مناورات روسيا الحدودية «رسائل نارية» ضد «مراكز معادية»

عكس النشاط العسكري الروسي الواسع في عدد من المناطق مؤشرات إلى سعي موسكو لتوجيه رسائل وصفها خبراء عسكريون روس، أمس، بأنها «مباشرة وقوية» حول قدرة روسيا على التعامل مع التحديات المتزايدة حولها، ودرجة اهتمامها بإبقاء قواتها على درجة عالية من التأهب.
وبعد اختتام مناورات عسكرية واسعة في منطقة آسيا الوسطى، أقيمت على مرحلتين: الأولى مع القوات الأوزبكية قرب الحدود مع أفغانستان، والثانية في إطار تحرك مشترك روسي - طاجيكي - أوزبكي على طول الحدود الطاجيكية مع أفغانستان أيضاً، بدأت موسكو تستعد لأوسع تدريبات مشتركة خلال العقود الأخيرة، مع جارتها بيلاروسيا، تحمل عنوان «زاباد (الغرب) 2021» وتجري المناورات، الشهر المقبل، وهي تهدف، وفقاً لخبراء روس لتعزيز التنسيق مع الجانب البيلاروسي، في مواجهة تحركات حلف شمال الأطلسي على مقربة من حدود بيلاروسيا. كما أجرت روسيا عدة تدريبات في البحر المتوسط، قبالة السواحل السورية خلال الشهر الأخير.
وأكد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أمس، على الأهمية التي توليها بلاده للمناورات مع بيلاروسيا، وقال إن الجيش الروسي سيستخدم خلالها تقنيات حديثة لم تشارك في السابق في أي تدريبات عسكرية مشتركة مع بلد آخر. ووفقاً للوزير، فإن القوات الروسية تستعد لاستخدام أنظمة روبوتية قتالية حديثة أثبتت فعاليتها من خلال التجارب التي أُجريت عليها في سوريا. وأوضح الوزير أن العسكريين الروس «يستخدمون منذ فترة طويلة روبوتات لتفجير الألغام والعبوات الناسفة (...)، وتم بالتوازي مع ذلك تصميم روبوتات قتالية ضاربة. وأعتقد أنه في خلال تدريبات (غرب 2021) ستشاهدون كثيراً منها».
وكان لافتاً تأييد شويغو أن التقنيات الحديثة «ليست نماذج اختبار، بل خضعت للتجربة، ويتم إنتاجها حالياً بشكل صناعي، ويملك الجيش العشرات منها»، موضحاً أن «هذه الأسلحة فعالة على مسافات تصل إلى خمسة كيلومترات». ووفقاً له، فقد بات من الممكن التخلص تماماً من النواقص وحل المشاكل في الأسلحة والمعدات، التي تم تجديدها أثناء عملية الجيش الروسي في سوريا. و«على سبيل المثال تم حل مشكلة تحديد ارتفاع ومدى طيران الجيش، عند التحليق في مناطق استخدام الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات».
وأقر شويغو بأنه «عندما بدأنا الحملة في سوريا، واجهتنا مواقف صعبة في بعض الأحيان، لأننا كنا بحاجة إلى طائرات دون طيار. اليوم يمكننا القول إنها موجودة لدينا، وهذه خبرة جيدة ومفيدة للغاية». ومع الإشارة إلى التقنيات الحديثة التي سوف تُستخدم في المناورات، توقف شويغو عند الهدف الأساسي لبلاده من تنشيط تحركاتها العسكرية أخيراً، موضحاً أنه «يجري إنشاء مراكز مناهضة لروسيا على طول الحدود، مما يفرض ضرورة بناء نظام دفاعي في البلاد للتصدي لها».
وأضاف الوزير الروسي: «قبل كل شيء، هذه محاولات للتدخل في الشؤون الداخلية لبلدنا. ويجري هذا العمل بشكل عميق وخطوة وراء خطوة، من كالينينغراد إلى كامتشاتكا».
وأشار إلى أنه «تم تشكيل مراكز الدعاية المعادية لروسيا، على طول الحدود، من ريغا إلى تالين ووارسو وحتى هلسنكي».
ومع استكمال الاستعدادات للمناورات المشتركة مع بيلاروسيا، كانت موسكو أنهت، قبل أيام، مناورات عدت الأوسع أيضاً مع القوات الصينية، وجرت للمرة الأولى على أراضي الصين، بعدما كان العسكريون الصينيون شاركوا عدة مرات في السابق، في مناورات جرت على أراضي روسيا.
ونقلت أمس، وكالة أنباء «شينخوا»، عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، أن التدريبات العسكرية المشتركة التي قامت بها الصين وروسيا، رسمت المسار لنقطة عالية جديدة للعلاقات الثنائية. وأشار المتحدث العسكري الصيني إلى أن التدريبات العسكرية الصينية - الروسية فتحت آفاقاً للتدريبات العسكرية بين الدول الرئيسية، واستكشفت نماذج جديدة لتخطيط التدريبات بشكل مشترك. وأفاد تان خلال مؤتمر صحافي بأن هذه التدريبات العسكرية المشتركة التي أقيمت خلال الفترة ما بين يومي 9 و13 أغسطس (آب)، في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم تميزت بأنها «المرة الأولى التي تتم فيها دعوة الجيش الروسي إلى الصين على نطاق واسع للمشاركة في تدريبات معركة استراتيجية ينظمها الجانب الصيني».
وأوضح المتحدث باسم زارة الدفاع الصينية أن التدريبات شهدت «دمج القوات الصينية والروسية في مجموعات، حيث وُضعت خطط التدريبات بشكل مشترك، وتم تنفيذ عمليات مشتركة في نفس ساحة المعركة»، مشيراً أيضاً إلى أنه جرى «تطبيق نظام معلومات القيادة المشتركة المصمم خصيصاً للجيشين خلال التدريبات، وتمكنت القوات المشاركة من إجراء تنسيق فعال بفضل نظام المعلومات».
ومع انتهاء التدريبات المشتركة مع بيلاروسيا، الشهر المقبل، تستعد موسكو لإطلاق تدريبات واسعة جديدة، لن تكون هذه المرة على مقربة من الحدود الروسية، بل في منطقة الخليج العربي. وأعلن عن هذه المناورات السفير الروسي لدى طهران، ليفان دغاغريان، مشيراً إلى أن «مناورات بحرية مشتركة ستجريها روسيا وإيران والصين في منطقة الخليج، خلال أواخر العام الحالي، أو بداية العام المقبل».
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية عن السفير أن «سفناً حربية تابعة لروسيا وإيران والصين ستعمل بشكل مشترك خلال المناورات»، مشدداً على أن المهمة الرئيسية «تتمثل في التدريب على إجراءات لضمان سلامة الشحن الدولي ومكافحة قراصنة البحر».