هل يحقق روني نجاحاً في التدريب يعادل تألقه لاعباً؟

أعلن النجم الإنجليزي واين روني اعتزاله كرة القدم بطريقة مثالية، من خلال بيان قصير ومتزن على الموقع الرسمي لنادي ديربي كاونتي. وتم تعيينه مديراً فنياً لنادي ديربي كاونتي، الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى، بموجب عقد يمتد لعامين ونصف العام، بعد فترة ناجحة كمدير فني مؤقت، وسوف يساعده في هذه المهمة ليام روزنيور.
وأعلن الهداف التاريخي للمنتخب الإنجليزي ونادي مانشستر يونايتد خلال هذا البيان - بطريقة تلقائية في الفقرة السابعة، كما لو كان هذا الأمر عرضيا تماماً - اعتزاله كرة القدم كلاعب. لكن هل تتذكرون أن روني كان يتقاعد - على مستوى ما - خلال معظم فترات العقد الماضي؟ لقد رحل بشكل عاطفي عن مانشستر يونايتد في عام 2017، وفي العام التالي، ودّع الدوري الإنجليزي الممتاز بأكمله. وكان هناك أيضاً اعتزاله للعب الدولي مع المنتخب الإنجليزي لأول مرة، قبل أن يعود للمشاركة في مباراة واحدة ويعلن اعتزاله اللعب الدولي مرة أخرى.
والآن، ينزل الستار الأخير على مسيرة اللاعب داخل المستطيل الأخضر. لكن من المؤكد أن المناقشات حول تاريخه ومسيرته لن تتوقف، ومن المؤكد أن الكثيرين سيشيدون بروني ويؤكدون في الوقت نفسه على أنه كان بإمكانه تحقيق المزيد من الإنجازات بالنظر إلى القدرات والإمكانيات التي يمتلكها.
لقد فاز روني بخمسة ألقاب للدوري الإنجليزي الممتاز ولقب وحيد لدوري أبطال أوروبا، وهي الإنجازات نفسها التي حققها لاعب مثل جون أوشي. وحتى أرقامه القياسية كهداف تاريخي للمنتخب الإنجليزي ومانشستر يونايتد - 253 مع مانشستر يونايتد، و53 هدفاً مع منتخب إنجلترا - ستتحطم يوماً ما.
لكن عندما يهدأ الحديث عن اعتزال روني، ما الذي سنتذكره عن هذا اللاعب؟ ربما تكون هذه هي المفارقة الأساسية بالنسبة لروني: أن يتم الحكم على لاعب بمثل هذا «الثقل العاطفي» على أساس الأرقام والإحصائيات فقط. لكن السؤال الآخر هو: ما هي أبرز اللحظات الحاسمة في مشوار روني الكروي؟ هل هي المستويات الكبيرة التي كان يقدمها في المباريات النهائية؟ أم أهدافه الخارقة؟
بالطبع هناك بعض اللحظات الاستثنائية في مسيرته، مثل الهدف الخارق الذي أحرزه في مرمى مانشستر سيتي في عام 2011، وقتاله حتى آخر دقيقة واستخلاصه للكرة وصناعة هدف رائع في اللحظات الأخيرة مع نادي دي سي يونايتد الأميركي في 2018، فضلاً عن إحرازه هدفين مذهلين آخرين من منتصف الملعب. لكن في الحقيقة، تتمثل اللحظة الحاسمة لروني في بدايته، وبالتحديد في الهدف الذي أحرزه مع إيفرتون في مرمى آرسنال في عام 2002، وهو في السادسة عشرة من عمره.
وعندما نعيد مشاهدة هذا الهدف مرة أخرى، سوف ندرك مدى براعة ومهارة اللاعب الصغير في ذلك الوقت، حيث استحوذ على الكرة بشكل رائع وسددها بمهارة فائقة ودقة شديدة لتصطدم في العارضة وتسكن الشباك. ومنذ ذلك الحين، بدأ ما يمكن أن نطلق عليه اسم «العصر الأول للهوس بروني»، حتى تم انتقاله في صفقة ضخمة إلى مانشستر يونايتد، وتقديمه لمستويات رائعة في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2004.
