خادم الحرمين: السعودية لم تدخر جهدا في مكافحة الإرهاب بحزم على كل الأصعدة

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أن بلاده لم تدخر جهدا في مكافحة الإرهاب فكرا وممارسة بكل الحزم وعلى كل الأصعدة، مبينا أنه على الصعيد الداخلي «تصدت أجهزتنا الأمنية للإرهابيين بلا هوادة، ولم يتوانَ رجالها البواسل عن ملاحقتهم وتفكيك شبكاتهم وخلاياهم في مهدها، وبذلوا أرواحهم في سبيل ذلك، وكذا تشارك قواتنا الجوية في التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب».
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة أمس، في حفل افتتاح المؤتمر العالمي «الإسلام ومحاربة الإرهاب» الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي في مقرها بمكة المكرمة.
وشدد خادم الحرمين الشريفين على أن تغول الإرهاب المتأسلم بالقتل والغصب والنهب وألوان شتى من العدوان الآثم، «أمر جلل يهدد أمتنا الإسلامية والعالم أجمع بعظيم الخطر»، مبينا أن جرائمه «جاوزت حدود عالمنا الإسلامي، متمترسا براية الإسلام زورا وبهتانا وهو منه براء».
وأضاف أن الخطر عظيم من هؤلاء الإرهابيين، الذين وصفهم بـ«الضالين المضلين»، وأنهم «أعطوا الفرصة للمغرضين المتربصين بالإسلام حتى في الدوائر التي شجعت هذا الإرهاب أو أغمضت عينها عنه، أن يطعنوا في ديننا القويم الحنيف ويتهموا أتباعه الذين يربو عددهم عن المليار ونصف المليار بجرم هذا الفصيل السفيه الذي لا يمثل الإسلام من قريب أو بعيد».
وأكد الملك سلمان في كلمته أن الإرهابيين سوغت جرائمهم المنكرة تجريد الحملات العدائية ضد الأمة ودينها وخيرة رجالها وترويج صورة الإرهاب البشعة في أذهان الكثير من غير المسلمين على أنها طابع الإسلام وأمته وتوظيفها لشحن الرأي العام العالمي بكراهية المسلمين كافة؛ «حيث كادت هذه العلاقات تهتز وتتراجع في إطار موجة من الضيق بالمسلمين والتحامل عليهم جراء هذه الجرائم الإرهابية».
وأشار إلى أن علماء بلاده بادروا بالرد الحاسم على ما يبثه الإرهابيون من مسوغات دينية باطلة يخدعون بها الناس، وبينوا تحذير الإسلام من العنف والتطرف والغلو في الدين وتحزيب الأمة والخروج على ولاة أمرها, وأن السعودية وضعت يدها في أيدي الأشقاء لمواجهة الظاهرة الإرهابية أمنيا وفكريا وقانونيا، وكانت هي الداعية إلى إقامة مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية «يدرأ الفتن ويجمع الأمة بكامل أطيافها على كلمة سواء»، مستطردا أن بلاده عملت على مكافحة الإرهاب مع المجتمع الدولي من خلال المؤتمرات والمحافل والهيئات الدولية، وكانت هي الداعية لإنشاء مركز الحوار بين أتباع الديانات والثقافات والمؤسسة والداعمة للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع الأمم المتحدة.
وكان الأمير خالد الفيصل خاطب المؤتمر بقوله: «شرف عظيم أن ينيبني سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود يحفظه الله في المثول أمام هذا المحفل الجليل لألقي كلمته هذه إلى مؤتمركم الموقر». وفيما يلي نص الكلمة الملكية:
«الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي المملكة رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي. معالي الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي أمين عام الرابطة.
ضيوفنا الأفاضل. الحفل الكريم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحفل الكريم، يطيب لي أن أرحب بضيوف المملكة العربية السعودية وأحيي الحضور الكريم في هذا المؤتمر الذي يشرف بانعقاده على صعيد أم القرى مهبط الوحي بخاتم الرسالات السماوية على الرسول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، وفي أفيائها القدسية بجوار البيت العتيق والكعبة المشرفة.
وإنكم لتجتمعون اليوم على أمر جلل يهدد أمتنا الإسلامية والعالم أجمع بعظيم الخطر، جراء تغول الإرهاب المتأسلم بالقتل والغصب والنهب وألوان شتى من العدوان الآثم في كثير من الأرجاء جاوزت جرائمه حدود عالمنا الإسلامي، متمترسا براية الإسلام زورا وبهتانا وهو منه براء.
