«إم بي سي» في عيدها الثلاثين: «كل يوم أحلى»

على مدخل مكاتب «إم بي سي» في دبي، وبين الاستوديوهات الضاجّة بالحياة، وُضعت صورة لفيروز مع جميل عبارات السلام: «كيفك إنت ملّا إنت». هناك، تُصوَّر برامج بينها «صباح الخير يا عرب»، أجندة بدايات الأيام وإشراقة الأمل في النفوس مع طلوع الشمس. لأكثر من ساعتين، يمتد احتفال البرنامج ببلوغ المجموعة الأعوام الثلاثين، والابتسامات زينة الوجوه بين السعودية والإمارات. ثلاثة عقود، ثلاثة أجيال؛ والعين إلى الأمام تتطلّع نحو المزيد وتسعى إليه بجهد وكدّ.
بالحرف العريض، يستقبل شعار المجموعة، «نرى الأمل في كل مكان»، زوّار المكتب الرئيسي. «مرّة وحشتنا المكاتب»، يلفح الحنين مقدّمة البرنامج سارة مراد. حلقة تحية وذكريات، تقدّر التعب مع الشكر: من الذين يتصدّرون المشهد، إلى الكواليس وعمال الاستقبال. العائلة الكبرى، يحضر أفرادها بهمم عالية ومعنويات مرتفعة. تقارير من داخل خلايا النحل؛ من الضغط والتوتر والرهبة، حيث العمل العظيم يشترط عزيمة عظيمة ومنافسة شريفة وسقف طموح من دون أفق؛ فتلاقي الأحلام الفرص، والأفكار الخلاقة تربتها الخصبة لتُزهر وتلوّن الحقل.
كانت الكومبيوترات ضخمة، حين بدأ يتحقق الحلم. اليوم، الضخامة لطاقم العمل، للمحتوى الترفيهي والدرامي النوعي، وللإنتاج بأبهى صورة. «(إم بي سي) رفعت المقاييس»، تقول الشيف هالة عياش. «وعلّمتنا الإعلام على أصوله»، تؤكد نشوى الرويني.
يشبّه المدير العام لمجموعة قنوات «إم بي سي» علي جابر ولادة الصرح بـ«التطريز». يستضيفه «صباح الخير يا عرب» بحلقة الاحتفال، وتتوالى الأسئلة عن الأمس واليوم والغد. «قطعة قماش جميلة مطرّزة بالثقة على مدى ثلاثين عاماً، هي (إم بي سي)». يحلو الحديث عن مسيرة النجاح والتوسّع. يدرك عميد كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأميركية بدبي، مدى «خطورة» العمل الإعلامي، ويقول لمحاورَيْه إنّ نظرة ارتياب ترافق دور الميديا في المجتمعات، والتحدي هائل لإثبات المهنية، كاشفاً سر الاستمرار: «الناس». فالمجموعة تضع الشبان والشابات في مكانهم المناسب، تمكنهم من طرح أفكارهم، تعطيهم المساحة لممارستها، تدافع عنهم وتحميهم. ماذا عن التحديات؟ يكمل كاشفاً سراً آخر: «المرونة». فأهمية «إم بي سي» في التكيّف السريع واتخاذ القرارات الاستراتيجية وتنفيذها بسهولة. «لسنا تيتانيك»، يمازح، «ولا يتطلب الأمر وقتاً طويلاً لنكوّع»، مقدّماً الدليل: «شاهد». «الإعلام يتطوّر بشكل مذهل. ومن لا يواكب التطوّر المستجد في الحقل الإعلامي، قدره الاختفاء. إنه التحدي. استثمرنا أموالاً طائلة في (شاهد)، ووضعنا جهداً جباراً. البث الرقمي مستقبل الإعلام».
