الأحزاب التونسية تبحث مقترحات الرئيس لإنهاء الأزمة السياسية

بدأت الأحزاب التونسية المشكلة للائتلاف الحاكم، وبعض أحزاب المعارضة سلسلة مشاورات حول مقترحات رئيس الجمهورية قيس سعيد، بهدف إنهاء الأزمة السياسية المستفحلة في تونس منذ نحو ستة أشهر.
وناقشت هذه الأحزاب عدة مقترحات، من بينها تغيير النظام السياسي وتعديل الدستور، علاوة على إجراء تعديل على التغيير الوزاري الذي اعترض عليه الرئيس سعيد، ورفض بسببه قبول بعض الوزراء الذين صادق عليهم البرلمان، بحجة وجود شبهات فساد.
غير أن هذه النقاشات عرفت تباينا كبيرا في الآراء حول الحوار السياسي الذي سيقوده الرئيس بعد أشهر من التعطيل، حيث اعتبر لسعد الحجلاوي، النائب البرلماني عن حزب التيار الديمقراطي المعارض، أن تغيير النظام السياسي لا يمكن أن يتحقق الا من خلال تغيير الدستور، وإرساء المحكمة الدستورية. مبرزا أن رئيس الجمهورية «يعي ذلك جيدا لكنه يريد تغيير النظام السياسي على مقاسه»، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، أكد عبد اللطيف المكي، القيادي في حركة النهضة، أن النظام السياسي والقانون الانتخابي «يعانيان من عدة اختلالات وجب تعديلها، لكن هذا الأمر ليس أولوية الآن، خاصة في ظل التوتر الاجتماعي والاقتصادي والجائحة الصحية». معتبرا أن الحوار المتعلق بالنظام السياسي والقانون الانتخابي قد يطول لعدة أشهر، وهو ما لا توفره الظروف السياسية والاجتماعية الحالية.
ويرى مراقبون أن الحوار الذي يقصده الرئيس سعيد ليس هو الحوار ذاته الذي تسعى إليه بقية الأطراف السياسية والاجتماعية. فالتيار اليساري والأحزاب الليبرالية، وعلى رأسها الحزب الدستوري الحر، تهدف من خلال هذا الحوار إلى «محاصرة حركة النهضة وممثلي الإسلام السياسي في محاولة لإزاحتهم من السلطة»، فيما يسعى «اتحاد الشغل» للضغط على الحكومة القائمة للحصول على المزيد من المكاسب المالية والمعنوية. أما الأحزاب السياسية المتزعمة للمشهد السياسي، على غرار حركة النهضة، فتهدف من وراء الحوار إلى ضمان بقائها في المشهد السياسي، وبالتالي توجيه الحوار نحو الملفات الاجتماعية والاقتصادية، مع استثناء الملف السياسي ومصير الحكومة الحالية.
أما بالنسبة للرئيس سعيد فهو يعمل، بحسب مراقبين، على توسيع صلاحياته الدستورية من خلال هذا الحوار، ومحاولة القفز على الدستور بالتوجه نحو نظام رئاسي، عوض النظام البرلماني المعدل الموجود حاليا. كما يسعى إلى تحجيم دور رئيس الحكومة، من خلال اعتباره «رئيسا للوزراء»، ويتوجب عليه استشارة رئيس الجمهورية في كل القرارات التي يتخذها، كما يعمل على خطف الأضواء من رئيس البرلمان، الذي يسعى بدوره لتزعم المشهد السياسي في تونس.
في غضون ذلك، سمحت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية في العاصمة بفتح تحقيق، إثر وفاة محمد الناصر الطرابلسي، شقيق ليلى بن علي زوجة الرئيس الراحل، ووالد حسام وعماد الطرابلسي، في ظروف مشكوك فيها.
في سياق ذلك، رفضت دائرة الاتهام المختصة بقضايا الفساد المالي لدى محكمة الاستئناف بتونس العاصمة طلب الإفراج عن سليم شيبوب، صهر بن علي وإحالته إلى أنظار الدائرة الجنائية بالقطب القضائي المالي لمحاكمته بخصوص القضية المتعلقة بمارينا «قمرت». كما قضت الدائرة القضائية ذاتها بحفظ التهم في حق درصاف بن علي (زوجة شيبوب) لعدم كفاية الأدلة. وبرأت ساحة رضا قريرة وصلاح الدين الشريف ونذير حمادة، وهم من الوزراء السابقين وذلك بموجب قانون المصالحة الإدارية.