هذا هو ما فعله بالضبط. وفجأة توقف الفريق، الذي كان ضعيفاً للغاية في الهجمات المعاكسة، عن استقبال أهداف من الهجمات المرتدة السريعة، وبدأ الفريق يحتفظ بالكرة لفترات طويلة، ونجحت طريقة 3 - 4 - 2 - 1 التي اعتمد عليها توخيل في تدعيم الناحية الدفاعية في ظل وجود محوري ارتكاز أمام خط الدفاع. ونجح تشيلسي في الفوز بدوري أبطال أوروبا، لأنه أظهر كيف يمكنه الضغط على الفريق المنافس بقوة من دون أن يترك مساحات خالية في الخط الخلفي.
لقد كانت هذه المشكلة التي يعاني منها دائماً فريق مثل مانشستر سيتي، وإن كان بدرجة أقل في الدوري الإنجليزي الممتاز (على الرغم من أن فرقاً مثل ليستر سيتي غالباً ما تخلق مشكلات كبيرة لمانشستر سيتي)، مقارنة بما يحدث عند مواجهة الأندية الكبرى في البطولات الأوروبية. ودائماً ما يلعب مانشستر سيتي بقوة هجومية لا ترحم، لكنه في الوقت نفسه يعاني من مشكلات دفاعية واضحة أمام الفرق الكبرى التي تستغل المساحات الموجودة خلف خط دفاع الفريق في حال قطع الكرة وشن هجمات مرتدة سريعة.
ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الطريقة التي يلعب بها المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، والتي تعتمد على الضغط العالي على الفريق المنافس، وهو ما يؤدي بالطبع إلى ترك مساحات خلف خط الدفاع، وبالتالي كان السؤال الأساسي هو؛ كيف يمكن أن يحمي الفريق نفسه من الكرات التي تلعب في تلك المساحات الخالية من دون فقدان القدرة على الضغط العالي على الفريق المنافس؟
ومن الواضح أن مانشستر سيتي قد عمل كثيراً على إيجاد حلول لهذه المعضلة، وأصبحنا نرى الآن أنه حتى في حالة الاستحواذ على الكرة، غالباً ما يكون هناك 5 لاعبين خلف الكرة. لقد أصبح الفريق أكثر توازناً الآن عما كان عليه عندما وصل غوارديولا لأول مرة إلى إنجلترا. لكن كان يبدو أن تشيلسي بقيادة توخيل هو الذي وصل إلى هذه الحالة من التوازن؛ حيث فاز على مانشستر سيتي 3 مرات في الأسابيع السبعة الأخيرة من الموسم الماضي، بما في ذلك الفوز في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي ونهائي دوري أبطال أوروبا.
لكن بينما يواصل مانشستر سيتي مسيرته بنجاح، ولم يخسر سوى 10 نقاط فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، فقد تشيلسي هذا الإحساس بالسيطرة. وبعد أن استقبلت شباكه 4 أهداف فقط في أول 12 مباراة بالدوري هذا الموسم، استقبلت شباكه 12 هدفاً في آخر 9 مباريات، ولم يخرج بشباك نظيفة سوى مرة واحدة فقط. لم يكن أداء الفريق كارثياً؛ حيث لم يخسر سوى مباراة واحدة فقط من تلك المباريات، لكنه لم يحقق الفوز سوى في 3 مباريات فقط. وكما هو الحال دائماً، فبمجرد تحقيق نتيجة سلبية تبدأ النتائج في التراجع بسرعة.
يقودنا كل هذا بالطبع للحديث عن المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو، الذي أشار إلى أنه غير راضٍ عن طريقة 3 - 4 - 2 - 1 التي عاد توخيل للاعتماد عليها. في الحقيقة، هذه التصريحات مهمة للغاية، لأنها تأتي من اللاعب الذي كلف خزينة النادي 97.5 مليون جنيه إسترليني، والذي كان يقدم مستويات استثنائية مع نادي إنتر ميلان الإيطالي الموسم الماضي. إنه ليس هدافاً قديراً فحسب – فشل مرة واحدة فقط خلال المواسم الـ12 الماضية في تسجيل أكثر من 10 أهداف في الموسم – لكنه أيضاً لاعب يبدو مثالياً لتشيلسي من الناحية الخططية.
