إضراب العاملين في «المترو» يسبب الاضطراب في مدينة الضباب

استيقط سكان العاصمة البريطانية اليوم (الأربعاء) على مشهد غير مألوف بإغلاق عدد من المحطات الرئيسة لشبكة مترو الأنفاق التي تمثل وسيلة المواصلات الأكثر استخداما وفعالية للنسبة الأكبر من أهالي وزوار لندن، وذلك بسبب إضراب عام للعاملين في المترو الأقدم في العالم، نظمه اتحاد العمال في شبكة القطارات الرئيسة من الساعة التاسعة مساء (بتوقيت غرينتش) من يوم أمس الثلاثاء وحتى الساعة ذاتها يوم غد الجمعة 7 فبراير (شباط) 2014، احتجاجا على خطط السلطات المحلية إغلاق منافذ بيع التذاكر ابتداء من العام المقبل، الأمر الذي سيتسبب في الاستغناء عن مئات العاملين.
وتعكس الحالة التي شهدتها شوارع لندن في أول أيام الإضراب أهمية منقطعة النظير لوسيلة النقل الأهم والأسرع التي يرتادها الناس بمختلف طبقاتهم وفئاتهم بمعدل رحلات يصل إلى ثلاثة ملايين ونصف المليون رحلة يوميا، وبحصيلة ركاب تتجاوز المليار سنويا، الأمر الذي يعطي تفسيرا واضحا لمشهد الازدحام المروري والتكدس الغير مألوف في محطات انتظار الحافلات وسيارات الأجرة بحثا عن وسائل بديلة للوصول إلى الوجهة المطلوبة، وعلى الرغم من محاولات بعض المديرين والمتطوعين الغير أعضاء في نقابات العمال، التي أعلنت الإضراب، تشغيل وتسيير خدمات محدودة في عدد من المحطات، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لحجب مشهد المعاناة التي عايشها سكان مدينة الضباب اليوم، سواء في التكدس في الحافلات أو في ازدحام مروري خانق لمن اختار الاستخدام غير المعتاد لسيارته، أو استخدام الدراجات الهوائية للبعض وربما المشي لمسافات أطول اضطرارا، لينتهي الأمر بالانتظار لساعات طويلة في رحلة الذهاب ومعاناة أكبر في انتظار الإياب.

الأسباب الرئيسة التي تقف وراء هذا الإضراب تتمحور بشكل أساسي حول التباين بقرارات عمدة لندن بوريس جونسون، الذي كان قد أعلن عند ترشحة في عام 2008 أنه لن يغلق مكاتب بيع التذاكر بمحطات المترو، ولكنه تراجع عن هذا القرار في نوفمبر(تشرين الثاني) العام الماضي، عندما كشف عن خطط الحكومة لتطوير نظام مترو الأنفاق ليعمل على مدار الساعة وبلا توقف من مساء الجمعة وإلى مساء يوم الأحد، وذلك لتسهيل التنقل في العاصمة خلال عطل نهاية الأسبوع. وستتوفر هذه الخدمة، السابقة من نوعها في بريطانيا في مطلع عام 2015. ومع أن الخطة الجديدة ستسهل من تنقل اللندنيين والسياح في الليل، إلا انها ستخلف بطالة حوالي 950 مواطنا سيخسرون أعمالهم من بائعي تذاكر وحراس أمن وذلك لتوفير حوالي 40 مليون جنيه استرليني من ميزانية انفاق مواصلات العاصمة.
وحسبما نشر موقع شبكة الـ"ـبي بي سي" اليوم، إن القرارات المستقبلية ستخلق 200 شاغر اضافي في الساعات المتأخرة في عطلة نهاية الاسبوع. وان إغلاق مكاتب التذاكر اليدوية ستفسح المجال لفتح محلات تجارية داخل المحطات لزيادة دخلها السنوي لتحديث محطات المترو؛ فمن ضمن التحديثات المعلن عنها أيضا توفير تغطية الانترنت "واي فاي" في جميع القطارات والمحطات، وتحديث آلات اصدار التذاكر وزيادة وسائل المساعدة والاستعلامات في المحطات.
وأضاف الموقع أن الحكومة في طور فسح المجال للعاملين بالاستقالة الطوعية، وأن 450 عاملا إلى الآن قرروا ترك أشغالهم وأن الحكومة لن تجبر أي عامل على الاستقالة.
ومن طرفه، دعا عمدة لندن الاتحادات العمالية إلى التراجع عن الإضراب والى أعضائها إلى الرجوع لأعمالهم من أجل إنهاء الحالة التي تشهدها مدينة الضباب، ولكن الموظفين رفضوا التخلي عن موقفهم إلا عند تلبية مطالبهم والتراجع عن القرارات التقشفية المستقبلية.
وبحسب احصائيات نشرتها صحيفة "الغارديان" البريطانية على موقعها، فإن 82% من مواطني العاصمة قد شيدوا بإغلاق مكاتب التذاكر، ولكن أكثر من 1000 مستخدم للمترو تمت مقابلته اليوم، أيد الإضراب ودعم اتحاد العمال.
أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد تباينت المواقف والتعليقات والتغريدات بين مؤيد ومعارض.
يذكر أن هذا هو الاضراب الأول من أصل اضرابين قد خططت لهما النقابة، ومن المتوقع أن يجري تنفيذ الاضراب الثاني في الوقت نفسه من الأسبوع المقبل، في حال لم يتم التوصل إلى أرضية مشتركة في المفاوضات المتوقعة بين عمدة لندن ومسؤولي النقابة، وسيكون لتكرار مشهد اليوم أثر بليغ في ردود فعل الشارع اللندني على عمدة مدينته أو العاملين في محطات مترو الأنفاق.