قمة للاتحاد الأوروبي لمواجهة فك الارتباط الأميركي والتهديدات الجديدة

في مواجهة فك الارتباط الأميركي والتهديدات الجديدة، يعقد القادة الأوروبيون قمة، اليوم (الجمعة)، في بروكسل لبحث تعزيز استقلالية الاتحاد الأوروبي من أجل ضمان أمنه رغم تحفظ بعض الدول القلق من ضعف حلف شمال الأطلسي.
وبدأ قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد يومهم بمحادثة عبر الفيديو مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ قبل مناقشة مشاريع أوروبية في مجال الأمن والدفاع. وأكدوا في مسودة استنتاجات اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، «نريد تعزيز القدرة على التكيف وإعداد الاتحاد الأوروبي لمواجهة كل التهديدات والتحديات الأمنية بشكل فعال».
يصر الأوروبيون بشكل خاص على «تصميمهم» على تعزيز شراكاتهم مع الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي. ويقولون «هذا التعاون العالمي سيستفيد من وجود اتحاد أوروبي أقوى». وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال عند استقباله ينس ستولتنبرغ، إن «شراكة قوية تتطلب شركاء أقوياء».
استخدم وزير الخارجية الأميركي الجديد أنتوني بلينكن الصيغة نفسها خلال أول لقاء عقده عبر الفيديو الاثنين مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي. وقال الأمين العام للحلف «علينا أن نواجه التهديدات نفسها ولا أوروبا ولا الولايات المتحدة قادرتان على القيام بذلك وحدهما».
من جهته، أفاد مسؤول أوروبي كبير بأن «قدرة الاتحاد الأوروبي على التصرف بشكل مستقل تقلق الدول الأعضاء الواقعة على خط المواجهة مع روسيا؛ لأنها تخشى فك ارتباط أوروبي حيال الحلف الأطلسي». وأضاف، أن «قلقهم تعزز من خلال تشكيك بعض القادة في الولايات المتحدة وأوروبا بحلف الأطلسي».
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أنه «يجب إعادة النظر» في الحلف الأطلسي؛ لأنه صمم لمواجهة حلف وارسو الذي لم يعد قائماً». والدول الموقعة على هذا الحلف مع الاتحاد السوفياتي السابق، انضمت إلى الحلف الأطلسي وباتت أعضاء في الاتحاد الأوروبي أو مرشحة للانضمام إليه.
شدد ماكرون الخميس على ضرورة أن تقوم أوروبا «باستباق الأشكال الجديدة من التهديدات، معلوماتية أو بحرية أو فضائية أو جوية». والخطر أيضاً مصدره الإرهاب. وقال دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى، إن «مستوى التهديد اليوم مرتفع أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة، وليس من روسيا فقط» مضيفاً «لا يمضي يوم من دون حصول هجوم على البنى التحتية الاستراتيجية لدينا».
أعرب النائب الفرنسي أرنو دانجان (الجناح اليميني المؤيد للاتحاد الأوروبي) المتخصص في قضايا الدفاع عن أسفه «للجدل الخاطئ» الذي نشأ بشأن استقلالية الاتحاد الأوروبي في المجال الدفاعي. وقال «الجميع يعلم أن لبّ الحلف الأطلسي هو في دوره على الجبهة الشرقية في مواجهة روسيا».
وقال إن «سياسة الدفاع الأوروبية تتعلق أكثر بإدارة الأزمات وتتركز على الجبهة الجنوبية في مناطق لم تعد من أولويات الولايات المتحدة».
وأضاف «يجب أن يكون لدينا استقلالية أوروبية فعلية على الجهة الجنوبية؛ لأن قرارات الحلف الأطلسي تتخذ بالإجماع وتركيا تطرح مشكلة: فهي تشل الحلف من خلال معارضة بعض العمليات في تلك المنطقة، لا سيما في ليبيا».
يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يشكّل جبهة موحدة لتحديد إمكاناته فهي هائلة، مشيراً إلى الطائرات من دون طيار والصواريخ والمكونات وأجهزة الاستشعار وتحديد المواقع الجغرافية للأسلحة التي يتم التحكم فيها عن بعد.
وقدمت المفوضية الأوروبية في الآونة الأخيرة إطاراً مع خطة عملها للتنسيق بين الصناعات المدنية والفضائية والدفاعية. وتخصص الموازنة الأوروبية ما قيمته مليار يورو سنوياً على مدى سبع سنوات لتمويل صندوق الدفاع الأوروبي. وسيتيح «تسهيل السلام» توفير أسلحة لشركاء الاتحاد الأوروبي، ويمكنه الآن تدريب وتجهيز قوات عسكرية في أفريقيا.
وقال دبلوماسي «لدى الأوروبيين الإمكانات اللازمة للتحرك. هم في حاجة إلى الإرادة السياسية. للأسف لم يحصل ذلك بعد. هناك دول مثل ألمانيا وإسبانيا والبرتغال ترفض المشاركة في مهام أبعد من مهام التدريب».