قادة دول غرب أفريقيا يبحثون أزمة مالي

عقد قادة دول غرب أفريقيا، أمس (الأحد)، اجتماعاً في أكرا لمناقشة الوضع في مالي، مع احتمال فرض عقوبات إضافية، بعدما اقترح المجلس العسكري في اللحظة الأخيرة جدولاً زمنياً جديداً لإعادة المدنيين إلى الحكم.
وقدم وزيران من الحكومة التي يسيطر على العسكريون، السبت، جدولاً زمنياً «انتقالياً» جديداً إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) عشية القمة الاستثنائية في غانا حول مالي، التي شهدت انقلابين عسكريين منذ 2020 وتمر بأزمة أمنية كبيرة.
وقال مسؤول غاني كبير تتولى بلاده حالياً رئاسة «إيكواس»، وطلب عدم الكشف عن اسمه لعدم الإضرار بالمحادثات المقبلة، إن «الاقتراح المالي المضاد هو عملية انتقالية لأربع سنوات. إنها نكتة»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان المجلس العسكري يطلب في بادئ الأمر مهلة تصل إلى خمس سنوات. وقال أحد الموفدَين الماليين، وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب، للتلفزيون الوطني، السبت، إن الاقتراح الجديد قُدم بهدف «إبقاء الحوار والتعاون الجيد مع (إيكواس)»، بدون إعطاء تفاصيل عن مضمونه. ويبدو واضحاً أن هذه الخطوة تهدف إلى تهدئة غضب عدد من رؤساء الدول والحكومات المجتمعين في أكرا. ويبدو أن مدة الخمس سنوات تُنذر حتماً بعقوبات جديدة.
منذ الانقلاب الأول في أغسطس (آب) 2020، ثم الانقلاب الثاني في مايو (أيار) 2021 الذي كرس الكولونيل غويتا رئيساً للسلطات «الانتقالية»، تدفع «إيكواس» من أجل عودة المدنيين إلى الحكم في أقرب الآجال.
بالنسبة للمنظمة التي تُعد صدقيتها على المحك، إنها مسألة دفاع عن مبادئها الأساسية للحكم واحتواء انعدام الاستقرار الإقليمي. وحصلت بعد الانقلاب الأول على تعهد من جانب العسكريين بتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في فبراير (شباط) 2022.
وخضع آنذاك المجلس العسكري الذي كان يطالب بفترة خمسة أعوام، للضغوط على مضض. ويقول اليوم إنه غير قادر على الالتزام بهذه المهلة، مشيراً إلى انعدام الاستقرار المستمر في البلاد التي تشهد أعمال عنف من كافة الأنواع، إضافة لضرورة تنفيذ إصلاحات على غرار إصلاح الدستور، كي لا تترافق الانتخابات مع احتجاجات كما حصل في الانتخابات السابقة.
وفي إشارة أخرى إلى أهمية التحديات بالنسبة لـ«إيكواس» ومالي أيضاً، كانت قمة أمس المرة الثامنة التي يجتمع فيها قادة دول غرب أفريقيا لمناقشة الوضع في مالي، وغينيا، بعد انقلاب آخر في سبتمبر (أيلول) الماضي، منذ أغسطس 2020، بدون احتساب الاجتماعات العادية.
وفي حدث استثنائي، سبق اجتماع أمس في العاصمة الغينية قمة استثنائية أخرى لقادة الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا. والدول الثماني التي يتألف منها الاتحاد هي أعضاء في «إيكواس». ويُنذر انعقاد هذه القمة قبل قمة «إيكواس»، باحتمال القيام بخطوة منسقة وربما فرض عقوبات اقتصادية.
وصرح الرئيس الحالي للاتحاد، رئيس بوركينا فاسو، روش مارك كريستيان كابوري، في خطاب لدى افتتاح أعمال القمة، بأن «تمديد مدة العملية الانتقالية إلى خمس سنوات يقلق مجمل منطقة غرب أفريقيا». كما بدا متردداً في منح وقت أطول للعسكريين، مشيراً إلى أنه مقتنع بأن «كافة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهدف إلى إعادة تأسيس مالي لا يمكن أن تُنفذ إلا من جانب سلطات منتخبة ديمقراطياً».
وسبق أن فرضت «إيكواس» تجميد الأصول المالية، وحظر سفر على 150 شخصية تعيق الانتخابات، حسب قولها. وسيكون على المنظمة حالياً اتخاذ قرار تشديد التدابير المفروضة، وهو خيار صعب.
خلال قمتهم السابقة في 12 ديسمبر (كانون الأول)، هدد قادة دول غرب أفريقيا بفرض عقوبات «اقتصادية ومالية» إضافية.
وفي أغسطس 2020، علقت «إيكواس» عضوية مالي في كافة هيئات القرار فيها، وهو تدبير لا يزال سارياً. وأغلقت أيضاً كل الحدود البرية والجوية معها، وفرضت حظراً على المبادلات المالية والتجارية معها، باستثناء المنتجات الأساسية.
في خضم فترة تفشي الوباء، كان وقع الحظر المفروض على بلد فقير، كبيراً. رُفعت هذه العقوبات بعد شهر ونصف الشهر. وقاطع جزء كبير من الطبقة السياسية المشاورات التي دعت إليها السلطات لطلب مهلة إضافية. بعد 18 شهراً من سيطرة العسكريين على الحكم، لا يزال الوضع الأمني متدهوراً جداً والأزمة الاقتصادية عميقة. لكن خطاب السيادة الوطنية للسلطات يلقى صدى لدى السكان، بحسب خبراء.