«كورونا» يتفشى في درعا والسويداء

حذر أطباء في درعا (جنوب سوريا) من تفشي فيروس كورونا في معظم مناطق المحافظة، وذلك بعد أن عاد المنحى التصاعدي لانتشار وباء «كورونا» إلى الارتفاع في الأسابيع الأخيرة، مؤكدين أن منطقة جنوب سوريا تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في أعداد المصابين بفيروس كورونا، لا سيما مع الحاجة إلى مستشفيات ومراكز ومعدات متخصصة مساعدة على العلاج من الفيروس، مشددين على ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية.
وقال طبيب في درعا (رفض الكشف عن اسمه لاعتبارات أمنية) لـ«الشرق الأوسط»، «سلجت محافظة درعا أكثر من 120 إصابة جديدة خلال اليومين الماضيين، بينها حالتا وفاة، وقبلها بأيام سجلت ما يقارب 200 إصابات جديدة، وهذه أعلى حصيلة للإصابات تشهدها المنطقة منذ انتشار الفيروس». وتوقع أن «تشهد الأيام المقبلة زيادة جديدة في أعداد المصابين بسبب الاستهتار بتطبيق الإجراءات الوقائية اللازمة، والتقيد بإجراءات التباعد الاجتماعي، وضعف نظام الرعاية الصحية والمراكز الصحية المتخصصة بعلاج مثل هذه الحالات، لا سيما أن المنطقة تعاني أصلاً من أزمة صحية أثرت على النظام الصحي بشكل عام في درعا». وأكد أن «القطاع الصحي يشهد نقصاً في الأدوات والأجهزة الطبية، وتضرراً كبيراً جراء سنوات طويلة من النزاع، ورغم المحاولات لتحضير مراكز لرعاية مصابي (كورونا) في المستشفيات الحكومية والخاصة في درعا، إلا أنها غير مجهزة بما فيه الكفاية لتقديم الرعاية الكاملة، واحتواء تفشي الفيروس، نتيجة تزايد أعداد المصابين ونقص الأطباء من إخصائيي الصدرية والتنفسية». وحسب بيانات وزارة الصحة السورية، فقد سجلت 14 إصابة جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية فقط، وحالة وفاة واحدة في محافظة درعا.
وأكد الطبيب أن «هناك حالات مصابة بسلالات جديدة متحورة من فيروس كورونا، وهي أشد خطورة وسريعة الانتشار، وأصبحنا نعاين إصابات من جميع الأعمار بما فيهم الشباب اليافعون وحتى أطفال، وأن جل الحالات تتوجه لعيادات الأطباء الخاصة لتقييم الحالة وتشخيصها ووصف الأدوية المساعدة، أو تحويلها إلى المشافي أو المراكز الخاصة بحسب درجة الخطورة، وأغلب هذه الحالات تتوجه للحجر في المنزل، ولا تذهب إلى المشافي، فلا يتم التوثيق لدى وزارة الصحة إلا للحالات التي تصل المشافي والمركز الحكومية السورية، أما الحالات الأخيرة المصابة، التي عزلت في المراكز الخاصة أو المنازل لا يتم توثيقها غالباً من قبل مديرية الصحة في محافظة درعا».
وأرجع الطبيب الأسباب التي زادت من انتشار «كورونا» مؤخراً إلى عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية، وعدم تشخيص الحالة المصابة بالفيروس مباشرة، حيث إن الكثيرين من الناس يجهلون إصابتهم بالفيروس في بداية الأعراض عندما تكون غير شديدة، ولا يلجأون إلى التشخيص أو الفحص الطبي إلا بعد تزايد واشتداد الأعراض، وخلال وجود الحالة في المراحل الأولى وجهل المعرفة بالإصابة بالفيروس، يستمرون بممارسة الحياة العادية ومخالطة الناس، وهذا أكبر خطر ساعد على تفشي المرض، خصوصاً أن المنطقة شهدت في الشهور الماضية هبوطاً كبيراً بمنحى الإصابات ما دفع إلى الابتعاد عن الإجراءات الوقائية، خصوصاً التباعد الاجتماعي. وزاد أن معظم الحالات، خصوصاً الشبابية، والأطفال والرجال الذين لا يعانون من أمراض مزمنة تشهد تحسناً واستجابة للتعافي من الإصابة، لكن الخطر يكمن بالمصابين بأمراض قلبية أو تنفسية أو ضعيفي المناعة، ومعظمهم يحتاج إلى مركز خاص للرعاية أو إلى المشافي والمتابعة الدقيقة، ومنها ينقل إلى المشافي في العاصمة دمشق لوجود خدمات طبية أكثر وكوادر مختصة. مصدر طبي من مشفى مدينة درعا الوطني أوضح عبر وكالة «سانا» الرسمية، أن المصابين بفيروس كورونا يشغلون اليوم ربع عدد أسرة قسم العزل في المستشفى، أي 10 أسرة من أصل 40 سريراً، مشيراً إلى أن قسم العزل يستقبل الحالات الخطرة، التي تحتاج إلى تدبير طبي فائق، في حين أن الحالات المتوسطة والبسيطة تخضع للعلاج المنزلي.
وبشأن السويداء، قالت «شبكة السويداء 24» في تقرير نشرته مؤخراً إن «مشفى السويداء الوطني سجل وفاة ثلاثة مرضى مصابين بفيروس كورونا، خلال الأسبوع الماضي، بالتزامن مع ازدياد أعداد المصابين بالفيروس. في ظل حالة من عدم المبالاة لدى شريحة واسعة من المجتمع».
وأفاد مصدر طبي في المستشفى بوفاة ثلاثة مصابين بفيروس «كوفيد - 19»، خلال الأسبوع الأخير، داخل المستشفى الوطني فقط، مشيراً إلى أن حالات الوفاة والإصابات خارج المشفى أكثر بكثير من الأعداد المسجلة بقيود المشفى اليومية. ووثقت مصادر إعلامية وفاة المهندس أدهم وهاب، بعد معاناة مع فيروس كورونا، منبهاً من التراخي وعدم الاكتراث بالموجة القادمة.
وعلى الرغم من نشرات التوعية العامة بالمرض، وجولات التطعيم باللقاح التي قامت بها وزارة الصحة مؤخراً، تشير دراسات طبية إلى انتشار الجيل الرابع من فيروس «دلتا»، الذي يمتاز عن غيره بسرعة الانتشار وعدم التمييز بين الفئات العمرية، خصوصاً أن مؤشر الإصابات يدل على التفشي، إلا أنه لم يصل إلى الذروة بعد.
من جانبها، صرحت وزارة الصحة السورية مؤخراً بإشغال أقسام «كورونا» في مشافي دمشق وريفها واللاذقية مائة في المائة. وذكر موقع «صوت العاصمة دمشق» أن الكلفة التي تفرضها المشافي الخاصة في العاصمة دمشق للدخول إلى قسم العزل الخاص بمصابي «كورونا» قد وصلت 7 ملايين ليرة سورية لليوم الواحد.
يشار إلى أن آخر إحصائية مُعلنة من قبل وزارة الصحة السورية للإصابات بفيروس كورونا في سوريا، بلغت 31741 إصابة، و23298 حالة شفاء، و2172 حالة وفاة، في حين يقول أطباء إن إحصائيات الوزارة مبنية على الحالات التي تحظر إلى المراكز والمشافي الحكومية، وإن أعداد المصابين والمتعافين والوفيات أكثر مما يرد في الإحصاء الرسمي.