أبراموفيتش لم يمنح لامبارد الوقت الكافي لتصحيح مسار تشيلسي

لو كان فرانك لامبارد يتولى قيادة فريق آخر غير تشيلسي، كان من الممكن أن يحصل على مزيد من الوقت لتصحيح أخطائه وإعادة الفريق إلى المسار الصحيح، لكن مالك تشيلسي، رومان أبراموفيتش، لم يصبر على المدير الفني الشاب وأقاله من منصبه بسبب تراجع النتائج. وإذا نظرنا إلى مانشستر يونايتد وآرسنال، على سبيل المثال، سنجد أن أولي غونار سولسكاير وميكيل أرتيتا كانا على وشك الانهيار في بعض الفترات. لقد بدا أن سولسكاير فشل تماماً في مهمته بعد الخسارة المذلة على ملعب «أولد ترافورد» بستة أهداف مقابل هدف وحيد أمام توتنهام هوتسبير في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول)، لكن مسؤولي النادي صبروا عليه ومنحوه الدعم اللازم، رغم استمرار تراجع النتائج خلال نوفمبر (تشرين الثاني) وأوائل ديسمبر (كانون الأول).
وعلاوة على ذلك، عانى أرتيتا مع آرسنال كثيراً، واستمرت النتائج السيئة لفترة طويلة. وعندما خسر آرسنال أمام إيفرتون في 19 ديسمبر (كانون الأول)، كان ذلك يعني حصول الفريق على خمس نقاط فقط من آخر 10 مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز. لكن مسؤولي مانشستر يونايتد أعلنوا أنهم سيقفون إلى جانب سولسكاير، وفعل آرسنال الشيء نفسه مع أرتيتا، وخرج الرئيس التنفيذي للنادي، فيناي فينكاتشام، ليعلن على الملأ دعمه للمدير الفني الإسباني الشاب في 12 ديسمبر (كانون الأول)، واصفاً أرتيتا بأنه «شخص قوي حقاً».
والآن، انظروا إلى ما حققه سولسكاير مع مانشستر يونايتد! لقد قاد الفريق للمنافسة على صدارة جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز. وفي الوقت نفسه، تمكن أرتيتا من استعادة المسار التصاعدي للفريق بتحقيق أربعة انتصارات وتعادل وحيد في آخر خمس مباريات بالدوري. في الحقيقة، كان موقف لامبارد مشابهاً إلى حد كبير لموقف كل من سولسكاير وأرتيتا. فكما الحال مع سولسكاير وأرتيتا، عاد لامبارد إلى النادي الذي تألق في صفوفه لاعباً، كما أن المديرين الفنيين الثلاثة في الفئة العمرية نفسها وفي مراحل مبكرة من مسيرتهم التدريبية، بعد أن تولوا قيادة أندية من أندية النخبة لأول مرة.
لكن لامبارد كان يعلم دائماً أن تشيلسي في عصر مالك النادي رومان أبراموفيتش لديه ثقافة مختلفة تماماً عندما يتعلق الأمر بدعم المدير الفني للفريق في حال المرور بأزمة. فعندما كان لامبارد لاعباً بالنادي، تعاقب عليه تسعة مديرين فنيين في غضون 13 عاماً فقط. ومن المؤكد أن هذا الأمر يؤثر على اللاعبين. ورغم أن اللاعبين المحترفين في أعلى المستويات يكونون معتادين على هذه الضغوط المتواصلة، فعندما تصل الأمور إلى هذه الدرجة، فإن الأمر يتطلب لاعبين بمواصفات معينة حتى يكونوا قادرين على تقديم مستويات جيدة في مثل هذه الظروف.
وكان من الواضح أن مهمة لامبارد مع تشيلسي قد انتهت بعد الخسارة أمام ليستر سيتي بهدفين دون رد - وهي الهزيمة الخامسة للبلوز في آخر ثماني مباريات بالدوري - حيث توقعت مصادر رحيل لامبارد عن النادي في غضون 24 ساعة. ومع ذلك، عندما بقي لامبارد في مكانه وقاد الفريق للفوز على لوتون في كأس إنجلترا، بدا الأمر كأن هناك احتمالاً لاستمراره في قيادة الفريق لفترة أطول.
ربما يكون من الغريب أن نتذكر الآن أن تشيلسي كان في المركز الثالث بجدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز صباح يوم 12 ديسمبر (كانون الأول)، بل ولم يكن يبتعد عن الصدارة سوى بفارق نقطتين فقط. وبعد ذلك، بدأت سلسلة التراجع بالخسارة أمام إيفرتون بهدف مقابل لا شيء، لكن عندما أشار مجلس إدارة النادي في بيان إقالة لامبارد إلى أن الفريق كان «دون أي مسار واضح للتحسن المستمر»، فهذا يعني أن مجلس الإدارة كان ينظر إلى الصورة الأكبر ككل.
وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن تشيلسي عندما كان يواجه أي فريق من الفرق الكبرى في الدوري فإنه كان يتعادل سلبياً أو يخسر بشكل مثير للشفقة. وعلاوة على ذلك، لم يقدم اللاعبون الجدد الذين ضمهم النادي بمبالغ مالية فلكية المستويات المتوقعة منهم، بشكل يُظهر أنهم يفتقرون إلى التوجيه اللازم من قبل المدير الفني. وكان من الواضح أيضاً أن الفريق لا يعلب بشكل جماعي إيجابي. لقد كان مسؤولو مانشستر يونايتد وآرسنال يرون أن هناك فلسفة معينة يحاول المديران الفنيان تطبيقها داخل الملعب، حتى في الأوقات التي كان يحقق فيها الفريقان نتائج سيئة. وفي المقابل، لم يكن مسؤولو تشيلسي، الذين يشعرون بالقلق الشديد عندما تكون فرص النادي في التأهل لدوري أبطال أوروبا في خطر، يرون مثل هذه الفلسفة الواضحة داخل الملعب.
