تغيير وزير الخارجية البريطاني في تعديل وزاري

خفض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مستوى وزير خارجيته دومينيك راب في تعديل وزاري لحكومته أمس (الأربعاء) لمواجهة مرحلة ما بعد وباء «كوفيد». وقدّم داونينغ ستريت التعديل الوزراي على أنه وسيلة «تشكيل فريق قوي موحد لإعادة البناء بشكل أفضل بعد الوباء»، «مع هدف توحيد البلاد بأسرها».
وعُيّنت وزيرة التجارة الخارجية ليز تروس (46 عاماً)، في هذا المنصب الاستراتيجي، في وقت تسعى المملكة المتحدة لتعزيز موقعها على الساحة الدولية بعد «بريكست». وأصبح راب الآن وزيراً للعدل ونائباً لجونسون، في حين يسعى رئيس الوزراء إلى إنعاش الحكومة بعد تراجع نسبة تأييد حزب المحافظين الحاكم في الانتخابات. وكانت مصادر في مقر جونسون أكدت أمس، أن التعديل جاء من أجل تعيين فريق «قوى ومتحد». وذكر المصدر لـ«رويترز»، أن «رئيس الوزراء سيعين وزراء بهدف التركيز على توحيد وتعزيز الدولة بأكملها». والشائعات بشأن التعديل الحكومي سارية منذ أسابيع. وواجه جونسون دعوات لإقالة راب بعدما أمضى وزير الخارجية عطلة في كريت أثناء تقدم حركة «طالبان» صوب العاصمة الأفغانية كابول، ومزاعم بتجاهل قراءة آلاف الرسائل الإلكترونية من أشخاص يطلبون المساعدة لمغادرة أفغانستان. وقال مكتب رئيس الوزراء، إن وزير المالية ريشي سوناك سيبقى في منصبه. وطال التعديل كبار الوزراء، أولهم وزير التعليم. وعرقلت الجائحة مساعي جونسون لحل مشكلة عدم المساواة بين المناطق منذ أن فاز في انتخابات 2019. واتهم معارضون جونسون بأنه اختار أمس (الأربعاء) للإعلان عن التعديل الوزاري ليغطي على تصويت مزمع لحزب العمال المعارض في البرلمان على قرار الحكومة إلغاء دعم إضافي للأسر منخفضة الدخل جرى استحداثه أثناء الجائحة، وهي خطوة عبّر بعض نواب حزب المحافظين عن قلقهم بشأنها أيضاً.
بعد أزمة «كوفيد - 19» التي استمرّت لعام ونصف العام وتسببت في أضرار كبيرة بالنسبة لبريطانيا وسحب القوات البريطانية من أفغانستان الذي أثار انتقادات كثيرة، وفي وقت يُحدث «بريكست» اضطرابات كبيرة في الإمدادات في البلاد، يسعى رئيس الوزراء لإيجاد زخم جديد لحكومته. ويغادر وزير التعليم وليامسون الحكومة بسبب تعامله مع إغلاق المدارس أثناء فترات الحجر والفشل الذريع في ترتيبات الامتحانات. وكذلك بالنسبة لوزيري العدل روبرت باكلاند والإسكان روبرت جينرك.
في المقابل، أُبقي وزير المال البريطاني الشاب ريشي سوناك (41 عاماً) في منصبه، وكذلك وزيرة الداخلية بريتي باتيل، رغم تعرّضها لانتقادات بسبب عجزها عن تخفيض عدد المهاجرين غير القانونيين الوافدين من فرنسا عبر بحر المانش.
يأتي هذا الإعلان في وقت حساس بالنسبة لرئيس الحكومة المحافظ البالغ 57 عاماً والذي وصل إلى داونينغ ستريت في صيف عام 2019، وحقق انتصاراً ساحقاً في الانتخابات التشريعية التي أُجريت في ديسمبر (كانون الأول) 2019 مع وعده بتنفيذ «بريكست». وأظهر استطلاع للرأي أجراه مؤخراً معهد «يوغوف»، تراجع شعبية المحافظين بشكل حاد الذين تقدم عليهم حزب العمال للمرة الأولى منذ مطلع العام. وتدفع الحكومة بذلك ثمن إعلانها زيادة رسوم الاشتراك في الضمان الاجتماعي المخصصة لدعم نظام الصحة العام الذي تعرّض لنكسة قوية بسبب الوباء. ورفعت الحكومة الضرائب إلى أعلى مستوياتها منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية رغم وعد المحافظين خلال حملتهم لانتخابية بعدم زيادة الضرائب. وتثير العودة إلى المدارس وحلول فصل الخريف مع مجموعة الفيروسات الموسمية التي تأتي معه على غرار الزكام، الخشية من الأسوأ في المستشفيات، مع خطر مفاقمة الوضع بشكل كبير في بريطانيا التي تسجّل أسوأ حصيلة وفيات في أوروبا (أكثر من 134 ألف وفاة). وترتكز خطط الحكومة التي أُعلن عنها الثلاثاء تمهيداً لفصل الشتاء، بشكل أساسي على حملة تلقيح بجرعة معزّزة ضد «كوفيد»، مع اللجوء فقط في حال تدهور الوضع كثيراً إلى قيود على غرار وضع الكمامات في الأماكن المغلقة والعمل عن بُعد والتصريح الصحي. على المستوى الاقتصادي، ورغم استئناف النمو، تواجه بريطانيا عواقب «بريكست» التي تكثّف الصعوبات المرتبطة بالوباء. وتعاني قطاعات عدة من نقص في اليد العاملة، خصوصاً من حيث السائقين؛ ما يثير اضطرابات في الإمدادات، كما أن معدّل التضخم سجّل ارتفاعاً كبيراً في أغسطس (آب) إلى أعلى مستوياته منذ عام 2012.