فشل لوكاكو في تقديم المستويات المتوقعة مع تشيلسي حتى الآن. لكن هذا الأمر لا يقتصر على لوكاكو وحده، وإنما يمتد لباقي عناصر الخط الأمامي لتشيلسي، بما في ذلك كاي هافرتز الذي ضمه النادي مقابل 71 مليون جنيه إسترليني، وكريستيان بوليسيتش القادم مقابل 58 مليون جنيه إسترليني، وتيمو فيرنر القادم مقابل 47.5 مليون جنيه إسترليني، وحكيم زياش القادم مقبل 34 مليون جنيه إسترليني. صحيح أن بعضهم قد تعرض للمرض أو الإصابة، لكن من الواضح للجميع أن أياً من هؤلاء اللاعبين الخمسة الذين كلفوا خزينة النادي معاً 308 ملايين جنيه إسترليني على مدار موسمين ونصف موسم لم يحقق نجاحاً كبيراً حتى الآن! وكان أفضل هدافي تشيلسي في الدوري الموسم الماضي هو لاعب خط الوسط جورجينيو، أما أفضل هداف للفريق هذا الموسم فهو ماسون ماونت.
لقد وصل توخيل إلى تشيلسي، وهناك بعض الأحاديث عن شخصيته القوية ودخوله في مشكلات وخلافات مع اللاعبين والمسؤولين والصحافيين، لكن خلال معظم فترات العام الماضي كان يقوم بعمل مثير للإعجاب حقاً. لكن هذا الأمر بدأ يتغير خلال الأسابيع الماضية، وكانت تصريحات لوكاكو وتداعياتها هي أول علامة حقيقية على وجود حالة من التوتر داخل صفوف الفريق. لقد كان إيجاد حل لهذه المشكلة أمراً مهماً للغاية، ليس فقط لأن تشيلسي بحاجة إلى لوكاكو وأهدافه وقيادته لخط الهجوم، ولكن أيضاً لأن تاريخ المديرين الفنيين لتشيلسي الذين لا يستطيعون التعامل مع التعاقدات الكبيرة ليس جيداً!
لكن كل شيء يعود في نهاية المطاف إلى فكرة فقدان السيطرة على الأمور. لا يهم أن ظهراء الجنب والأجنحة في تشيلسي سجلوا أهدافاً أكثر من المهاجمين عندما كان الفريق يحافظ على نظافة شباكه، فالانتقادات التي توجه إلى أي مهاجم رفيع المستوى تكون أقل كثيراً إذا كان الفريق يحقق الفوز في المباريات. وعلاوة على ذلك، تأثر تشيلسي كثيراً بغياب ماتيو كوفاسيتش، في البداية بسبب الإصابة في أوتار الركبة ثم الإصابة بفيروس كورونا، والدليل على ذلك أن تشيلسي استقبل 4 أهداف فقط في المباريات العشر التي شارك فيها كوفاسيتش في التشكيلة الأساسية هذا الموسم.
لقد أدى غياب كوفاسيتش، ومعاناة نغولو كانتي المستمرة من الإصابة في الركبة، إلى زيادة الضغط على جورجينيو، الذي بدا مرهقاً في بعض الأحيان، ولا سيما المباراة التي خسرها تشيلسي أمام وستهام. ولم يلعب ساؤول نيغيز، الذي تعاقد معه تشيلسي في اليوم الأخير لفترة الانتقالات الماضية، سوى 164 دقيقة في الدوري مع تشيلسي ولم يقدم الأداء المنتظر منه حتى الآن، كما يبدو من الواضح أن روس باركلي، الذي لم يلعب سوى 154 دقيقة في الدوري هذا الموسم، ليس له مستقبل في النادي.
كما عصفت الإصابات بالخماسي الدفاعي، وهو الأمر الذي أثّر كثيراً على الفريق، خاصة بعد إصابة ريس جيمس وبن تشيلويل. وعلاوة على ذلك، ستنتهي عقود كل من أنطونيو روديغر وتياغو سيلفا وأندرياس كريستنسن بحلول الصيف المقبل. وبعد الإعلان عن خسائر قدرها 145.6 مليون جنيه إسترليني الأسبوع الماضي، يبدو الفريق الذي كان الموسم الماضي ينبض بالحياة ومستعداً لسنوات من الهيمنة على كرة القدم الإنجليزية، هشاً وضعيفا بطريقة ما. ويعكس هذا مدى السرعة التي يمكن أن تخرج بها الأشياء عن السيطرة. إن فقدان السمة التي ميّزت تشيلسي في النصف الثاني من الموسم الماضي يهدد الآن بتقويض المشروع بأكمله.