«النظام المصري» يحصد «العلامة الكاملة» شعبيا

خلال يومين، استعاد النظام المصري، وعلى رأسه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رصيده الكامل في الشارع، الذي ربما شهد تململا في الآونة الأخيرة جراء بعض الخلافات حول عدد من المسائل السياسية أو الإجراءات المتعلقة بتفصيلات ثانوية في المسار العام للدولة، حسبما يرى مراقبون.
ووحدت الضربات الجوية التي يشنها الجيش المصري على معاقل تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا قوى الشارع المصري ومؤسساته المدنية، وثمن الكثيرون ما يقوم به الجيش باعتباره ثأرا لكرامة الوطن، خصوصا بعد الفيديو المروع الذي بثه التنظيم الإرهابي، مستعرضا فيه طريقة ذبحه لـ21 مصريا قبطيا من العمال على أحد شواطئ البحر المتوسط بليبيا. وأكد البابا تواضروس الثاني أن هذه الضربات أثلجت قلوب المصريين، واعتبرها الأزهر جهادا في سبيل الله والوطن.
وبدا لافتا حالة الاصطفاف وراء المؤسسة العسكرية لإنجاح هذا المهمة الوطنية، في الشوارع والبيوت، كما انعكس أيضا بقوة في فضاء التواصل الاجتماعي الذي يمثل أكثر بؤر «المشاكسة السياسية» بين المصريين منذ سنوات، إذ اعتبر كثيرون على «فيسبوك» و«تويتر» أن الجيش المصري خط أحمر، خصوصا في حالة الحرب، وهددوا حتى أصدقاءهم المختلفين معهم في الرأي بالحذف إذا ما أقدموا على مس الجيش المصري بأية شائبة من بعيد أو قريب.
وكان من بين أظرف التعليقات التي وردت على موقع «فيسبوك» على الضربة الجوية الأولى التي وجهها الطيران المصري إلى تنظيم داعش بمدينة درنة الليبية فجر الاثنين الماضي، تعليق استعار فيه صاحبة أغنية سيد درويش، إذ أورد صورة لمقاتلة مصرية، وكتب فوقها «الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية»، كناية عن قوة الضربة وأثرها على دك معاقل التنظيم.
ومنذ بداية هذه الضربات، لا يزال لسان حالة الشارع المصري يقول إن «مصر دولة عريقة، لن تكون مستباحة، ونرفض أن تتحول إلى مصاف الأرامل والعجزة في منظومة الدول».. وهو ما تردد صداه في استطلاع قام به المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة)، كشف فيه عن موافقة 85 في المائة من المصريين على الضربة الجوية التي وجهها الجيش المصري لـ«داعش». وشمل الاستطلاع 65 في المائة موافقين للغاية، و20 في المائة موافقين، في حين اعترض 8 في المائة على الضربة، منهم 5 في المائة غير موافقين و3 في المائة غير موافقين على الإطلاق.. بينما لم يتمكن 7 في المائة من العينة من تحديد موقفهم.
وأوضح الدكتور ماجد عثمان، مدير المركز، أنه تم إجراء الاستطلاع في الساعة الثانية ظهر أول من أمس، أي بعد بداية الضربات بساعات قليلة، وانتهى جمع البيانات في نفس اليوم باستخدام الهاتف المنزلي والمحمول على عينة عشوائية حجمها 1214 مواطنا في الفئة العمرية 18 سنة فأكثر بجميع محافظات الجمهورية.
وعلى أحد المقاهي الشعبية بمنطقة وسط البلد بالقاهرة، يقول الشيخ رمضان، وهو موظف سبعيني على المعاش: «أنا مع الرد طبعا حتى لو كان - وسيكون بالتأكيد - جزءا من مواجهة مريرة طويلة، لأنه بعد فيديو الذبح البشع لمواطنين مصريين أبرياء، يسعون إلى لقمة العيش، كان لازم يكون فيه رد فوري من الدولة اللي اندبح رعاياها، وإلا تسيب نادي الدول وتنضم لنادي المطلقات والأرامل ومكسورات الجناح».
ويقول زميل له بالمقهى نفسه: «أبارك ما فعله السيسي وجيش مصر بتوجيه ضربات مركزة على أوكار همج (داعش) صنيعة المخابرات الدولية، لكي يدرك الجميع أن مصر ليست لقمة سائغة، وأن دماء المصريين لا تذهب هدرا، وأن الرد سيكون فوريا وسريعا»، مشددا على أن هذه الضربات تتم بالتنسيق مع القوات الجوية الليبية وليست موجهة إلى أشقائنا الليبيين، فمصر لا تعتدي على أحد ولا تتدخل في شؤون أشقائها وجيرانها، لكنها أيضا لا تسمح بأن تكون حدودها مهددة ولا أن يكون شعبها مستباحا».
وتتحفظ سلوى، وهي إخصائية اجتماعية بإحدى المدارس، قائلة: «يؤسفني أن يتعامل البعض منا مع الضربة الجوية، التي وجهتها قواتنا المسلحة إلى جحور داعش في ليبيا، على طريقة مشجعي كرة القدم.. يتقافزون لتسجيل هدف في الدقائق الخمس الأولى، ولا يفكرون في تكتيك لعب الفريق المنافس».
وتضيف: «أنا مع الثار لدماء أبنائنا الأبرياء، لكن لا بد أن ندرك أن القول بعدم وجود خلايا نائمة لهذا التنظيم بيننا هو محض تصور. المعركة ضد الإرهاب في ليبيا يبدو أنها ستكون مفتوحة ومستمرة، ويجب أن نعي أن جبهة سيناء لا تزال مفتوحة أيضا، ولا بدائل، حتى لا يستنزف اقتصادنا في هذه الحرب».