الكشف عن أزمة جديدة وقعت خلال زيارة وزير الخارجية اليوناني لتركيا

كشفت مصادر دبلوماسية تركية عن أزمة وقعت خلال زيارة وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس لأنقرة الخميس الماضي، التي جرت في أجواء متوترة وشهدت تراشقاً حاداً بين وزيري خارجية البلدين خلال مؤتمر صحافي في ختام مباحثاتهما.
وقالت المصادر إن البحرية التركية أحبطت ما وصفته بـ«محاولة استفزازية» من جانب اليونان، للسماح لسفينة أبحاث فرنسية، ترافقها فرقاطة يونانية، بإجراء دراسات علمية فيما يعرف «الجرف القاري» لتركيا، وإن الخارجية التركية استدعت سفيري اليونان وفرنسا وأبلغتهما احتجاج أنقرة على هذه الخطوة. ونقلت قناة «إن تي في» التركية الخاصة عن المصادر، أمس (الاثنين)، أنه بينما كان دندياس يجري مباحثات مع نظيره التركي في أنقرة لبحث نزع فتيل التوتر وبدء عملية مصالحة جديدة مع تركيا، أصدرت البحرية اليونانة إخطاراً للبحارة (نافتكس) تبلغ فيه بأن سفينة «لاتالانت» الفرنسية ستجري أبحاثاً لمدة 3 أيام في جنوب جزيرتي كريت ورودس في شرق البحر المتوسط، ترافقها الفرقاطة اليونانية «إيلي». وأضافت المصادر أن البحرية التركية ردت بشكل فوري بإصدار إخطار «نافتكس» مماثل في المناطق التي حددتها اليونان، والتي تشكل جزءاً من الجرف القاري لتركيا، مؤكدة أن اليونان ليس لديها أي سلطة لإصدار أي إخطار في تلك المنطقة.
وأشارت إلى أن سفينة الأبحاث الفرنسية «لاتالانت» دخلت إلى المنطقة رفقة الفرقاطة اليونانية، على الرغم من إصدار البحرية التركية تحذيراً لهما، ما أدى إلى الدفع بفرقاطتين تركيتين كانتا في محيط المنطقة لإبعادهما. وبحسب وسائل الإعلام اليونانية، حثت الفرقاطتان التركيتان كلاً من الفرقاطة اليونانية والسفينة الفرنسية على مغادرة المنطقة على الفور، مشيرة إلى أن طاقم السفينة الفرنسية أكد أنه لم يتجاوز في المياه الدولية وأنه لا يحتاج إلى إذن للإبحار فيها، وأشارت إلى أن المواجهة لم تستمر طويلاً، حيث غادرت السفينة الفرنسية والفرقاطة اليونانية المنطقة، وواصلت السفينة الفرنسية أبحاثها خارج المنطقة التي حددتها تركيا كجرف قاري لها.
وذكرت القناة التركية «إن تي في» أن وزارة الخارجية التركية استدعت سفيري اليونان وفرنسا في أنقرة، مايكل كريستوس دياميسيس وإيرفيه ماغرو، في اليوم التالي (السبت)، للاحتجاج على الواقعة، وتحذيرهما من تكرارها، أو القيام بأعمال استفزازية مماثلة، لكن الخارجية التركية لم تصدر أي بيانات فيما يتعلق باستدعاء السفيرين.
وهناك نزاع بين الجارتين العضوتين في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، تركيا واليونان، على مناطق الجرف القاري المتداخلة لكل منهما في شرق البحر المتوسط.
وزار وزير الخارجية اليوناني أنقرة، الخميس، في مسعى لفتح قناة حوار حول الخلافات المزمنة بين البلدين في بحر إيجة، إضافة إلى النزاع حول الحدود وموارد الطاقة في شرق البحر المتوسط، وانتهاك المجال الجوي والقضية القبرصية، لكن زيارته انتهت بأزمة جديدة مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو خلال المؤتمر الصحافي بينهما في ختام المباحثات، بسبب الخلاف في وجهات النظر بشأن عمليات التنقيب التي تقوم بها تركيا في شرق البحر المتوسط للبحث عن النفط والعاز، التي تعتبرها اليونان انتهاكاً للقانون الدولي، فضلاً عن مسألة الأقليات، التي تشكل محوراً تاريخياً ودائماً للتوتر بين البلدين.
واعتبر وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، في تعليق على الأزمة التي وقعت مع نظيره التركي، أن إزالة التوترات الناشئة عن الخلافات بين تركيا واليونان «أمر مستحيل»، وأن التحسن التدريجي للعلاقات لن يكون سهلاً. وقال دندياس، في مقابلة مع موقع «كاثمريني» اليوناني (الأحد)، إنه من المستحيل محو التوترات التي بين البلدين، معتبراً أن الاجتماع مع نظيره التركي، رغم التصادم في الرأي، يمكن أن يكون الفصل الأول من التحسن التدريجي لعلاقات البلدين. وأشار دندياس إلى إن بلاده سعت دائماً إلى تحسين العلاقات مع تركيا، وكذلك تحسين العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، وعبر عن اعتقاده بعدم وجود تشدد في الموقف التركي بشأن القضايا المتعلقة ببحر إيجة وشرق المتوسط، لكنه لفت إلى أنه يلاحظ ترسيخاً للمواقف التي تتعارض مع القانون الدولي من جانب تركيا، وهي حقيقة تجعل من احتمالية حل المشكلة «قاتمة» بشكل خاص، لكنها ليست مستحيلة.