منظمة حقوقية تتحدث عن {احتجاز وإساءة معاملة} أسر ضحايا الطائرة الأوكرانية

أفادت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بأن السلطات الإيرانية تشن حملة من المضايقات والانتهاكات ضد عائلات الأشخاص الذين لقوا حتفهم جراء إسقاط «الحرس الثوري الإيراني» طائرة رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية رقم 752، في يناير (كانون الثاني) 2020. وفي 6 أبريل (نيسان) 2021 أعلنت السلطات الإيرانية أنها وجّهت لائحة اتهام إلى 10 أشخاص لدورهم في الحادث لكنها لم تقدم أي معلومات عامة عن هوياتهم أو رتبهم أو التُّهم الموجهة إليهم. ولذلك يتعين على الحكومات المشاركة في التحقيق الخاص بالرحلة 752 دعم أفراد عائلات الضحايا لضمان تحقيق العدالة ومساءلة الجناة.
في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2020 إلى يناير 2021، تحدثت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى 31 من أفراد عائلات الضحايا وأشخاص لديهم معرفة مباشرة بمعاملة السلطات للعائلات. وأفادت المنظمة بأن الأجهزة الأمنية الإيرانية قامت بشكل تعسفي باحتجاز واستدعاء واستجواب وتعذيب وإساءة معاملة أفراد عائلات الضحايا. كما امتنعت الوكالات عن إعادة ممتلكات الضحايا إلى أقاربهم وتدخلت في إجراءات الدفن والجنازة الجماعية في محاولة على ما يبدو للحد من جهود المساءلة.
وفي هذا الصدد، صرح مايكل بَيْغ، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في «هيومن رايتس ووتش»، قائلاً على موقع المنظمة الحقوقية إن «الحرس الثوري الإيراني قتل 176 شخصاً دون أدنى مساءلة، وها هي الأجهزة الأمنية الإيرانية الوحشية تقْدم على الإساءة إلى أفراد أسر الضحايا لوأد أي أمل في تحقيق العدالة»، مضيفاً: «بدلاً من محاولة استعادة ثقة الناس بإجراء تحقيق شفاف وإنصاف العائلات، تقوم السلطات مرة أخرى بإسكات جهود المساءلة».
وأسقطت إيران في 8 يناير 2020، الطائرة المدنية الأوكرانية بالقرب من مطار الإمام الخميني الدولي في طهران. وبعد نفي مبدئي، اعترفت القيادة المركزية للقوات المسلحة الإيرانية في 11 يناير بأن الحرس الثوري هو مَن أسقط «بالخطأ» طائرة الركاب، مما أسفر عن مقتل جميع ركابها وعددهم 176 راكباً وطاقمها. وقالت السلطات الإيرانية إن «خطأ بشرياً» من مشغل صاروخ أدى إلى إطلاق صاروخين أرض - جو على الطائرة، لكنّ السلطات لم تكشف عن أدلة حاسمة تدعم الادعاء ولم تقدم أي تفاصيل عن تحقيقها القضائي. وأعلن مجلس الوزراء أنه خصص مبلغ 150 ألف دولار أميركي لتعويض أسرة كل راكب.
وفي 17 مارس (آذار) نشر فريق التحقيق في حوادث الطائرات الإيراني تقريره النهائي عن الحادث والذي قال فيه: «بناءً على المعلومات التي قدمها الجيش، فإن صواريخ إيرانية قد أُطلقت على الطائرة بنسبة خطأ 105 درجات في قياس رادار منصة الإطلاق تسبب في إسقاطها». ولم يوضح التقرير التناقضات في النتائج التي توصلت إليها الحكومة الإيرانية والتي أثارها عدد من المراقبين المستقلين، بما في ذلك المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنيّ بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء في رسالة مفصلة إلى الحكومة الإيرانية في ديسمبر (كانون الأول).
وصرح وزيرا الخارجية والنقل في كندا، الوجهة المقصودة لغالبية الركاب، في بيان، بأن «التقرير لا يعطي إجابات عن أسئلة مهمة حول ما حدث بالفعل. التقرير يبدو غير مكتمل ويخلو من حقائق أو أدلة دامغة». في 20 مايو (أيار)، حكمت محكمة كندية في دعوى مدنية بأنه «استناداً إلى الاحتمالات كانت الهجمات الصاروخية على الرحلة 752 متعمدة وتسببت بشكل مباشر في وفاة جميع من كانوا على متنها».
وبعد أن اعترفت السلطات الإيرانية بإسقاطها الطائرة، اندلعت احتجاجات في عدة مدن إيرانية، وأفادت «منظمة العفو الدولية» بأن قوات الأمن ردّت بالرصاص المطاطي ورذاذ الفلفل والغاز المسيل للدموع. وخلال العام الماضي، أصدرت المحاكم أحكاماً على ما لا يقل عن 20 شخصاً لمشاركتهم في الاحتجاجات، فيما لا يزال ثلاثة آخرون قيد المحاكمة حالياً. كما قامت السلطات بمضايقة أفراد عائلات الضحايا وترويعهم، إذ أفاد أقارب بأن السلطات تدخلت في عدة حالات في مراسم الدفن والتأبين وضغطت على العائلات لقبول معاملة الحكومة لهم بوصفهم «شهداء»، ونشرت صوراً ومقاطع فيديو للجنازة دون إذن من الأهالي. وأفاد ما لا يقل عن 16 شخصاً بأن الأجهزة الأمنية هددتهم وطالبتهم بعدم المشاركة في مقابلات مع وسائل إعلام أجنبية، وراقبت واستدعت أقاربهم أو أصدقاءهم الذين حضروا مراسم العزاء وصوّرت مَن حضروا تلك التجمعات. وفي بعض الحالات قامت قوات الأمن باستجواب واحتجاز أفراد الأسرة لعدة ساعات.
وفي حالة واحدة على الأقل، قامت السلطات بتعذيب شخص في الحجز، وفي حالة أخرى طلب ضباط يرتدون ملابس مدنية مقابلة أحد أفراد الأسرة الذين تحدثوا ضد سلوك السلطات في مكان عام وهددوه بالملاحقة القضائية. في ثلاث حالات على الأقل، هددت السلطات أفراد الأسرة بـ«عواقب» وخيمة ما لم تزل منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد الحكومة لعدم مساءلة الجناة. وقال أحد أفراد الأسرة إنهم تلقوا اتصالاً من الاستخبارات قبل نصف ساعة من حفل التأبين وطلبت إلغاءه.
وقال أحد أفراد الأسرة: «قررنا عدم إلغاء الحفل. لكن يمكنك أن تتخيل مدى التوتر الذي تعرضت له في كل لحظة لأننا كنا قلقين بشأن تفوُّه شخص ما بكلمة تتعلق بالسياسة وإيقاع العائلة في مشكلات مع السلطات». وقال كثير ممن قابلناهم إن السلطات أعادت وثائق مهمة لأسر الضحايا، لكنها لم تعد أي أشياء ثمينة، مثل المجوهرات والأجهزة الإلكترونية. وتُظهر مقاطع الفيديو والصور التي نُشرت بعد يومين من الحادث جرافات تدمّر الموقع قبل أن تعلن السلطات مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة، مما يثير مخاوف من فشلها في تأمين الأدلة التي تم إتلافها أو تركها غير صالحة للاستعمال في التحقيقات أو الإجراءات القانونية.