أريك زيمور المرشح الرئاسي المرتقب لليمين الأكثر تطرفاً أمام العدالة الفرنسية

ليل 29 أيلول (سبتمبر) من العام الماضي وفي برنامج إخباري لقناة «سي نيوز» الفرنسية التي ينظر إليها على أنها نسخة عن قناة «فوكس نيوز» الأميركية، قال الإعلامي اليميني المتطرف أريك زيمور، في حديثه عن اللاجئين القاصرين الذين يصلون الى فرنسا من غير معيليهم ما يلي: «أعود وأكرر لكم إن هؤلاء القاصرين ليسوا سوى سارقين وقتلة ومغتصبين ولذا يتعين طردهم ويجب ألا يبقوا هنا».
ولأن هذه الأقوال تنضح بالعنصرية والحقد الأعمى والتعميم، فإن زيمور، النجم الصاعد لليمين الأكثر تطرفا والمرشح المحتمل لإنتخابات رئاسة الجمهورية التي ستجرى يومي 10 و24 أبريل (نيسان) المقبل، كان على موعد مع القضاء الذي وجه إليه اتهامات ثقيلة مثل إطلاق شتائم عنصرية والتواطؤ في إثارة الكراهية العنصرية التي عقوبتها السجن.
المحاكمة انطلقت اليوم الأربعاء في باريس، لكن زيمور لم يحضر شخصيا بل كلف محاميه تمثيله فيها الى جانب قناة «سي نيوز» المسؤولة عما يقال في برامجها. وسبق للقناة أن غرمت في مارس (آذار) الماضي 200 ألف يورو بسبب ما يبثه أثيرها، بما في ذلك تصريحات زيمور. وحتى أسابيع قليلة، كان الأخير أحد أبرز رموزها في برنامج أخباري مسائي يستغله عادة للدفاع عن آراء اليمين المتطرف والهجوم الدائم على اللاجئين والمهاجرين والترويج لنظرية «الإستبدال الكبير» التي تعني استبدال الشعب الفرنسي «الأصلي» والمسيحي الكاثوليكي بمهاجرين ولاجئين يأتون الى فرنسا من العالم العربي وأفريقيا. ووفق هذه النظرية، فإن هؤلاء يحملون ثقافة مختلفة وديانة أخرى ويسعون، مع تدفقاتهم الدائمة ونسبة الولادات المرتفعة لديهم، الى تغيير صورة فرنسا بحيث يمكن النظر إليهم كـ«مستعمرين جدد».
وسبق لزيمور أن حكم عليه سابقا مرتين بسبب تلفظه بعبارات مشابهة بحق الفئات نفسها. لكن ذلك لم يؤثر أبدا على شعبيته التي ارتفعت بشكل استثنائي بحيث أخذ يثير مخاوف المرشحين الكلاسيكيين لرئاسة الجمهورية يمينا ويسارا بمن فيهم مارين لو بن، مرشحة حزب «الجمهوريون» أي اليمين المتطرف. وخلال العقد الأخير، أقيمت على زيمور المتحدر من عائلة يهودية هاجرت الى فرنسا من الجزائر والبالغ من العمر 63 عاما، العشرات من الدعاوى التي برئ في غالبيتها لكنه أدين على الأقل مرتين.
وأمس حاول محامو زيمور والقناة الإخبارية تأجيل المحاكمة. إلا أن المحكمة رفضت ذلك وانطلقت الجلسة الأولى في أجواء بالغة التوتر وسط اتهامات متبادلة بين محامي الدفاع والحق العام. وسعى محامي زيمور للتقليل من وقع كلام موكله بالقول إن ما جاء على لسانه لا يعدو كونه امتدادا لما قاله مسؤولون رسميون إنما بكلمات أخرى.
وكان هذه الحلقة التلفزيونية قد بُثّت بعد فترة قصيرة من هجوم استهدف مقر صحيفة «شارلي أيبدو» الساخرة التي قضى هجوم إرهابي بداية العام 2015 على غالبية طاقمها بحجة نشرها صورا مسيئة للنبي محمد.
اللافت في محاكمة اليوم أن المدعين فاق عددهم الثلاثين وهم يمثلون جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة العنصرية، إضافة الى ممثلين للهيئات الرسمية في المناطق المولجة استقبال القاصرين والعناية بهم، خصوصا تلك التي يديرها سياسياً اليسار الفرنسي، مثل مقاطعات سين سان دوني وفال دو مارن وجيروند وهوت غارون والبيرينيه الشرقية...
المحاكمة سوف تتواصل، لكن على المستوى السياسي، فاقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتركيز منذ اليوم على مسائل الهجرة واللجوء والإسلام والإرهاب وبالنظر الى أن فرنسا، سوسيولوجيا وسياسيا أخذت تميل اكثر الى اليمين، سيستمر التركيز أكثر على هذه المسائل. وخلال المناظرة الأخيرة بين مرشحي اليمين الكلاسيكي الخمسة، بدا أن كلا من هؤلاء يريد الظهور بأنه الأكثر تشددا ويمينية في التعامل مع هذه المسائل المتفجرة. ويذهب البعض الى اتهام زيمور بأنه ينفخ في نار ستفضي الى «حرب أهلية» في فرنسا وأنه لا يتردد في استخدام كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة للوصول الى غاياته السياسية.