انتعاش سوق العملات في العراق

ترك تصويت مجلس النواب العراقي بالإجماع، أول من أمس (الأربعاء)، على قانون الموازنة المالية الاتحادية لعام 2021، انطباعا عام بالارتياح على المستويين الرسمي والشعبي، ذلك أنه أنهى أشهراً طويلة من الخلافات والمماحكات بين الكتل السياسية، إلى جانب تأثيرات عدم إقرار الموازنة على حركة والسوق والتجارة التي ظهرت بوادر عودة النشاط إليها، أمس، من خلال الارتفاع النسبي في حركة بيع وشراء العملات.
وقال متعاملون في سوق الأوراق المالية في منطقة الشورجة ببغداد لـ«الشرق الأوسط» إن «السوق شهدت حركة جيدة وارتفع سعر الدولار قليلا مقابل الدينار، نتيجة إقرار الموازنة». وعزوا أسباب ذلك إلى أن «التجار وحتى المواطنين العاديين كانوا يتوقعون أن يتم التراجع عن قرار خفض قيمة الدينار أمام الدولار الذي أقرته الحكومة السنة الماضية، لكن إقرار الموازنة مع بقاء سعر الصرف على حالة شجع على عودة حركة السوق إلى طبيعتها».
وفيما رحب رئيسا الجمهورية برهم صالح والوزراء مصطفى الكاظمي وبقية رؤساء الكتل السياسية بإقرار القانون، بدت القيادات الحكومية والسياسية في حكومة إقليم كردستان أكثر الأطراف سعادة بتخطي عقبات الموازنة وصولا للتصويت عليها، نظرا لمارثون المفاوضات التي أجرتها الوفود الكردية في بغداد لتثبيت حق الإقليم في الموازنة الذي يصطدم باعتراضات كثير من الأطراف السياسية والحكومية في بغداد نتيجة الخلافات مع سلطات الإقليم وضمنها، عدم التزامها بتسليم الحكومة الاتحادية حصة الـ250 ألف برميل من النفط يوميا المقررة في الموازنات الاتحادية خلال السنوات الماضية.
وإلى جانب نجاح الإقليم في التفاوض، تمثل قضية إقرار الموازنة «طوقا للنجاة» بالنسبة للزعامات والقيادات الكردية، نظرا للأزمة المالية الحادة التي يعاني منها الإقليم منذ سنوات، عجزت خلالها السلطات عن سداد مرتبات موظفيها لنحو 6 أشهر من كل عام مع فرض نسب استقطاع عالية تصل إلى 25 في المائة من قيمة المرتب، ما عرض سلطات الإقليم إلى انتقادات شعبية لاذعة دفعت المواطنين والموظفين في بعض المحافظات إلى التظاهر وإعلان الإضراب عن الدوام.
وأظهرت البيانات العديدة التي صدر، أمس، عن القيادات الحكومية والسياسية في أربيل، حجم الارتياح الذي تركه إقرار الموازنة الاتحادية، حيث هنأ رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني الشعب العراقي ورئاسة البرلمان ونوابه، كما شكر جهود رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في «تخفيف الخلافات وتحقيق الاتفاق». وشكر جهود الوفد الكردي المفاوض مع بغداد.
وأضاف البارزاني في بيان أنه «لغرض حل المشاكل وتحقيق الاستقرار والعمران ومستقبل أفضل يحتاج العراق إلى التعاون المشترك والعمل المشترك وعلينا جميعاً أن ندعم هذا الاتجاه».
وعبّر عن «أمله أن تلتزم الأطراف جميعا بالقانون، ويمكن أن تصبح المصادقة على الموازنة بداية جيدة وحافزاً على حل بقية مشاكل إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، وسيؤدي تنفيذ القانون إلى تعزيز العملية السياسية والتعايش وترسيخ حق المواطنة للجميع».
وعبر رئيس الإقليم السابق وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني عن ارتياحه لإقرار الموازنة وقال في بيان إن «إقرار الموازنة خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، نأمل أن يكون بداية لتمتين مبادئ الحوار والتعايش السلمي وإعادة أسس الشراكة الحقيقية بين جميع المكونات العراقية».
وتمنى رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني، أن يمهد إقرار الموازنة الاتحادية إلى «التعافي من حقبة التحديات الاقتصادية العصيبة». وقال في بيان إن «تطبيق القانون بالكامل سينصف الحكومتين حول الخلافات المالية منذ 2004».
وأضاف «تحدثت مع الكاظمي وشكرته ودعوته للإيفاء بالتزامات قانون الموازنة». ورأى البارزاني أن قانون الموازنة الاتحادية «أعاد بصيص أمل حول العلاقة مع الحكومة الاتحادية».
وبموجب قانون الموازنة، فإن على الإقليم الالتزام بتسليم شركة «سومو» النفطية الاتحادية 250 ألف برميل من حقوله النفطية وما زاد على ذلك من الإنتاج ينفقه الإقليم في احتياجاته المحلية وأجور الاستخراج والنقل، في مقابل حصول الإقليم على حصته المالية المقررة في الموازنة الاتحادية. كما يلتزم الإقليم بتسليم نصف عوائده المالية غير النفطية إلى الحكومة الاتحادية.
كما أقر قانون الموازنة «تسوية المستحقات (المالية) بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان للسنوات من 2004 وحتى 2020 بعد قيام ديواني الرقابة المالية الاتحادي بالتنسيق مع ديواني رقابة الإقليم بتدقيقها».