سياسية تونسية معارضة تتهم الغنوشي بفتح أبواب البرلمان لجهات أجنبية

في ظل إضراب عام ينفذه موظفو الخطوط الجوية التونسية بسبب حجز على حساباتها نتيجة دعوى قضائية من شركة تركية، برزت في الساحة السياسية التونسية اتهامات وجهتها عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعارض، لرئيس البرلمان، راشد الغنوشي، بفتح أبواب البرلمان لجهات أجنبية، من خلال السماح بالحصول على تمويلات خارجية دون احترام مقتضيات القوانين التونسية. ووجهت موسي تنبيهاً، بواسطة مسؤول عدلي (عدل تنفيذ)، إلى الغنوشي لطلب إيقاف العمل باتفاقية مبرمة بين البرلمان التونسي و«المعهد الوطني للديمقراطية»، وهو الطرف المعني بشكوى الزعيمة المعارضة.
وحملت موسي رئيس البرلمان المسؤولية القانونية والسياسية عن مواصلة «رهن» المؤسسة التشريعية التونسية للخارج، ولفتت إلى خطورة هذا الملف، قائلة إنه يضرب السيادة التونسية، ويعد تدخلاً في المجالات السيادية، ويمثل تطويعاً لمؤسسة البرلمان لصالح غايات وأهداف أجنبية مجهولة النتائج، حسب رأيها.
وقالت موسي إن هذه المنظمة الأجنبية «اخترقت» البرلمان التونسي، وفتحت مكاتب لنواب البرلمان التونسي بمختلف الجهات الداخلية، معتبرة أن ذلك يشكل خرقاً للدستور الذي يطالب الدولة بتوفير إمكانات العمل للنواب.
وأكدت أن هذه المنظمة تتدخل في الشؤون السيادية للدول، من خلال تمويل المساعدين البرلمانيين والخبراء وأنشطة اللجان. وقالت إن هذه التمويلات حصل عليها البرلمان التونسي دون الإدلاء بأي وثائق محاسبية، أو موافاة أعضاء البرلمان ورؤساء الكتل البرلمانية بتفاصيل ما يحصل من تحويلات مالية.
يذكر أن هذا المعهد المعني بانتقادات السياسية التونسية المعارضة قد أشرف على برامج لتشجيع التطور الديمقراطي، لكن أطرافاً سياسية تقول إنه يؤثر في القرارات والسياسات، من خلال دعم منظمات المجتمع المدني والائتلافات السياسية، ومحاولة وضع برامج لتعزيز العمليات الانتخابية، وتطوير أدوات للتأثير على الرأي العام، وتعزيز دور المرأة والشباب في المشهد السياسي.
وعلى صعيد آخر، شرع موظفو الخطوط الجوية التونسية (حكومية) في إضراب عام مفتوح عن العمل بجميع المطارات التونسية بدءاً من أمس (الجمعة)، وذلك احتجاجاً على الأوضاع المالية التي تمر بها الشركة، لا سيما بعدما أعلنت شركة «تاف تونس» التركية عن إجراء حجز على الحسابات المالية للشركة التونسية بسبب تراكم ديونها. وشدد اتحاد نقابي لموظفي قطاع النقل على أن الإضراب يأتي دفاعاً عن ديمومة الخطوط التونسية بصفتها مؤسسة عمومية، وعدم المساس بمستحقات الموظفين.
وهدد نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد التونسي للشغل (نقابة العمال)، بشن الإضراب العام في كل المؤسسات العمومية، وليس في الخطوط التونسية فقط، وذلك رداً على دعوات لخصخصة مؤسسات عمومية أو حصص منها.
وأوضح الطبوبي، في كلمة ألقاها أمس في تجمع عمالي بشركة الخطوط التونسية، أنه سيجتمع مع رئيس الحكومة ووزير النقل وممثلي نقابة موظفي قطاع النقل وممثلي النقابات كافة، كما سيتم دعوة مجمع القطاع العام التابع للاتحاد لاتخاذ قرار موحد لـ«التصدي لكل التوجهات الهادفة للتفويت في المؤسسات العمومية لصالح القطاع الخاص»؛ أي التنازل عن جزء من القطاع العام لمصلحة الخاص.
وفي تعليقه على الوضع السياسي المتأزم بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، قال الطبوبي إنه أعلم من وصفهم بـ«المراهقين السياسيين الذين لا يفهمون السياسة» أن الاتحاد العمالي «لن يعطيهم تونس، ولن يسمح لهم بتدميرها»، مجدداً التأكيد أن «هناك مليون خط أحمر أمام التفويت في المؤسسات العمومية (تحويل جزء منها للقطاع الخاص)».
وأضاف أن سياسيي تونس «أخطر من كورونا على البلاد، فهم يخططون لبيع المطارات ثم الموانئ وغيرها من ممتلكات الدولة، وتونس ليست للبيع». ووصف الوضع العام في تونس بالقول إن «شرذمة من المفسدين» تحكم البلد منذ عشر سنوات؛ أي منذ الثورة التي أطاحت الحكم السابق.
وأعلنت وزارة النقل التونسية، أمس، إيقاف قرار تجميد حسابات مجمع شركة الخطوط التونسية الذي أعلنته في وقت سابق شركة «تاف» التركية بسبب ديون مستحقة لها، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت الوزارة عن القرار عقب اجتماع وزير النقل، معز شقشوق، بممثلين عن الشركة التركية والخطوط التونسية وديوان الطيران المدني، في وقت بدأ فيه عمال الخطوط التونسية إضراباً مفتوحاً في مطارات تونس.
وقالت الوزارة، في بيان، إنه جرى الاتفاق على بدء التفاوض بين شركة «تاف تونس» المستغلة لمطار النفيضة (شرق البلاد) ومجمع الخطوط التونسية من أجل ضبط الديون، وجدولة تسديدها، وتوقيع اتفاق بهذا الإطار بحلول يوم 26 من الشهر الحالي.
وتطالب شركة «تاف تونس» بديون مستحقة لها تقدر بثمانية ملايين يورو، حسب مصادر تونسية. لكن وكالة أنباء «الأناضول» التركية نقلت عن كاهنة مملوك، المديرة العامة لشركة «تاف تونس» المشغلة لمطاري النفيضة والمنستير الدوليين، قولها لراديو «موزاييك» المحلي في تونس إن قيمة ديون الخطوط الجوية التونسية للشركة تناهز 20 مليون يورو (قرابة 70 مليون دينار)، وإن هذا الدين متراكم يعود إلى سنة 2015.
وتعاني شركة الخطوط التونسية التي تشغل أكثر من 8 آلاف موظف في جميع فروعها من زيادة كبيرة في عدد العمال، وديون متراكمة، وتقادم جانب من أسطولها. وقد اصطدمت خطط سابقة لإصلاح الشركة، من بينها تسريح عمال يزيدون على الاحتياجات الحقيقية لفروعها، بمعارضة النقابات.