وربما انتهى هذا العصر في عام 2006 عندما كسر لاعب تشيلسي، باولو فيريرا، مشط قدمه، ليبدأ هنا «العصر الثاني» لروني، وهي تلك الفترة التي كان يتوقع فيها كثيرون من روني أن يقود منتخب إنجلترا للفوز بالبطولات الدولية بمفرده، وهي الفترة التي شهدت أيضاً تعرضه لانتقادات شديدة بسبب فشله في تحقيق «المعجزات» التي كانت مطلوبة منه آنذاك. أما على مستوى الأندية، فأصبح روني لاعباً مختلفاً تماماً منذ ذلك الحين. لقد أدى ظهور النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في مانشستر يونايتد إلى قيام السير أليكس فيرغسون بإشراك روني في مركز غير مألوف بالنسبة له على الأطراف. لكنه واصل تسجيل الأهداف، حيث سجل 38 هدفاً في الفترة بين موسمي 2006 و2009، وفاز بمعظم الألقاب والبطولات مع مانشستر يونايتد. لكن عندما ننظر إلى الوراء، يبدو الأمر وكأن تلك القفزة العظيمة في مسيرته لم تحدث كما كان متوقعاً للاعب بهذه القدرات والإمكانيات.
ثم جاء «العصر الثالث»، وهي الفترة التي بدأ فيها مستوى روني يتراجع، والتي بدأت حتى قبل اعتزال فيرغسون في عام 2013، وقد أدركنا في تلك اللحظة أن روني لن يفي أبداً بالتوقعات الهائلة التي كانت معقودة عليه في السنوات الأولى لتألقه. ووقع المديرون الفنيون المتعاقبون على مانشستر يونايتد ومنتخب إنجلترا في حيرة كبيرة في كيفية دمج لاعب بهذا التأثير في صفوف الفريق.
لقد كان لاعباً استثنائياً، فيما يتعلق بإنهاء الهجمات واستغلال أنصاف الفرص أمام المرمى والربط بين خطوط الفريق المختلفة والسلوك الاحترافي داخل الملعب. لكن هل كان فعلاً يساعد فريقه على تحقيق الفوز؟ لقد شعر ديربي كاونتي وكأن روني لاعب عبقري في خط الوسط يوزع تمريراته السحرية على الجميع، لكن في نهاية المطاف لا يؤدي ذلك إلى فوز الفريق، الذي ظل يقبع في المراكز الثلاثة الأخيرة في جدول الترتيب.
ويدفعنا هذا إلى طرح السؤال التالي: هل كان روني سيحقق النجاح نفسه لو ولد في إسبانيا أو ألمانيا؟ وهل كان سيلعب بشكل أكثر جماعية وفائدة للفريق الذي كان يمثله؟ ورغم كل ذلك، يجب أن نعترف بأن روني ظل حتى النهاية لاعبا يقدم مستويات ممتعة تحب مشاهدتها، حيث كان يلعب بكل حماس وجدية، كما كان حبه الخالص لكرة القدم يظهر في كل لمسة من لمساته داخل الملعب.
ومن غير المتوقع أن يحقق روني نجاحاً في مجال التدريب يعادل النجاح الكبير الذي حققه كلاعب. هذا لا يعني أنني أشكك في قدراته كمدير فني، لكنه مجرد وجهة نظر وتوقع شخصي. فرغم أن لاعبين عظماء مثل كرويف وبيكينباور قد حققوا نجاحات هائلة في مجال التدريب، فهناك العشرات من اللاعبين العظماء الآخرين الذين فشلوا فشلا ذريعا في مجال التدريب، مثل فان باستن ودييغو أرماندو مارادونا. ربما يكون روني قد حصل على هذه الفرصة كمدرب بفضل اسمه الكبير كلاعب، لكن هذا لا يضمن له النجاح في مجال التدريب، وبالتالي يتعين عليه أن يعتمد من الآن فصاعداً على عمله وذكائه فقط!