{آر يو في} سيارة هندية متينة وزهيدة الثمن تصلح للطرق غير المعبّدة

مقارنة بالمواطنين الهنود الذين يسكنون المدن ويمتلكون سيارات رخيصة تصلح للقيادة في مدنهم، يعاني سكان الريف - الذين يشكلون نحو 65 في المائة من سكان الهند - من مشكلة استخدام وسائل مواصلات عفى الزمن عليها مثل العربات الخشبية التي تجرها الأبقار والعربة ثلاثية العجلات (الريكشا) ضيقة المساحة وعربات مصنوعة باليد تعرف محليا بـ«جوغاد» أو (السيارات المطورة محليًا) والتي تناولتها جريدة «الشرق الأوسط» في تقرير سابق لها.
ويبدو أن شركة «إفومو» المحلية لأبحاث السيارات أدركت هذه الفجوة في سوق المواصلات المحلية في الهند فعمدت إلى ابتكار نموذج لأول سيارة تزود بإمكانيات تلائم المناطق الريفية الهندية. ومن المتوقع أن تطرح هذه السيارة في الأسواق في الأشهر القليلة المقبلة. وكان مهندس ميكانيكي من جامعة دلهي، أبهيناف داس، قد تمكن، مع فريق مساعد، من تطوير هذه السيارة التي أطلق عليها اللقب المختصر «آر يو في» وذلك بعد أبحاث استمرت 4 سنوات لإيجاد حل لمشكلة الحاجة إلى نظام مواصلات فعال في الريف الهندي.

* ما هي السيارة «آر يو في»؟
* تعد سيارة «سافاج»، التي تعمل على إنتاجها شركة «إفومو»، سيارة متينة ومنخفضة التكاليف تصلح للطرق غير المعبدة. وقد صممت بالاعتماد على مواد محلية. إنها سيارة لا تحتوي على أي كماليات، أما هيكلها الذي تم تسجيل التصميم الخاص به، فهو مصنوع من أنابيب صلب متوسطة الحجم ومطعمة بالألياف ما يمنح السيارة متانة ووزنا خفيفا ويجعلها اقتصادية. كما زودت بمحرك «يورو2» من إنتاج «جريفز كوتون».
تبلغ سعة محرك السيارة 600 سنتيمتر مكعب، كما تبلغ قدرة المحرك 12 حصانا يحقق 3600 لفة في الدقيقة ويعتبر مختلفًا عن محرك سيارة «جوغاد» التقليدية المزودة بناقل سرعة يدوي.
وتستطيع السيارة حمل وزن يصل إلى طنين، بينما يتراوح ثمنها بين 2200، و3 آلاف دولار أميركي للنسخة الخالية من الكماليات والتي يمكنها قطع مسافة 20 كلم في كل لتر واحد من وقود الديزل فيما تبلغ سرعتها القصوى نحو 60 كلم في الساعة.
وتمكن السيارة مستخدميها من القيام بالمهمات الأساسية التي تواجه المزارعين مثل ضخ المياه ورش الحقول وحتى توليد الكهرباء، إذ يقول منتجو السيارة إن الشركة ستسعى في المستقبل إلى تعديل مواصفات السيارة بحيث تتمكن من خدمة قطاعات أخرى مثل الصحة والتعليم.

