تحديد خريطة طريق إنقاذية للتنمية في لبنان

خلصت المجموعة الاستشارية لإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار الخاصة بلبنان، إلى اقتراح حزمة من الإصلاحات الأساسية التي تتطلب اتخاذ إجراءات من جانب الحكومة بمساهمة من منظمات المجتمع المدني وتمويل ومساعدة تقنية من المجتمع الدولي. مؤكدة وجوب تشكيل حكومة دون أي تأخير للتنفيذ، إذ «من شأن عدم تحمل هذه المسؤولية أن يعمّق الأزمات وأن يؤدي إلى تبعات اجتماعية وأمنية خطيرة» نظراً للتدهور السريع في الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
وفي تزامن لافت مع انطلاق تأليف الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي، وضعت المجموعة، والتي يتشارك برئاستها الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة مع الحكومة والمجتمع المدني، ما يمكن وصفها بخريطة طريق إنقاذية متكاملة من 8 بنود، يتقدمها كأولوية إصلاحية أساسية بند الإصلاح الاقتصادي الكلّي والضريبي سواء من حيث الأهمية أو لجهة اللزوم لتخفيف حدة الأزمات. وهو يشمل توحيد سعر الصرف، والخروج المنظّم من خطط الدعم، وإقرار قانون مراقبة رأس المال (كابيتال كونترول) الذي يضمن معاملة المودعين على قدم المساواة، والتدقيق الجنائي في البنك المركزي، وإصلاح القطاع المصرفي.
وبالتوازي، دعت المجموعة في اجتماعها الثاني، بعدما تم إطلاقها كمبادرة تشاركية من مكاتب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي في بيروت، وتضم في عدادها الحكومة اللبنانية وممثلين عن المجتمع المدني اللبناني والجهات المانحة الدولية وعقدت أول اجتماع مشترك بنهاية شهر مارس (آذار) الماضي، إلى تعظيم الفوائد المحتملة من حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي والمستحقة للبنان في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، من خلال مزيج مناسب من التدابير الاستهلاكية والمنهجية والاستثمارية، يتم اعتمادها بالاستناد إلى مناقشة عامة شاملة حول استخدام حقوق السحب الخاصة. كذلك ينبغي توسيع قاعدة المانحين أيضاً بالنسبة إلى الصندوق الائتماني المخصص للبنان لتشمل الشركاء العرب خاصة. وإذ وجّهت بضرورة إقرار موازنة عام 2021 الحالي، رأت أن الأهم وجوب إعداد موازنة عام 2022 المقبل، بما في ذلك إقرار برنامج حماية اجتماعية متين، وتنفيذ برنامج شبكة الأمان الاجتماعي والبرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً. فضلاً عن وجوب إقرار قانون استقلالية القضاء مع إعادة إرساء المبادئ التي تضمن الاستقلالية، من دون مزيد من البنود التي تخالف ذلك. كذلك إقرار التشريعات المنبثقة عن قانون المناقصات العامة وإجراء مناقصات شركة كهرباء لبنان في إطار هذا القانون، وتوظيف طاقم المؤسسة الوطنية لمكافحة الفساد وتمويلها، وإنشاء لجنة إشراف على الانتخابات وتوظيف طاقمها وتمويلها للإشراف على الامتثال لحدود الإنفاق على الحملات الانتخابية والوصول المتساوي إلى وسائل الإعلام.
وستشارك منظمات المجتمع المدني مع الحكومة والشركاء الدوليين في حزمة الإصلاحات الثمانية المحددة من المجموعة، كما في إعداد استراتيجية حضرية لإعادة الإعمار ودعم المعوقين والمسنين، بالإضافة إلى أنشطتها الأخرى ضمن إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار.
كما طلبت هذه المنظمات الحصول على مزيد من التحديثات بوتيرة متكررة من الفريق التقني، على أن تقدم تجربتها لجهة الشمولية في إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار خلال الاجتماع المقبل.
وتم التوافق على تحديد ثلاثة إجراءات حاسمة في مرفأ بيروت لتسهيل عملية إخلاء الموقع من الأنقاض وإدارة النفايات داخل المرفأ وخارجه، بما يشمل تفعيل اللجنة الوزارية للإشراف على إدارة النفايات الناتجة عن الانفجار، وتسهيل الوصول إلى المرفأ لتقييم وضع الموقع وتحديد التدخلات الناتجة، وتخصيص موقع مناسب للتخلص من الأنقاض غير القابلة لإعادة التدوير والنفايات المختلطة. إضافة إلى تعزيز آلية تنسيق المساعدات، بما يكفل رصدها بشكل واضح وتعقبها على نحو شفاف مع مراعاة الصلة بين الناحية الإنسانية والإنمائية. حيث طلبت منظمات المجتمع المدني إشراكها في التنفيذ على مستوى القطاعات.
وفي الرصد الذي بيّنته المجموعة، تم الإقرار بأن سوء الوضع في لبنان يزداد يوماً بعد يوم وتزداد الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية عمقاً. حيث يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر الوطني، والبطالة آخذة في الارتفاع، وتواجه نسبة متزايدة من الأسر صعوبة في الحصول على الخدمات الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية. بينما يتسم التقدم المحرَز على صعيد تنفيذ الإصلاحات بالبطء، حيث «شعر المجتمع الدولي بانعدام المسؤولية السياسية تجاه كسر الجمود، لا سيما بالنظر إلى حالة الطوارئ التي يمر بها لبنان». بينما دعت منظمات المجتمع المدني إلى إجراء نقاش عام وحوار شامل بشأن السياسات مع الحكومة والتزمت بتقديم مقترحات ملموسة إلى الوزراء ضمن إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الأعمار.
وفي لفتة لا تخلو من التصويب على السلطة عبر المقارنة، أشادت المجموعة الاستشارية بجهود الجيش في جمع البيانات من المنطقة المتضررة. وشجعت على مزيد من التنسيق مع منظمات المجتمع المدني لتحديث البيانات وتجنب الازدواجية.
وقد طلبت منظمات المجتمع المدني العمل مع الفريق الفني لإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار والتفتيش المركزي لتحويل منصة (IMPACT) لتكون أكثر شمولاً للمواطنين ومنظمات المجتمع المدني مع الإشراف من الشركاء الدوليين، ولحماية بيانات المستفيدين.