وفضلا عن الخسائر الفادحة في الأرواح والبنيان والشتات وتقسيم الأوطان، فإن الخطر الأعظم على أمتنا أن هؤلاء الإرهابيين الضالين المضلين قد أعطوا الفرصة للمغرضين المتربصين بالإسلام حتى في الدوائر التي شجعت هذا الإرهاب أو أغمضت عينها عنه أن يطعنوا في ديننا القويم الحنيف، ويتهموا أتباعه الذين يربو عددهم عن المليار ونصف المليار بجرم هذا الفصيل السفيه الذي لا يمثل الإسلام من قريب أو بعيد.
وقد سوغت جرائمهم المنكرة تجريد الحملات العدائية ضد الأمة ودينها وخيرة رجالها، وترويج صورة الإرهاب البشعة في أذهان الكثير من غير المسلمين على أنها طابع الإسلام وأمته، وتوظيفها لشحن الرأي العام العالمي بكراهية المسلمين كافة، واعتبارهم محل اتهام ومصدر خوف وقلق، فضلا عن الحرج والارتباك الذي تعرضت له الدول الإسلامية ومنظماتها وشعوبها أمام الدول والشعوب التي تربطها بنا علاقات تعاون، حيث كادت هذه العلاقات تهتز وتتراجع في إطار موجة من الضيق بالمسلمين والتحامل عليهم جراء هذه الجرائم الإرهابية.
الإخوة الأكارم.. المملكة العربية السعودية، كما تعلمون، لم تدخر جهدا في مكافحة الإرهاب فكرا وممارسة بكل الحزم وعلى كل الأصعدة، فعلى الصعيد الوطني تصدت أجهزتنا الأمنية للإرهابيين بلا هوادة، ولم يتوان رجالها البواسل عن ملاحقتهم وتفكيك شبكاتهم وخلاياهم في مهدها، وبذلوا أرواحهم في سبيل ذلك، وكذا تشارك قواتنا الجوية في التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب، كما تصدى علماؤنا الأفاضل بالرد الحاسم على ما يبثه الإرهابيون من مسوغات دينية باطلة يخدعون بها الناس، وبينوا تحذير الإسلام من العنف والتطرف والغلو في الدين وتحزيب الأمة والخروج على ولاة أمرها، وأن الوسطية والاعتدال والسماحة هي سمات الإسلام ومنهاجه القويم، وأن من حاد عن هذا المنهاج لا يمكن أن يخدم الأمة ولا يجلب لها إلا الشقاء والفرقة والبغضاء.
وأسهم الباحثون لدينا في الجامعات وغيرها بتقديم بحوث ودراسات رصينة عن ظاهرة الإرهاب وتحليل أهداف الجماعات الإرهابية ووسائلها وخططها وإبراز أخطارها الجسيمة على المجتمعات، وكشف صلتها بالمخططات العدائية للأمة، وكيفية تسخيرها لتنفيذ تلك المخططات عن علم أو عن غفلة وغباء.
وقامت مؤسساتنا الإعلامية المتنوعة بتعرية الإرهاب وتسليط الضوء على جرائمه وتنظيماته وشخصياته، وكشفت للناس عن سلوكهم وأهدافهم وأساليبهم في إغواء الأغرار واستقطابهم.
وعلى الأصعدة العربية والإقليمية والإسلامية، وضعت المملكة يدها في أيدي الأشقاء لمواجهة الظاهرة الإرهابية أمنيا وفكريا وقانونيا، وكانت هي الداعية إلى إقامة مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية، يدرأ الفتن ويجمع الأمة بكامل أطيافها على كلمة سواء.
كما عملت المملكة على مكافحة الإرهاب مع المجتمع الدولي من خلال المؤتمرات والمحافل والهيئات الدولية، وكانت هي الداعية لإنشاء مركز الحوار بين أتباع الديانات والثقافات، والمؤسسة والداعمة للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع الأمم المتحدة.
ورغم تحقيق هذه الجهود وغيرها في الدول الإسلامية نتائج جيدة، إلا أن الإرهاب ما زال يعبث بجرائمه هنا وهناك، خاصة في الأوطان العربية والإسلامية التي تعرضت لاهتزازات وقلاقل.
