تكاليف الحرب على غزة في أربعة أيام

بالإضافة إلى الرعب الذي يصيب ملايين الناس في قطاع غزة وفي المدن الإسرائيلية، من جراء القصف الصاروخي المتبادل، وما يسببه هذا من صدمات نفسية وجروح يصعب دملها وتعقيدات يصعب تقدير ثمنها، تكلف الحرب على غزة خسائر فادحة بالأرواح وغيرها من الأضرار المادية.
وكانت هذه الحرب قد نشبت في العاشر من مايو (أيار) الجاري، عندما أعلنت الذراع العسكرية لحركة حماس، «كتائب عز الدين القسام»، في بيان لها صدر في الساعة الرابعة وخمس وأربعين دقيقة من بعد الظهر، أنها تمهل إسرائيل حتى السادسة مساءً لسحب جنودها من المسجد الأقصى في القدس وإطلاق سراح المعتقلين من المرابطين. وقد ردت إسرائيل بتفجير عبوات ناسفة قرب الحدود مع شمال قطاع غزة. وفي السادسة مساء نفذت حماس تهديدها وأطلقت خمسة صواريخ باتجاه مدينة القدس. وقد تصدت منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية لهذه الصواريخ فدمرت أربعة منها لكن الخامس نفد منها وسقط على مقربة من القدس. وتسبب ذلك في وقف المسيرة الاستيطانية الاستفزازية في القدس. وقالت حماس: «صواريخنا رسالة على العدو أن يفهمها جيداً وإن عدتم عدنا وإن زدتم زدنا». وزادت إسرائيل فزادوا. وحتى الآن كانت النتيجة على النحو التالي:
- قطاع غزة
حتى مساء أمس الجمعة، بلغ عدد الضحايا الفلسطينيين للغارات الإسرائيلية 119 شخصاً، بينهم 31 طفلاً و19 امرأة وعدد الجرحى نحو 830. وتدعي إسرائيل أن حماس والجهاد وغيرهما من الفصائل تتحمل مسؤولية مقتل غالبية المدنيين الفلسطينيين وأنهم سقطوا لأن هذه الفصائل تستخدم المدنيين دروعاً بشرية أو سقطوا بصواريخ حماس، التي وقع ثلثها في قطاع غزة. فيما يدحض الفلسطينيون هذا الادعاء ويعرضون صور الضحايا وهم ينتشلونهم من ردم العمارات التي دمرها القصف الإسرائيلي. ويؤكدون أن القصف البحري والبري بالمدفعية العمياء هو السبب لوقوع ضحايا بين المدنيين. إسرائيل وحماس تؤكدان أن بين الضحايا في غزة 60 قائداً عسكرياً للفصائل بينهم 16 قائداً كبيراً، أربعة منهم ضباط يحملون رتبة لواء.
إسرائيل تعلن أنها قصفت نحو 800 هدف في قطاع غزة، خلال الأيام الأربعة شملت: تدمير أربعة أبراج، مهاجمة 33 نفقاً تحت الأرض تستخدمها قوات الفصائل الفلسطينية كمواقع محصنة وتدمير 160 بطارية إطلاق صواريخ وعشرة بيوت لقادة ميدانيين بارزين. وحسب إسرائيل فإنها دمرت البنى التحتية للفصائل الفلسطينية بما سيجعلها تحتاج إلى سنين طويلة حتى ترمم قوتها، ولكنها ألحقت أضراراً أيضاً بالبنى التحتية للسكان الفلسطينيين، إذ ضربت شبكة المياه والمجاري وتسببت في تقليص عمل التيار الكهربائي إلى 4 ساعات في اليوم كما كان الحال في زمن حرب 2014. وأما التكاليف المالية فتقدر في غزة بنحو 100 مليون دولار حتى الآن، لكن هذا لا يشمل حساب الأنفاق التي تقول إسرائيل إنها دمرتها.
- إسرائيل
قتل في إسرائيل ثمانية أشخاص من جراء القصف الصاروخي من قطاع غزة، بينهم رجل عربي وابنته في مدينة اللد وعاملة فلبينية، وأصيب نحو 400 شخص بجراح، 60 منهم جاءت إصابتهم قاسية غالبيتها في الرأس، و70 منهم تم تشخيص حالاتهم كمصابين بالصدمة النفسية. وغالبية المصابين في إسرائيل مدنيون، حيث أعلن عن مقتل جندي واحد وإصابة ستة جنود آخرين بجراح. ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تخفي حقيقة عدد خسائرها.
من مجموع نحو 2000 صاروخ وقذيفة، تمكنت منظومة القبة الحديدية من اعتراض المئات وسقطت مئات أخرى في مناطق مفتوحة من دون إحداث ضرر، لكن نحو 150 صاروخاً تجاوزت رادارات القبة الحديدية وسقطت في مدن وقرى إسرائيلية في مناطق مأهولة، تمتد من شمال مرج ابن عامر في الشمال، وحتى القدس وبئر السبع شرقاً، وتل أبيب ومنطقتها، وهذا بالإضافة إلى البلدات المحيطة والقريبة بقطاع غزة مثل مدينتي أسدود وأشكلون الكبيرتين ومدينة سدروت الصغيرة. وأحدثت هلعاً بين المواطنين وتركت هدماً ودماراً في نحو 200 بيت ومبنى وفرضت على أكثر من 4 ملايين مواطن إمضاء ساعات طويلة في الملاجئ. ومن الأضرار البارزة في إسرائيل تعطيل حركة مطار بن غوريون الدولي وتحويل الطائرات القادمة لإسرائيل نحو مطار رامون في إيلات، وضرب مخازن وقود في ميناء أسدود، وتدمير سيارة عسكرية.
وكانت أحداث القدس قد فجرت حركة احتجاج واسعة للعرب في إسرائيل، قد تفاقمت لاحقاً عندما تحولت إلى صدامات دامية في المدن المختلطة بين اليهود والعرب مع اندلاع حرب الصواريخ مع قطاع غزة، كما اندلعت صدامات أخذت في التصاعد في الضفة الغربية. وتسبب ذلك في تجنيد 16 ألف جندي من الاحتياط للجيش الإسرائيلي حتى يوم أمس.
وأما التكاليف الاقتصادية في إسرائيل، فلم يتم إحصاؤها بعد، لكن إذا أخذنا بالاعتبار أن كل صاروخ للقبة الحديدية يكلف 50 ألف دولار وكل طلعة جوية للطائرات الحربية تكلف 100 ألف دولار وكل صاروخ يقصف نحو غزة 30 ألف دولار، فإن الحرب حتى الآن تكلفت نحو نصف مليار دولار،