عشرات القتلى بتفجير انتحاري في مسجد بأفغانستان

في أسوأ هجوم منذ استيلاء حركة {طالبان} على السلطة، وانسحاب القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة من كابل، في أواخر أغسطس (آب) الماضي قتل ما لا يقل عن 55 شخصاً في انفجار قوي نفذه {انتحاري} بمسجد ترتاده أقلية الهزارة في شمال أفغانستان، أمس الجمعة. وأعلن تنظيم {داعش - ولاية خراسان} مسؤوليته عن تفجير المسجد الشيعي، مشيراً في بيان عبر قناته على موقع {تلغرام} إلى أن أحد عناصر فجّر سترته الناسفة موقعاً 300 شخص بين قتيل وجريح.
وذكرت وكالة أنباء «بختار» الحكومية الأفغانية، من جهتها، أن ما لا يقل عن 143 شخصاً أصيبوا بجروح في الحادث بمنطقة خان آباد بمدينة قندوز. وقال نائب لمدير إدارة الصحة في الولاية إنه سقط «نحو 50 قتيلاً، وما لا يقل عن 50 جريحاً».
وأظهرت لقطات مصورة جثثاً محاطة بالأنقاض داخل المسجد الذي ترتاده الأقلية الشيعية. وكتبت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان في تغريدة على «تويتر»: «تشير المعلومات الأولية إلى مقتل وإصابة أكثر من 100 شخص في تفجير انتحاري داخل المسجد». ونشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للضحايا والأنقاض. وأظهر أحد المقاطع رجالاً ونساء يركضون في الشارع وهم يصرخون.
ووقع الانفجار في أعقاب عدة هجمات حدثت في الأسابيع الأخيرة، من بينها هجوم على مسجد في كابل. وأعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن بعض هذه الهجمات. وسلطت هذه الهجمات الضوء على التحديات الأمنية التي تواجه حركة {طالبان}، التي سيطرت على البلاد في أغسطس (آب)، وشنت منذ ذلك الحين عمليات ضد خلايا تنظيم «داعش» في كابل.
وقال المتحدث باسم «طالبان} ذبيح الله مجاهد، على «تويتر»، «وقع انفجار بعد ظهر اليوم (أمس) في مسجد لأبناء وطننا من الشيعة... أسفر عن استشهاد وجرح عدد من أبناء وطننا».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر أمنية إن منفّذ الهجوم في قندوز من مسلمي الأويغور الذين تعهدت {طالبان} بطردهم وإقصائهم استجابة لمطالب الصين. وقال المسؤول المحلي في {طالبان} في قندوز مطيع الله روحاني للوكالة الفرنسية إن التفجير الدامي الذي استهدف المسجد نفذه انتحاري.
وفي منتصف أغسطس الماضي، استولت حركة {طالبان} على السلطة في أفغانستان بعد انسحاب القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة. وتم حل الجيش والشرطة، وفر المسؤولون الحكوميون، مما ترك فراغاً أمنياً. يذكر أن حركة {طالبان} تعتبر تنظيم «داعش» الإرهابي من أعدائها، وتقاتل الحركة، التنظيم، منذ ظهوره في أفغانستان أوائل عام 2015. ووقعت هجمات للتنظيم بشكل أساسي في العاصمة كابل وفي ولايتي ننجرهار وكونار الشرقيتين.
من ناحية أخرى، ذكر توماس روتيج من شبكة محللي أفغانستان، وهي إحدى هيئات الخبراء، أن هجمات تنظيم «داعش» لا تعني أن وضع التنظيم قد أصبح أقوى في البلاد - على الأقل في الوقت الحالي. لكن روتيج أضاف أنه بعد خسارة التنظيم لقواعده في شرق أفغانستان في عامي 2019 و2020، يبدو أن البقايا والفلول عاشت في الخفاء وهي قادرة على شن مثل هذه الهجمات.
وبعد تفجير المسجد أمس الجمعة تحدثت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان (يوناما) عن «نمط مقلق من العنف»، قائلة إنه كان ثالث هجوم مميت خلال أيام يستهدف على ما يبدو مؤسسة دينية.
وكان تنظيم «داعش» قد أعلن مسؤوليته عن حادث يوم الأحد الماضي قرب مسجد في كابل. وقالت بعثة الأمم المتحدة على «تويتر»، إن أحداً لم يعلن حتى الآن مسؤوليته عن الهجوم الذي وقع على معهد ديني في ولاية خوست شرق البلاد الأربعاء.
وفي سياق متصل، دعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الجمعة، الدول الأعضاء في التكتل، لاستقبال 10 آلاف إلى 20 ألف لاجئ أفغاني إضافي «كحد أدنى». وقال بوريل في مناسبة منتدى في مدريد، «علينا استقبال المزيد من اللاجئين، وعلى الدول الأعضاء أن تتعهد باستقبال 10 آلاف إلى 20 ألفاً بشكل إضافي كحد أدنى». وذكر بأن 22 ألف أفغاني موجودون في الاتحاد الأوروبي منذ تم إجلاؤهم من بلادهم، خصوصاً في إطار الجسر الجوي الذي أقامه الغربيون بعد سقوط كابل، ووصول {طالبان» إلى السلطة في أغسطس. وأضاف: «لكن من أجل استقبالهم، يجب إجلاؤهم ونحن نهتم بذلك، لكن الأمر ليس سهلاً».
من جهتها، أعلنت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية يلفا يوهانسون، الخميس، أن مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين ترغب في أن تستقبل دول الاتحاد الأوروبي 42.500 لاجئ أفغاني في السنوات الخمس المقبلة. وهو هدف «قابل للتحقيق»، حسب قولها. وقد امتنعت الدول الأعضاء الـ27 حتى الآن عن تحديد هدف بالأرقام لاستقبال لاجئين أفغان. وتعهدت في نهاية أغسطس بدعم الدول المجاورة لأفغانستان لكي تستقبل في المنطقة الفارين من نظام «{طالبان}»، بهدف تجنب تدفق مهاجرين مجدداً إلى أوروبا.
ويشكل استقبال اللاجئين موضوعاً حساساً جداً في الاتحاد الأوروبي الذي لم يتمكن من الاتفاق على إصلاح نظام اللجوء لديه.