لقد دفع لامبارد ثمن عدم إحراز تقدم واضح في صفوف الفريق، خصوصاً في ظل التوقعات الكبيرة من النادي بعد إنفاقه 220 مليون جنيه إسترليني على التعاقدات الجديدة الصيف الماضي. لقد كان هناك شعور بأن الحظر الذي كان مفروضاً على تشيلسي بمنعه من عقد صفقات جديدة في صيف 2019 عندما وصل لامبارد، قد منح المدير الفني الشاب فرصة العمل من دون ضغوط. لكنه كان يعمل تحت ضغوط هائلة هذا الموسم، بعد عقد صفقات جديدة بمبالغ مالية كبيرة، وزادت هذه الضغوط نتيجة المستوى السيئ الذي يقدمه تيمو فيرنر وكاي هافرتز، على وجه الخصوص، خصوصاً أنهما انضما للنادي مقابل 119.5 مليون جنيه إسترليني. في الحقيقة، كانت هناك رمزية غريبة في إهدار فيرنر ركلة جزاء في الدقيقة 85 ضد لوتون، حيث كانت تبدو كأنها آخر عمل يقوم به اللاعب الألماني الشاب تحت قيادة لامبارد!
لقد كانت الصفقات الجديدة تمثل مشكلة كبيرة للفريق، كما الحال دائماً في تشيلسي. فهل كان لامبارد يريد حقاً التعاقد مع هذا العدد الكبير من الخيارات الهجومية، في ظل التعاقد مع حكيم زياش أيضاً؟ لقد وجد لامبارد مشكلة كبيرة في إرضاء هذا العدد الكبير من النجوم في الخط الأمامي، في ظل وجود لاعبين آخرين مثل كالوم هدسون أودوي، وميسون ماونت، وكريستيان بوليسيتش، وتامي أبراهام، وأوليفييه جيرو. كما كان الفريق يعاني من «تُخمة» في بعض المراكز الأخرى، بما في ذلك خط الدفاع، حيث تسبب قرار لامبارد بتجميد أنطونيو روديغر في بداية الموسم في حدوث مشكلة كبيرة.
وكانت هناك بعض الأوقات، خصوصاً في الأسابيع الأخيرة، التي شعر فيها لامبارد بالإحباط الشديد من الأخطاء البدائية التي يقوم بها بعض اللاعبين، الذين انتقدهم على الملأ. من المعروف للجميع أن لامبارد بنى مسيرته الكروية كلاعب فذ في خط وسط «البلوز» بفضل رغبته الشرسة في القتال وإثبات أنه لاعب يمتلك قدرات وفنيات هائلة، وبالتالي كان يريد من لاعبيه أن يتحلوا بنفس الروح القتالية والحماسية وأن يكتسبوا هذه الصفات الجيدة منه. لكن، كان من الواضح أيضاً أنه أخطأ وضل الطريق عندما قرر إلقاء اللوم على لاعبيه على الملأ، وهو الأمر الذي دائماً ما يكون محفوفاً بالمخاطر في كرة القدم الحديثة.
لقد نجح لامبارد خلال الموسم الماضي في إنهاء الدوري الإنجليزي الممتاز في المركز الرابع والتأهل لدوري أبطال أوروبا، وقاد الفريق لتحقيق الفوز بشكل رائع في عدد من المباريات المهمة، والتي كان أهمها الفوز مرتين على توتنهام بقيادة المدير الفني البرتغالي المخضرم جوزيه مورينيو، والفوز على مانشستر سيتي بقيادة غوسيب غوارديولا - كما دفع بعدد من اللاعبين الشباب الموهوبين، بالشكل الذي أظهر أنه سيكون هناك مسار واضح لتصعيد اللاعبين الشباب من أكاديمية الناشئين بالنادي إلى الفريق الأول. وكان ميسون ماونت صاحب أكبر قصة نجاح في هذا الصدد، يليه بعد ذلك ريس جيمس وتامي أبراهام.
وعلاوة على ذلك، نجح لامبارد في إعادة العلاقة القوية بين النادي والجماهير. فبعد الفترة السيئة تحت قيادة المدير الفني الإيطالي ماوريسيو ساري، عادت الجماهير بحماس شديد إلى ملعب «ستامفورد بريدج» وكانت تؤيد لامبارد بشدة وتتمنى أن يحقق نجاحاً كبيراً مع الفريق. وفي النهاية، بات هناك انطباع بأن لامبارد كان مجرد أحدث قطعة قابلة للتبديل والتغيير في تشيلسي. إنه لم يستطع أن يقول لا عندما جاءته فرصة تولي القيادة الفنية لتشيلسي، حتى لو كان يدرك افتقاره إلى الخبرات التدريبية التي تؤهله للقيام بذلك. ولو كان لامبارد قد فاز بالألقاب والبطولات، لكان الأمر رائعاً لتشيلسي، لكنه لم ينجح في ذلك وأقيل من منصبه وتم التعاقد مع توماس توخيل بدلاً منه، وهو ما يعكس حقيقة أن أبراموفيتش لا يعرف الصبر والاستقرار وأنه يطيح بأي مدير فني في حال تراجع النتائج.