تحذير فلسطيني من افتعال توترات أمنية لإجهاض الانتخابات

رد مسؤول فلسطيني على تخوفات الدوائر الأمنية الإسرائيلية من نشوب اضطرابات أمنية في الضفة الغربية خلال الفترة المقبلة والتي تسبق الانتخابات التشريعية الفلسطينية، فقال: «إن ما يجب أن نحذر منه حقاً هو أن تقْدم إسرائيل على افتعال توتر أمني لكي تجهض هذه الانتخابات. فقد بات واضحاً أنها غير معنيّة بهذه الانتخابات ولأنها لا تستطيع تخريبها بقرار رسمي تفتّش عن وسائل أخرى غير مباشرة لإجهاضها، وعلينا أن نكون متيقظين إزاء ذلك».
جاء هذا التصريح رداً على ما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية، صباح أمس (الجمعة)، من أن «مصادر عسكرية إسرائيلية تقول إن هناك اضطرابات أمنية وقعت في الضفة الغربية مؤخراً بسبب خلافات بين جهات فتحاوية وبين (فتح) و(حماس) حول الانتخابات التشريعية الفلسطينية. وإن هذه الاضطرابات ستتصاعد وقد تؤدي إلى انفجار على خلفية الانتخابات». وقال ضباط إسرائيليون لموقع «والا» الإخباري، إن ضباطاً في وحدة عسكرية تعمل في الضفة الغربية قالوا إنه في الفترة الأخيرة تضاعفت حوادث إطلاق النار بين مسلحين فلسطينيين ملثمين في الشوارع، إذ كل جانب يريد أن يُظهر سيطرة وقوة. والأجهزة الأمنية الفلسطينية لا تتدخل. وهذا يقوّض مكانة السلطة الفلسطينية. والأخطر من ذلك هو أن تتفاقم الأوضاع وتقع اشتباكات عنيفة في حال إجراء انتخابات والنتائج لن تكون على هواهم.
وأشار الضباط إلى أن الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية رفع مستوى الجاهزية الأمنية للتغييرات على الأرض ويستعد لتعزيزها أكثر خشية وقوع أي تصعيد أمني. وهدد أحدهم: «سيكون لدى الجيش الإسرائيلي صفر تسامح تجاه العنف وأعمال الإرهاب على أنواعها، في كل مكان نجد فيه أن أجهزة الأمن الفلسطينية لا تؤدي دورها».
وترى مصادر سياسية أن هذا الموقف يعبّر عن ارتقاء الرفض الإسرائيلي للانتخابات بدرجة أعلى. فقبل أسبوعين نشر أن رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) نداف أرغمان، اجتمع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ودعاه إلى التراجع عن الانتخابات أو على الأقل عدم السماح لـ«حماس» بالمشاركة فيها. وقال له إن المعطيات المتوفرة لديه تقول إن حركة «فتح» تعيش مرحلة تفكك متقدمة، مما سيؤدي إلى خسارتها، خصوصاً أن «حماس» تبدو موحَّدة ومتماسكة. وقد ردّ عباس بأن إسرائيل هي المسؤولة عن زيادة قوة الحركة. وأضاف: «أنا لا أعمل عندك. أنا سأقرر ما إذا كان سيتم إجراء انتخابات ومع من. أنتم مَن بنى (حماس)، وليس أنا». وفي مساء أول من أمس (الخميس)، ظهر منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، العميد كميل أبو ركن، على شاشة التلفزيون الرسمي وكشف أنه قدم توصية بعدم السماح للسلطة الوطنية الفلسطينية بإجراء الانتخابات في القدس المحتلة. وأضاف أن «الذهاب للانتخابات التشريعية في السلطة الفلسطينية خطأ كبير، وهناك احتمال كبير جداً أن (حماس) ستفوز». وقال أبو ركن: «إذا فازت (حماس) في الانتخابات التشريعية ستوقف إسرائيل العلاقات مع السلطة الفلسطينية بما في ذلك التنسيق الأمني».
