جرعة إضافية من اللقاح قد تحمي زارعي الأعضاء

بينما يحتفل معظم الأشخاص الذين تم تطعيمهم ضد فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض «كوفيد - 19»، بالعودة إلى الحياة الطبيعية تقريباً، فإن الملايين الذين يتناولون الأدوية المثبطة للمناعة، بسبب عمليات زرع الأعضاء أو السرطان أو الاضطرابات الأخرى، يظلون غير متأكدين من مدى حمايتهم؛ لأنه من الصعب على اللقاحات تنشيط جهاز مناعتهم الضعيف. وبالنسبة لزارعي الأعضاء، تمنع الأدوية القوية المثبطة للمناعة رفض أعضائهم الجديدة، ولكنها تجعلهم أيضاً معرّضين بشدة لفيروس كورونا، وتم استبعادهم من الاختبار الأولي للقاحات «كوفيد - 19»، لكن الأطباء يحثون على تلقيحهم على أمل الحصول على بعض الحماية على الأقل. وفي حين أشارت دراسة سابقة لجامعة جونز هوبكنز الأميركية شملت أكثر من 650 متلقياً للزرع، إلى أن كثيراً منهم لا يطور أجساماً مضادة بعد تلقي اللقاح، حملت دراسة أولية جديدة أجرتها الجامعة نفسها، نبأً ساراً لهؤلاء؛ إذ قدمت أول دليل على أن جرعة إضافية من لقاحات «كوفيد - 19» قد تمنح بعض متلقي زراعة الأعضاء، دفعة ضرورية من الحماية.
وتتبعت الدراسة التي نشرت أمس (الثلاثاء) في دورية «حوليات الطب الباطني»، 30 مريضاً فقط من مرضى الزرع؛ لمعرفة ما إذا كانت الجرعات المنشطة يمكن أن تساعد.
ووجدت الدراسة، أن ستة من المرضى لم يكن لديهم سوى الحد الأدنى من الأجسام المضادة، بعد الجرعتين الروتينيتين، وحصلوا جميعاً على دفعة كبيرة بعد الجرعة المنشطة الثالثة، أما الـ24 مريضاً الآخرون، فلم يكن لديهم أي أجسام مضادة بعد التطعيمين الروتينيين، وطور ثمانية منهم - الثلث - بعض الأجسام المضادة لمكافحة الفيروسات بعد جرعة إضافية. ويقول دوري سيغيف، جراح زراعة الأعضاء في جامعة جونز هوبكنز، وأحد الباحثين الرئيسيين بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة بالتزامن مع نشر الدراسة «إنه أمر مشجع للغاية... فكونك سلبياً تماماً بعد تناول جرعتين لا يعني أنه لا يوجد أمل».
ويأمل سيغيف وزملاؤه في بدء اختبار أكثر شمولاً للتطعيم الثالث في 200 من مرضى زراعة الأعضاء هذا الصيف، لعل ذلك يكون دافعاً لاتخاذ قرار في أميركا بإعطاء جرعة ثالثة لهؤلاء المرضى، أسوة بالمعمول به في بعض الدول.
وتوصي الإرشادات الصادرة في فرنسا بإعطاء جرعة ثالثة لبعض الأشخاص الذين يعانون من ضعف شديد في المناعة، بما في ذلك زراعو الأعضاء، ولم تأذن الولايات المتحدة بهذا الإجراء بعد، ولكن في جميع أنحاء البلاد، يسعى عدد متزايد من المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة للحصول على جرعات ثالثة بمفردهم، وهؤلاء الأشخاص هم الذين سعت إليهم جامعة جونز هوبكنز لإجراء الدراسة. ومن بين هؤلاء، جيليان لاد من سان فرانسيسكو، والتي وافقت على إجراء اختبارات الدم قبل وبعد جرعة إضافية. وأصيبت لاد (48 سنة) التي تلقت عملية زرع الكلى والبنكرياس، بالرعب لمغادرة منزلها بعد أن علمت أنها لا تملك أجساماً مضادة قابلة للقياس على الرغم من الحصول على جرعتين من لقاح شركة «فايزر».
ومع الجرعة الإضافية، تقول لاد في التقرير الذي نشرته جامعة جونز هوبكنز «لقد حصلت على ما أحتاج إليه من أجل البقاء على قيد الحياة، لكني ما زلت ملتزمة بالأقنعة والاحتياطات الأخرى».
ويؤكد جراح زراعة الأعضاء دوري سيغيف، أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة ما إذا كانت الجرعة الثالثة مفيدة حقاً، وما إذا كانت هناك اختلافات بين اللقاحات المختلفة، بالإضافة إلى ما إذا كان التحفيز المناعي الإضافي يمكن أن يزيد من خطر رفض العضو عند زارعي الأعضاء.
ويشير سيغيف في الوقت ذاته إلى أن الأجسام المضادة ليست السلاح الوحيد للمناعة، فبالإضافة لها، عادة ما تحفز اللقاحات وسائل حماية أخرى مثل الخلايا التائية التي يمكنها درء الأمراض الشديدة.
ويقول «نحن في حاجة إلى اختبار ما إذا كان المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة يحصلون على هذه الفائدة». ويشدد ألفريد كيم من جامعة واشنطن الأميركية، وأحد الباحثين المشاركين بالدراسة، على أنه في الوقت الحالي، فإن أفضل طريقة لحماية هؤلاء الأشخاص هي أن يتلقى الآخرون التطعيم؛ مما يحد من انتشار الفيروس في المجتمع ويوفر الحماية لهم.