واشنطن وسيول تطويان صفحة العلاقة المتوترة في عهد ترمب

في زيارته الأولى إلى البيت الأبيض في عهد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، لقي رئيس كوريا الجنوبية مون جيه - إن استقبالاً أضفى عليه بايدن جواً عائلياً، للتدليل على عمق العلاقات التي تجمع البلدين، بعد فترة عاصفة، خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترمب. بيد أن المحادثات التي جرت بينهما، لم تؤدّ إلى تقدُّم ملموس في كيفية مقاربة القضية النووية مع كوريا الشمالية، التي تعهد مون بأن يقيم صلحاً معها قبل نهاية عهده بعد عام من الآن. وخلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، شدد بايدن ونظيره الكوري الجنوبي على ضرورة تكثيف المحاولات الرامية للحوار مع كوريا الشمالية بشأن أسلحتها النووية. لكن بايدن قال إنه لن يجتمع بزعيمها كيم جونج أون إلا إذا كانت الظروف مواتية. وقال الرئيسان إن هدفهما هو إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية. غير أن بايدن أضاف أنه يعي جيداً صعوبة إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن ترسانتها النووية بعدما فشل الرؤساء السابقون في ذلك. ورفضت كوريا الشمالية حتى الآن عروضاً أميركية لفتح حوار منذ تولي بايدن الرئاسة، خلفاً لترمب الذي شارك في ثلاث اجتماعات قمة مع كيم وتبادل معه «رسائل جميلة»، على حد تعبير ترمب. ورغم ذلك، رفض كيم التخلي عن أسلحته النووية، لكنه فرض تجميداً على التجارب، ولم تختبر كوريا الشمالية قنبلة نووية أو تطلق أي صاروخ باليستي عابر للقارات منذ عام 2017، لكن خبراء يعتقدون أن ترسانتها الصاروخية قد اتسعت بشكل مطرد. وقال بايدن إنه سيوافق على الاجتماع بكيم في الظروف المناسبة، عندما يوافق على بحث برنامجه النووي، بعد قيام مستشاريه باللقاء بنظرائهم في كوريا الشمالية للتمهيد للقمة. وفيما أكد الرئيسان الأميركي والكوري الجنوبي على أن نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية هو هدفهم، قال بايدن إن ليس لديه أوهام. وشدد بايدن على دعم رغبة سيول بالتعامل دبلوماسياً مع بيونغ يانغ، واتخاذ خطوات عملية للحد من التوترات. من جهة أخرى، أعلن بايدن تعيين سونغ كيم المسؤول المخضرم في وزارة الخارجية، للعمل كمبعوث أميركي خاص لكوريا الشمالية، في خطوة إيجابية واستجابة للضغوط التي كانت تمارسها كوريا الجنوبية من أجل تعيين مبعوث خاص.
ونقلت «رويترز» عن سونغ كيم الذي يغادر منصبه العام المقبل، أنه سيساعد في استكشاف ما إذا كانت كوريا الشمالية مستعدة للمشاركة دبلوماسياً، متوقعاً رداً إيجابياً منها. سونغ كيم هو دبلوماسي أميركي من أصل كوري خدم بصفة خاصة مبعوثاً لكوريا الشمالية في عهد الرئيس باراك أوباما، وساعد في عقد قمم ترمب الثلاثة مع كيم جونغ أون.
وكانت إدارة بايدن قد أعلنت أنها أجرت مراجعة كاملة لملف كوريا الشمالية، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي، إن الإدارة الجديدة لن تكون على نهج أوباما الذي رفض التعامل مع كوريا الشمالية، أو تقوم على الوعود البراقة، كما في عهد ترمب. وأعاد بايدن ومون التأكيد على تحالف البلدين القوي بعد حقبة ترمب، الذي هاجم مرات عدة الرئيس الكوري الجنوبي واصفاً إياه بالضعيف، وهدد بسحب القوات الأميركية من كوريا الجنوبية، إذا لم تقم بتسديد نفقات وجودها. ومون هو الزعيم الأجنبي الثاني بعد رئيس وزراء اليابان الذي يستقبله بايدن في البيت الأبيض. وأعلن الرئيسان أنهما ناقشا العلاقة مع الصين والأزمة مع تايوان التي تشكو من قيام بكين بالضغط عسكرياً عليها بشكل متكرر. وقال بايدن: «لقد شاركنا الرأي القائل بأن السلام والاستقرار في مضيق تايوان مهم للغاية، واتفقنا على العمل معاً بشأن هذه المسألة». وبحسب مراقبين، فقد كانت واشنطن تسعى إلى موقف كوري جنوبي أقوى تجاه الصين وتجاه التنافس معها، غير أن سيول تحرص على مصالحها الخاصة ومحاولة عدم إغضاب بكين قدر الإمكان، خصوصاً أنها أكبر شريك تجاري لها في العالم. هذا ورحب بايدن بالاستثمارات الجديدة التي أعلنت عنها شركات كورية جنوبية في الولايات المتحدة بمليارات الدولارات، في قطاعات أميركية استراتيجية، مثل الرقائق الدقيقة، قائلاً إن الولايات المتحدة وحلفاءها يجب أن يتفوقوا فيها. كما اتفق البلدان على تعزيز التنمية وزيادة الاستثمارات في شبكات اتصالات الجيل الخامس والسادس، التي ينبغي أن تكون مفتوحة وشفافة، وزيادة الإمدادات العالمية من الرقائق الدقيقة لصناعة السيارات، وعلى استكشاف إنشاء فريق عمل لسلسلة التوريد للتصنيع عالي التقنية. كما اتفق الرئيسان بحسب بيانهما المشترك على تعميق شراكتهما في مواجهة وباء «كوفيد - 19» وإنتاج اللقاحات المضادة بشكل مشترك، لمواجهة الصعوبات التي تواجهها كوريا الجنوبية في احتواء الفيروس.
وأعلن مون أن شراكتهما ستساعد في توفير اللقاحات في الولايات المتحدة ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، في حين قال بايدن إن الولايات المتحدة ستقوم بتقديم اللقاحات لنحو 550 ألف جندي كوري جنوبي. كما تعهد البلدان بزيادة جهودهما لدعم مشروع «كوفاكس» الدولي لتوفير اللقاحات والعمل مع شركاء آخرين لإنشاء آلية تمويل جديدة للأمن الصحي.