مئات الموقوفين في عملية دولية ضخمة ضد الجريمة المنظمة

اعتُقل مئات الأشخاص بأنحاء العالم في حملة نوعية واسعة النطاق ضد الجريمة المنظمة أتاحها اختراق مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) تطبيقاً يستخدمه مجرمون، والاطلاع على ملايين الرسائل المشفرة، الأمر الذي أدى للقبض على ما لا يقل عن 800 ممن يُشتبه بأنهم من رموز الجريمة المنظمة في 18 دولة.
تمكن الشرطيون من قراءة رسائل زعماء المنظمات الإجرامية في نحو 100 دولة في أثناء تخطيطهم لصفقات مخدرات ونقل أسلحة وعمليات اغتيال بفضل تطبيق «إيه إن أو إم» (إنوم) الذي كان يستخدمه مجرمون في أنحاء العالم للتواصل بطريقة مشفّرة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال مسؤولون من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) ومسؤولون من دول أخرى إن الأدلة من «عملية درع طروادة» حالت دون وقوع نحو 100 جريمة قتل ومكّنت من إحباط عدد من عمليات شحن المخدرات على نطاق واسع. وقال كالفن شيفرز، مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي للصحافيين في مقر الشرطة الأوروبية «يوروبول» في هولندا، إن العملية أفضت إلى «نتائج مذهلة». وقال إن مكتب التحقيقات الفيدرالي زوّد عصابات إجرامية في أكثر من 100 دولة على مدى الأشهر الـ18 الماضية بالأجهزة «التي سمحت لنا بمراقبة اتصالاتهم».
وقالت «يوروبول» إن أجهزة الشرطة في 16 دولة شنّت مداهمات على أساس الأدلة التي تم الحصول عليها من الهواتف التي وُزع نحو 12 ألفاً منها في جميع أنحاء العالم. وأوضح جان فيليب لوكوف، نائب مدير العمليات في «يوروبول»، أن «هذه المعلومات قادت خلال الأسبوع الماضي إلى تنفيذ مئات عمليات إنفاذ القانون على نطاق عالمي من نيوزيلندا إلى أستراليا إلى أوروبا والولايات المتحدة، مع نتائج مبهرة». وأضاف أنها أتاحت «اعتقال أكثر من 800 شخص، وتفتيش أكثر من 700 موقع، و(ضبط) أكثر من 8 أطنان من الكوكايين»، حسب الوكالة الفرنسية.
من جهتها، قالت الشرطة الأسترالية إن الأجهزة التي افترض المجرمون أنها مشفرة سُلمت إلى عملاء داخل المافيا وعصابات الجريمة الآسيوية وعصابات المخدرات وعصابات الدراجات النارية الخارجة عن القانون كجزء من المكيدة التي دبّرها مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وجاءت عملية أمس بعد أن تمكنت الشرطة العالمية في العامين الماضيين من تعطيل شبكتين رئيسيتين أخريين للهواتف المشفرة يستخدمهما المجرمون، الأولى تُعرف باسم «إنكروتشات» والأخرى باسم «سكايغلوبال».
وقالت الشرطة النيوزيلندية «إن إغلاق منصتي الاتصال المشفرتين هاتين أوجد فراغاً كبيراً في سوق الاتصالات المشفرة». وأضافت أنه لملء هذا الفراغ «قام مكتب (إف بي آي) بتشغيل شركة الأجهزة المشفرة الخاصة به واسمها (إنوم)». وقال شيفرز إن هذا مكّن مكتب التحقيقيات الفيدرالي من «قلب الطاولة» على المجرمين. وأضاف: «تمكنّا بالفعل من رؤية صور مئات الأطنان من الكوكايين المخبأة في شحنات من الفاكهة، وتمكنّا من رؤية مئات الكيلوغرامات من الكوكايين المخبأة داخل علب الأطعمة».
وبيّنت وثائق قضائية تم الكشف عنها واستشهدت بها قناة «فايس نيوز» الإعلامية الأميركية، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي عمل مع عملاء سريين على تطوير وتوزيع أجهزة «إنوم» من خلال شبكة «فانتوم سيكيور» التي كان يستخدمها العملاء المجرمون وإرسال 50 منها -معظمها إلى أستراليا- لتكون بمثابة أدوات «اختبار تجريبي».
ولم يكن في هذه الأجهزة أي بريد إلكتروني أو خدمة اتصال أو تحديد الموقع العالمي وكان يمكن من خلالها فقط إرسال رسائل إلى الهواتف الأخرى التي تحتوي على تطبيق «إنوم». كما لم يكن من الممكن شراؤها إلا من السوق السوداء مقابل نحو ألفي دولار، وتطلبت الحصول على رمز من مستخدم سابق للدخول إليها.
وقال شيفرز: «لقد أتوا إلينا في الواقع بحثاً عن هذه الأجهزة».
وقد ساعدت الوكالات الأسترالية على وضع هذه الهواتف في أيدي أشخاص «مؤثرين» في عالم الجريمة بمن فيهم زعيم عصابة مخدرات أسترالي هارب في تركيا، في محاولة لكسب الثقة.
لكن بدا أن الغطاء السرّي للعملية انكشف في مارس (آذار) 2021 عندما بادر مدوِّن إلى الحديث تفصيلياً عن عيوب «إنوم» الأمنية قائلاً إنها عملية احتيال على صلة بأستراليا والولايات المتحدة وأعضاء آخرين في شبكة مشاركة المعلومات «فايف آيز». وحُذف المقال في وقت لاحق.
من جانبها أعلنت السويد وفنلندا اعتقال نحو 250 شخصاً في إطار هذه القضية. وبلغ عدد عمليات الاعتقال (الاثنين) في السويد 155 عملية، فيما قُبض على 100 آخرين في فنلندا. أما النرويج فأعلنت توقيف تسعة أشخاص.