* البداية
* بداية السيارة كانت في عام 2010 عندما لاحظ المهندس أبهيناف داس وجود فجوة في سوق المواصلات الريفية فقرر أن يفعل شيئًا ما لتداركها، فأبهيناف الذي كان يعيش في قوقعة مريحة منعزلة في المدينة، كان يحلم بتحقيق نجاح كبير في قطاع السيارات الفخمة. إلا أنه قرر تغيير مسار حياته بعد أن زار إحدى بلدة هندية تبعد 50 كلم عن مدينة دلهي وصدم حينها لرؤيته عربات تجرها الأبقار وسيارات من طراز «جوغاد» تعمل بمحركات مضخات المياه، وطرق ترابية تفتقد إلى مقومات السلامة تسير عليها عربات محملة بأعداد كبيرة من الركاب تفوق سعتها، مما يشكل خطرًا على حياة الركاب.
بدأ أبهيناف العمل على تصميم سيارة تلائم المناطق الريفية الهندية تكون تكلفتها منخفضة وتتحمل الظروف الصعبة للطرق الريفية في الهند على ألا يكون تصميمها مخالفا للقوانين وتكون وسيلة مواصلات آمنة. استوحى أبهيناف تصميم السيارة من تصميم سابق صنعه من إطارات الحديد الصلب في مشاريع نفذها في جامعة دلهي، وكان عبارة عن سيارة بمحرك رياضي صُممت على شكل شاحنة نقل صغيرة مع استخدام أنابيب الصلب بدلاً من الصفائح المعدنية، والغرض من ذلك، كما يقول، يعود إلى أن استخدام الصفائح المعدنية يتطلب آلات خاصة لتطويع الصفائح وثنيها، ومن ثم يزيد من تكلفة إنتاج السيارة، لكن الأنابيب المعدنية لا تعطي السيارة ميزة اقتصادية وحسب، ولكنها تمنح هيكل السيارة القوة أيضًا.
وتمكن أبهيناف وفريقه من إنهاء نموذج السيارة في 2011، ولكنه استمر في العمل على تحسين ذلك النموذج عن طريق وضعه تحت الاختبار لمرات كثيرة إلى أن تمكن من الانتهاء من النموذج النهائي في يناير (كانون الثاني) 2013.
تقدم أبهيناف بهذا التصميم إلى مركز التصميم الوطني والأعمال في المعهد الوطني للتصميم في مدينة أحمد آباد، حيث حصل على ورشة يجري فيها اختباراته، بالإضافة إلى منحه مالية مقدارها 600 ألف روبية هندية.
سيارة أبهيناف اكتسبت شهرتها إثر فوزها بجائزة «سباق تحدي الأفكار نسخة 2012» التي تجري على مستوى الهند مرتين كل عام. وبعد أن انتهى العمل على النسخة التجريبية للسيارة، تعتزم «إفومو» إنتاج نحو 50 سيارة في الأشهر القليلة المقبلة في وحدة التصنيع الخاصة بالشركة في مدينة أحمد آباد. ومن المتوقع أن يختلف تصميم السيارة المطروحة للبيع عن التصميم الأصلي بعض الشيء.

* المميزات
* من ناحية التصميم تتميز السيارة بتجهيزات تضمن سلامة ركابها عكس سيارة «جوغاد» التي تتكون من صندوق حديدي كبير لا يملك الركاب معه سوى الإمساك بحوافه لتجنب السقوط منه.
وتختلف سيارة «آر يو في» في تصميمها عن «جوغاد» بحيث يتعين على الركاب الجلوس داخلها. ويعد تصميم السيارة غير مخالف لأي ملكية فكرية، كما يمكن إضافة بعض الأجزاء إلى السيارة لتستخدم في توليد الكهرباء أو ضخ المياه. وستوفر المصارف قروضًا للراغبين في شراء السيارة التي سيتطلب إنتاجها استثمارات مالية منخفضة تخصص لبناء وحدات تصنيع تكلف بين 4 و6 ملايين روبية هندية من أجل إنتاج 50 سيارة في الشهر، كما توجد خطط لإضافة المزيد من الأجزاء للسيارة لاستخدامها في أوجه أخرى كخلط الإسمنت أو لتأدية وظائف زراعية بصورة فعالة.
وقد تمكن أبهيناف من إبقاء تكلفة إنتاج السيارة منخفضة باستخدامه لمواد متاحة محليًا والاستفادة من نماذج تصاميم عالمية لا تخضع لقوانين الحماية الفكرية.

* خطط التسويق
* تعتزم «إفومو» تسويق سيارتها في الأسواق الريفية وفي أوساط المزارعين. وكانت الشركة قد تلقت استفسارات مباشرة من مؤسسات حكومية وغير حكومية في الهند عقب إعلانها عن فتح باب الحجز للراغبين في اقتناء السيارة التي سيشرف على إنتاجها الاتحاد الهندي لأبحاث السيارات.
وتعتزم «إفومو» تقديم ورش لتوضيح عملية تصنيع السيارة تبث عن طريق الأقمار الصناعية لتصل للكثير من وحدات التصنيع في المناطق الهندية المختلفة لتسهيل عملية تصنيع السيارة وتشغيلها، كما تعتزم منح امتياز إنتاج السيارة لشركات أخرى صغيرة لتوسيع نطاق عمليات التصنيع دون الحاجة للبحث عن استثمارات إضافية. ويتطلع أبهيناف إلى بيع سيارة واحدة على الأقل في كل قرية من قرى الهند البالغ عددها 650 ألفا في غضون السنوات الخمس المقبلة.