الإخوة الأفاضل.. أمام هذا الخطر الداهم الذي يتمدد وتتداعى آثاره وتتنامى شروره يوما بعد يوم، وتستعصي مواجهته الحاسمة فرادى، وإدراكا من المملكة العربية السعودية لواجباتها ومسؤولياتها تجاه أمتنا الإسلامية، جاءت رعايتي لعقد هذا المؤتمر في إطار رابطة العالم الإسلامي لتشكيل منظومة إسلامية جماعية تتصدى لتشويه الإرهاب صورة الإسلام والمسلمين في العالم، وتدرأ خطره العظيم على كيان أمتنا الإسلامية، بل وعلى العالم أجمع، بوضع خطة استراتيجية فاعلة نلتزم بها جميعا لمكافحة هذا الداء الوبال الذي هو صنيعة الفكر المتطرف لهؤلاء الجهال والعملاء، واستلاب ساحة الفتيا الشرعية من غير أهلها، وليّ عنق النصوص الأصيلة لخدمة أغراض أصحاب هذا الفكر الدنيوية، وتهييج مشاعر النشء والعامة، واستدرار عواطفهم الدينية بمبررات ما أنزل الله بها من سلطان.
وإني إذ أثمن عاليا تجاوب هذه القمم الفكرية الإسلامية للدعوة وتداعيها إلى هذا المؤتمر بعلمها وخبراتها وإخلاصها لقضية الأمة الراهنة، أؤكد لكم أن أمتكم الإسلامية وكل شرفاء العالم على ثقة تامة بأن تصدر عن مؤتمركم الموقر نتائج عملية تعطي دفعا منظما وقويا للجهود المبذولة على مسار التصدي لهذه الظاهرة الدخيلة على عالمينا العربي والإسلامي، وتقطع الطريق على الذين يستغلون هذه الآفة لخدمة أغراضهم ومآربهم على حساب مصالح أمتنا وأمن شعوبها واستقرار دولها وازدهار أوطانها، وأن تؤسسوا لبرامج ومشاريع تتعاون فيها إعدادا وإنجازا كافة الجهات الرسمية والشعبية في عالمنا الإسلامي، تسهم في رفع مستوى الوعي لدى الأمة بأخطار الإرهاب وأضراره، وبسلبيات التقاعس عن التصدي له أو اتخاذ مواقف حيادية منه، وبيان أن ذلك يطيل في عمره ويثقل كاهل الجهات القائمة على مواجهته، وأن على الجميع أفرادا ومؤسسات مضاعفة جهودهم في مواصلة مكافحة الإرهاب فكرا وسلوكا، ومحاصرة الإرهابيين حيثما ثقفوا، والتحذير من تقديم أي عون لهم أو أي من ألوان التعاطف معهم.
الحفل الكريم.. أختم بالشكر لكم جميعا ولرابطة العالم الإسلامي بقيادة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ رئيس مجلسها الأعلى، وأمينها العام الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، على ما تقوم به من جهود مباركة في معالجة قضايا الأمة المعاصرة، وعلى رأسها قضية مكافحة الإرهاب ونشر ثقافة الوسطية والاعتدال والحوار التي يدعو إليها ديننا دين الرحمة والسلام والأمن والأمان، سائلا المولى جل وعلا لمؤتمركم التوفيق والسداد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
وكان الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ألقى كلمة في افتتاح المؤتمر بدأها بالدعاء بالرحمة للملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وقال فيها: «اسمحوا لي في بداية كلمتي الموجزة أن أترحّم على خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، أسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع مغفرته ورحمته ورضوانه، وأن يتقبله مع الأنبياء والشهداء والصالحين».
وجدد في كلمته التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتوليه مقاليد الحكم في بلاده وقال: «نسأل الله تعالى أن يوفقه لما فيه خير البلاد والعباد، ولما فيه مصلحة العرب والمسلمين، وأن يحقق على يديه وإخوانه قادة العرب والمسلمين وحدة هذه الأمة وإعلاء كلمة الإسلام وعز المسلمين ومجدهم».