ونقلت «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي على لسان مسؤولين أمنيين إسرائيليين، أنهم حذروا الرئيس محمود عباس من الاستمرار في الانتخابات، قائلين إنه بالتأكيد سيضطر إلى إلغائها، ولكنّ إلغاءها في اللحظة الأخيرة لأي سبب كان يمكن أن يؤدي إلى تصعيد أمني في الضفة الغربية. وقال المختص في الشؤون العربية، إيهود يعري، إنّ «الرئيس عباس بات يدرك تداعيات الخطأ الذي ارتكبه حينما أصدر المرسوم الرئاسي لإجراء الانتخابات».
يُذكر أن القوائم التي تقدمت للترشيح ويبلغ عددها 36 قائمة، تخوض معركة الانتخابات في أجواء شكوك حول إجرائها، خصوصاً أن القوائم التي تفسخت من «فتح» تُظهر تعاوناً فيما بينها ضد قائمة «فتح» الرسمية. وقد أكد القيادي السابق في حركة «فتح»، الدكتور ناصر القدوة، أنه «لا أحد يستطيع نزع صفة الفتحاوية عنّي أو عن الأخ المناضل الأسير مروان البرغوثي، على الرغم من قرار فصلي الذي اتخذته جهات متنفذة بالحركة. ونحن لن نتراجع عن دعم مروان البرغوثي إذا ترشح للرئاسة الفلسطينية ومستعدون للتفاهم مع كل الناس بمن فيهم أنصار تيار القيادي محمد دحلان». وتابع القدوة: «من المبكر الحديث عن التحالف مع محمد دحلان والذي كان أيضاً هناك قرار بفصله من الجهات المتنفذة في الحركة».
وانتقد القدوة التعاون بين «فتح» الرسمية وحركة «حماس»، معتبرا إياه صفقة مشبوهة. وأضاف أن «هناك مشكلة لكل فصائل الحركة الوطنية مع الاتجاه الإسلامي السياسي». وأثار هذا التصريح موجة حادة من الغضب في صفوف «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» وراح بعضهم يتهمه بترديد الخطاب الصهيوني المعادي للشعب الفلسطيني. وقال عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد الإسلامي» في فلسطين، الدكتور أنور أبو طه: «إن حركات المقاومة الفلسطينية، إسلامية وطنية تسعى لتحرير فلسطين، لا لإقامة سلطة موهومة. الأجدر بمن سمّاهم (الكل) أن تكون مشكلتهم مع كيان الاحتلال، العدو المركزي لشعبنا، وليس مع أي طرف آخر داخل الشعب وهو مَن يزعم حرصه على الوحدة الوطنية».
من جهة أخرى، عبّر د. سلام فياض رئيس قائمة «معاً قادرون» عن تقديره للجهود الكبيرة التي بذلتها لجنة الانتخابات المركزية لجهة تسجيل الناخبين وقبول طلبات ترشيح القوائم. وأشاد بحرص المواطنين على ممارسة حقهم الديمقراطي الدستوري والذي تَجسّد في الارتفاع الكبير لنسب التسجيل لا سيما في قطاع غزة والمناطق ذات الحاجة الماسّة للتدخلات الحكومية لمعالجة مشكلات الفقر والبطالة المتفشية والقضايا المعيشية وكل ما يتصل بالحقوق المدنية للمواطنين سواء الاقتصادية منها والاجتماعية والثقافية والحريات العامة والفردية، وبشكل خاص في أوساط قطاعي المرأة والشباب الذين يتطلعون لمشاركة حقيقية في تغيير واقعهم وصنع مستقبلهم في وطن الحرية ولشعب يستحق الحياة الكريمة بحجم ما قدمه من تضحيات عظيمة وفي المقدمة منهم عائلات الشهداء والجرحى في فلسطين المحتلة وفي بلدان الشتات لا سيما في لبنان وسوريا، وكذلك أسرى الحرية الأبطال الذي ضحّوا ويضحّون بحريتهم ومعاناة أهلهم من أجل حرية الوطن وكرامة أبنائه وبناته.
ورأى فياض أن «المهمة الأولى والجوهرية التي ينتظرها الشعب الفلسطيني من هذه الانتخابات هي إنهاء الانقسام ومنع انزلاق الأوضاع الداخلية لمزيد من التشظي والتشرذم والتي تشكّل عتلة حكومة الاحتلال والاستيطان لتصفية حقوق شعبنا وقضيته العادلة».