متمردو إقليم تيغراي يستبعدون حصول «حمام دمّ» في أديس أبابا

استبعد متمردو إقليم تيغراي الإثيوبي احتمال حصول «حمام دم» في أديس أبابا في حال دخلوا إليها لإسقاط الحكومة، مؤكدين أن هدفهم ليس السيطرة على العاصمة، وأن سكانها «لا يعارضونهم بشدة».
ودعت دول عدة رعاياها إلى مغادرة إثيوبيا، في وقت يشهد النزاع بين المتمردين والقوات الحكومية في شمال البلاد تصعيداً، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وأمرت الحكومة الأميركية السبت دبلوماسييها غير الأساسيين بمغادرة إثيوبيا.
وبعدما أعلنوا في نهاية الأسبوع الماضي استعادتهم مدينتين استراتيجيتين على مسافة 400 كيلومتر من العاصمة، لم يستبعد مقاتلو جبهة تحرير شعب تيغراي وحلفاؤهم من جيش تحرير «أورومو» الزحف نحو أديس أبابا.
من جهتها، تنفي الحكومة أي تقدم للمتمردين أو تهديد للعاصمة، إلا أنها أعلنت حالة الطوارئ وطلبت سلطات أديس أبابا من السكان تنظيم أنفسهم لـ«الدفاع عن المدينة». وتجمع أمس عشرات الآلاف من سكان العاصمة في ساحة مسكل الشهيرة، دعماً للحكومة وتعهدوا بالتصدي للمتمردين، غير أن المتحدث باسم جبهة تحرير شعب تيغراي، غيتاشيو رضا، أكد لوكالة الصحافة الفرنسية أن «القول إن سكان أديس (أبابا) يعارضوننا بشدة، مبالغ فيه». وأضاف «أديس يعيش فيها ناس من كافة الاهتمامات، والقول إن أديس ستتحول إلى حمام دم إذا دخلناها أمر سخيف جداً. لا أعتقد أن هذه الفرضية (...) تتمتع بالصدقية». وأكد رضا أن السيطرة على العاصمة ليست «هدفاً»، وقال: «لسنا مهتمين بشكل خاص بأديس أبابا، بل نريد التأكد من أن آبي لا يشكل تهديداً لشعبنا» أي سكان تيغراي (6 في المائة من الشعب الإثيوبي). وأشار إلى أنه في حال لم يرحل رئيس الوزراء، فالمتمردون سيسيطرون «بالطبع» على المدينة.
وأوضح أن المتمردين يتقدمون نحو الجنوب و«يقتربون من أتاي» التي تبعد 270 كلم شمال العاصمة، وكذلك نحو الشرق باتجاه ميل الواقعة على الطريق المؤدي إلى جيبوتي الأساسي لإمدادات أديس أبابا، لكن جبهة تحرير شعب تيغراي تؤكد أنها لا ترغب في استعادة السلطة، بعدما حكمت بقبضة من حديد بين 1991 و2018، وقال: «يمكنني أن أؤكد لكم أن ذلك لا يهمنا». وأضاف «نريد ببساطة أن نتأكد من أن صوت شعبنا مسموع، ومن أنه يمارس حقه في تقرير مصيره خصوصاً عبر تنظيم استفتاء لتقرير ما إذا كان يريد أن يبقى في إثيوبيا أو أن يصبح مستقلاً».
وهيمنت جبهة تحرير شعب تيغراي على الأجهزة السياسية والأمنية في إثيوبيا لنحو ثلاثين عاماً، بعدما سيطرت على أديس أبابا وأطاحت بالنظام العسكري الماركسي المتمثل بـ«المجلس العسكري الإداري الموقت» في 1991. وأزاح آبي أحمد الذي عُين رئيساً للوزراء في 2018، الجبهة من الحكم فتراجعت هذه الأخيرة إلى معقلها تيغراي. وبعد خلافات استمرت أشهراً، أرسل آبي أحمد الجيش إلى تيغراي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 لطرد السلطات الإقليمية المنبثقة عن جبهة تحرير شعب تيغراي التي اتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية.
وأعلن انتصاره في 28 فبراير (شباط)، لكن في يونيو (حزيران)، استعاد مقاتلو الجبهة معظم مناطق تيغراي وواصلوا هجومهم في منطقتي عفر وأمهرة المجاورتين.
في ساحة مسكل في أديس أبابا، كان العداء واضحاً أمس أثناء تجمع مؤيد للحكومة. واتهمت رئيسة بلدية أديس أبابا أدانيش أبيبي في خطاب «أعداء» إثيوبيا بأنهم يحاولون «ترويع سكاننا». وانتقدت الحكومة الأميركية التي قامت الأسبوع الماضي بإلغاء امتيازات تجارية ممنوحة لإثيوبيا بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان في حملتها العسكرية في إقليم تيغراي، وقالت: «إن كانت المساعدات والقروض ستجردنا من حريتنا، وإن كانت ستقودنا للتضحية بحريتنا، فلن نضحي بحريتنا». وأكدت أن المكان المناسب لجبهة تحرير شعب تيغراي «هو الجحيم».
وحمل المتظاهرون أمس لافتات تنتقد وسائل الإعلام الغربية، لبثها ما وصفوه بـ«أخبار كاذبة» ومبالغة في المكاسب التي حققها المتمردون. وحثت لافتات أخرى الولايات المتحدة على «التوقف عن مص دمائنا».
وأكد مشاركون في التجمع أنهم ليسوا خائفين من جبهة تحرير شعب تيغراي. وقال أحدهم واسمه كيبدي هايلو: «لن يأتوا إلى أديس أبابا لأنني أعتقد أن الجيش سيدمرهم». وأضاف تاجر الملابس «لن يكون هناك أي مفاوضات (...) إنهم إرهابيون يجب دفنهم وتدميرهم»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
وتبذل الأسرة الدولية جهوداً لجمع طرفي النزاع حول طاولة مفاوضات منذ عام، لكن بدون جدوى.
وزار نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث ومبعوث الاتحاد الأفريقي للقرن الأفريقي أولو سيغون أوباسانجو، أمس، ميكيلي عاصمة إقليم تيغراي للقاء مسؤولين بينهم زعيم جبهة تحرير شعب تيغراي ديبريتسيون جبريمايكل، بحسب مصادر متطابقة.
ومن الفاتيكان، دعا البابا فرنسيس إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء النزاع في إثيوبيا. وقال البابا: «أتابع بقلق الأخبار التي تصل من منطقة القرن الأفريقي، ولا سيما من إثيوبيا التي يهزها صراع مستمر منذ أكثر من عام ويتسبب في وقوع العديد من الضحايا وأزمة إنسانية خطيرة». وأضاف من ساحة القديس بطرس بالفاتيكان «أجدد ندائي ليسود الوئام الأخوي والدرب السلمي للحوار».