وأوضح أن المؤتمر أتى في وقته الصحيح، «للتصدي لهذا البلاء الشديد الذي ابتليت به منطقتنا العربية، والمتمثل في جماعات العنف والإرهاب، الغريبة عن الإسلام، عقيدة وشريعة وأخلاقا، وتاريخا وحضارة، والتي لا تمت إلى هدي هذا الدين الحنيف بأدنى صلة أو سبب، بل نبذت هذه الجماعات حكم القرآن الكريم والسنة وراء ظهورها، واتخذت من الوحشية البربرية منهجا ومذهبا واعتقادا، نزعت الرحمة من قلوبهم، فهي كالحجارة أو أشد قسوة، ولقد برئ الله منهم ورسوله وصالح المؤمنين، ومن المؤلم أن هؤلاء قساة القلوب غلاظ الأكباد قد خرجوا عن السيطرة، حتى كدنا نعتاد أساليبهم المتوحشة، وممارساتهم اللاإنسانية في تنفيذ جرائمهم البشعة، وكأنهم يتحرقون تحرق الظمآن إلى القتل وقطع الرؤوس وحرق الأبرياء وهم أحياء، إشاعة للذعر والخوف والرهبة في قلوب الناس، وقد بلغني ممن يحتملون مشاهدة هذه الفظائع على وسائل التواصل، أن هؤلاء المجرمين بلغوا من قسوة القلب وتحجر الشعور أنهم كانوا يتقاذفون رؤوس القتلى بين أرجلهم، ويلعبون بها وهم يضحكون، وحسبك من شر سماعه».
وقال شيخ الأزهر: «لعلي لا أبالغ لو قلت إنه لم يحدث للمسلمين في تاريخهم أن أمسى بأسهم بينهم شديدا على هذه الشاكلة الشنعاء التي نراها الآن».
وأشار إلى أن الأمة أفضت بها الأيام إلى حاضر بئيس، وخطب فادح، وأمر جلل، ارتكست معه الأمة العربية والإسلامية في حمأة الفوضى والاضطراب والتمزق والانفلات، وتشوهت صورة الإسلام في عيون الناس في الشرق والغرب، بل أكاد أقول في عيون الناشئة من أبناء المسلمين أنفسهم.
وأكد أن الكثير فسر ظاهرة الإرهاب القاتل الذي يجثم الآن على صدر هذه الأمة المغلوبة على أمرها، فهناك من ذهب إلى أن السبب في ظهور هؤلاء المجرمين هو الفقر المدقع الذي عاشوا فيه، والبيئات المهمشة المنبوذة التي ترعرعوا فيها في بعض المجتمعات الإسلامية والأوروبية، كما أن عزاها أنها نبتت في غياهب السجون وظلمة المعتقلات، وما لقيه شباب الجماعات الإسلامية من قسوة في التعامل وانتهاكات لحقوق السجناء والمحتجزين.
وشدد على أنه ما لم يتم التحكم في السيطرة التعليمية والتربوية في المدارس والجامعات على فوضى اللجوء إلى الحكم بالكفر والفسق على المسلمين «فإنه لا أمل في أن تستعيد هذه الأمة قوتها ووحدتها وأخوتها وقدرتها على التحضير ومواكبة الأمم المتقدمة، وقد لا ينتبه البعض أيها السادة إلى الأثر المدمر لنزعة التكفير في تمزيق وحدة المسلمين».
ودعا إلى تنظيم مؤتمر «نخرج منه بإقرار سلام فيما بيننا أولا نحن أهل العلم والمنتسبين إليه، بمختلف مذاهبنا ومشاربنا، نستثمر فيه ما هو ثابت بيننا من الأصول المشتركة نجتمع عليها، ونتآخى حولها، ونتلاقى في رحابها، ويترك المجال لأهل كل بلد في اتباع المذهب الذي ارتضوه ودرجوا عليه، تحقيقا للاستقرار الاجتماعي الذي ننشده جميعا، وألا يروج لهذا المذهب أو ذاك في البلاد التي تتجافى عنه بالمال واستغلال الفقراء والمعوزين، وتجنيدهم ليكونوا أنصارا لتلك الطائفة أو ذاك المذهب، وسرعان ما ينشأ النقيض ليبدأ الصراع الذي يفتت وحدة هذه الأمة.. أتمنى لو يترك الناس يتمذهبون بما نشأوا عليه من مذاهب المسلمين التي وسعها الإسلام وضمن لأهلها السعادة في الدنيا والآخرة».