بالكلام عن «شاهد»، فهو يحتفل أيضاً بالعيد السعيد. «ثلاثون عاماً من ذكريات MBC»، حلقات وحنين طوال ثلاثين يوماً، من تقديم جميل ضاهر وأماني موسى. في كل حلقة ضيف من نجوم المجموعة، يستعيد اللحظات الأولى وخبرة العمر. يغذّي «شاهد» محتواه بأرشيف ضخم وإنتاجات أصلية متفوّقة؛ ومنذ إطلاقه في عام 2011 ثم إعادة إطلاقه بحلّة جديدة مع بدايات عام 2020، وهو يشرّع الباب على حقبة فريدة للإعلام الرقمي، متصدياً بجدّية لهجمة كبار أمثال «أمازون» و«نتفليكس»، ومحاولات السيطرة على السوق العربية: «نحن العائق أمام هذه الشركات العملاقة. نملك ما لا تملكه، خبرة ثلاثين سنة»، يختم علي جابر بضحكة الواثق من الفوز.
«(إم بي سي) وُلدت كبيرة»، تختصر فاطمة بن حوحو الصفات. وهي «الحب الأول لبعدو مكمّل»، تعبّر رزان المغربي. استضافتها حلقة الذكريات على «شاهد»، فسردت بخفة دم حماسة البداية في لندن، بأفكارها «المجنونة»، بطاقتها الهائلة، بجرأة كسر نمط العربية الفصحى والانفتاح على برامج الغناء الأجنبي. درس السنوات، تلخّصه رزان: «إن لم تتعلّم شيئاً من (إم بي سي)، فلن تتعلّم شيئاً من الحياة».
الجولة في المكاتب والاستوديوهات مستمرة، والجميع بالكمامات، يدعون للمجموعة بأطيب الأمنيات. الفرحة مشتركة بين النجوم ومن لا يخرجون إلى الضوء، لكنهم الجنود المجهولون، قادة الجوقة نحو بديع العزف. يزفّ المدير العام للقطاع الموسيقي والإذاعي زياد حمزة بشرى البرمجة الجديدة وكثافة المشاريع في «بانوراما إف إم» و«إم بي سي إف إم»، فالعيد الوطني السعودي حدث يفرض تحضيرات على أكمل وجه. يعد بـ«باقة ترضي جميع الأذواق»، بعد عدّ خطوات النجاح، مع التذكير بـ«البودكاست». إنه المستقبل.
تنوُّع المحتوى من تنوُّع الناس. «نحن 12 جنسية في (صباح الخير يا عرب)»، تشعر سارة مراد بالفخر، ليضيف علي جابر: «70 جنسية في مبنى (إم بي سي)، والجميع يعمل بتناغم ساعة سويسرية». يحرّر التنوّع المجموعة من حدود السوق الجغرافية الضيقة، فيتوسّع الانتشار ليشمل كل بيت عربي على الأرض.
وقف المذيع هاني الحامد على السجادة الحمراء في لشبونة يرحّب بالأسماء الرنانة الآتية إلى الاحتفال بالعيد الثلاثين. 21 عاماً تمضيها الإعلامية الحالمة ريا أبي راشد في «إم بي سي» تحاور بعفويتها وضحكتها العريضة كبار صنّاع السينما. و17 عاماً وجويل ماردنيان علامة فارقة في الجمال التلفزيوني وتعزيز ثقة المرأة بروحها وشكلها. مشروع جديد قريباً، كادت المقدّمة أن تشي به، ثم تدارك الجميع الوضع: «التفاصيل فيما بعد».
كل فقرة بمثابة عبرة تتعلق بالدرب والوصول، فإذا بنيكول تنوري من باب الإقرار بالفضل، تجزم بأهمية «الإطار» في تكريس النجومية: «لو كنا بـFrame آخر لما بلغ اللمعان أقصاه».
7 سنوات وبرنامج «الثامنة» مع داود الشريان يرحّب بشكاوى الناس ويبحث عن حلول. «هم صنعوا محتواه، وبهم استمر»، يقول عبر «سكايب». ولينا صوان، أول وجوه برامج المنوعات تذكّر بالقاعدة الثابتة: «نتحمّل أقصى المسؤولية، فالتجديد لا يعني التغاضي عن قيم مجتمعنا العربي». يحتفل مكتبا الرياض ودبي بالعيد، مع قالبَي حلوى وجَمعة أهل. «بلاتينوم ريكوردز» تنتج أغنية الأجيال الناجية بالأمل، عنوانها «غنوا للحياة». «كل يوم أحلى وla la la la...».