كما دعا شيخ الأزهر إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة والملتبسة حول قضايا شغلت الأذهان والعقول، مثل قضايا الجهاد، والتكفير، وخطر الفرقة والتنازع، وأنه طريق معبد للفشل الذريع.
وقال: «تعلمون أننا نواجه مخططات دولية كبرى تستهدف العرب والمسلمين، وتريد أن تصوغهم صياغة أخرى، وتشتتهم في بلادهم بما يتفق وأحلام الاستعمار العالمي الجديد المتحالف مع الصهيونية العالمية يدا بيد، وكتفا بكتف، وعلينا ألا ننسى أن الوسيلة الوحيدة التي يستخدمها الاستعمار الجديد هي الوسيلة ذاتها التي استخدمها هذا الاستعمار في القرن الماضي، وهي مقولته القاتلة: (فرق تسد)، والتي تلعب هذه المرّة على بؤر التوتر والخلاف الطائفي والمذهبي، واستطاعت للأسف الشديد أن تعبث بهذه الأمة ما شاء لها العبث، وما شاء لها المكر والغدر والتسلط، وكان من آثار هذا العبث الماكر أن ضاعت العراق، واحترقت سوريا، وتمزق اليمن، ودمرت ليبيا، ولا يزال في جعبتهم الكثير مما لا يعلمه إلا الله تعالى».
وقال: «فلننس خلافاتنا التي لم نجن من ورائها إلا الضعف والذلة والهوان، وليكن مؤتمرنا هذا علامة فارقة وبداية موفقة نتصدى بها كالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضا لهذا الخطر الماحق الذي يحدق بنا جميعا».
من جهته، ثمن الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، التجمع الكبير من نخبة الشخصيات المتميزة في المؤتمر، وأوضح في كلمته أن الرابطة انطلاقا من رسالتها، واسترشادا باهتمامات خادم الحرمين الشريفين، رأت أن من واجب النصح عليها للأمة بأئمتها وعامتها، ولدينها الذي هو عصمة أمرها، أن تسهم بهذا المؤتمر في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة التي أدى الاضطراب الأمني والسياسي في عدد من الأقطار العربية، إلى المزيد من انتشارها.
وقال: «إن الأسباب التي تؤدي إلى الغلو في المفاهيم الدينية، وما ينتج عنها من تطرف في المواقف والأفكار والأحكام، قد تؤدي إلى العنف والإرهاب، أهم ما ينبغي أن يعتني به الدارسون لهذه الآفة والعاملون على معالجتها».
وأشار إلى أن مكافحة الإرهاب خاضت تجربتها الكثير من الدول الإسلامية وغير الإسلامية، واكتسبت كل دولة فيها خبرة نوعية في المعلومات والممارسة، بحسب طبيعة الإرهاب الذي واجهته والظروف الوطنية والدولية التي كانت سائدة، وشدد على أن تجربة السعودية فذة ورائدة في هذا المضمار، تحتوي على رصيد وافر من الخبرة والنجاح، وأنها جهود كبيرة في محاربة الإرهاب، وتعاملت معه بمنتهى الحزم، وتميزت خطتُها بالشمول في مختلف الوسائل والتكامل بينها، والتركيز على التعاون الإقليمي والدولي.
وشرح أن السعودية تصدت للإرهاب من عدة محاور، منها المحور القضائي، ومحور التوعية الشرعية، بالإضافة إلى المحور الأمني الذي بذلت فيه الجهات المختصة جهودا كبيرة، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وملاحقة أفرادها، وقطع سبل التواصل معهم والدعم لهم، وحماية الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة، من اعتداءاتهم المحتملة.
وأيضا، على محور التعاون الدولي إقليميا وعربيا وعالميا، حيث أسهمت السعودية بجهود متميزة في مكافحة هذه الظاهرة الخطرة، وما يتصل بها من جرائم داعمة أو مشابهة، كتهريب الأسلحة والاتجار بالمخدرات.
وأشار التركي إلى أن علاج التطرف والإرهاب «يحتاج إلى مضاعفة الجهود والتنسيق فيها بين الجهات الرسمية والشعبية، ومؤسسات الفتوى والإعلام في الأمة الإسلامية، وتوفير تحصين قوي للناشئة والشباب، من الأفكار المتطرفة التي أصبحت تروج بسهولة، عبر وسائل الاتصال المتنوعة المنتشرة في كل مكان».