طهران تواصل انتهاكاتها النووية بأنشطة «تعدين اليورانيوم» في مفاعل أبحاث

أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، أنها بدأت العمل في أنشطة إنتاج وقود اليورانيوم المعدني لمفاعل أبحاث في طهران، في أحدث انتهاك للاتفاق النووي.
وقال مبعوث إيران الدائم لدى الوكالة الدولية، كاظم غريب آبادي، أمس، إن بلاده بدأت أنشطة «البحث والتوسع» لتصميم «نوع متقدم» من وقود اليورانيوم لمفاعلها البحثي في طهران.
وقال غريب آبادي، عبر تغريدة على «تويتر»، إن إيران قدّمت معلومات عن الخطوة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، دون الخوض في تفاصيل.
ويمنع الاتفاق النووي الإيراني خاصة إجراء بحث وتطوير تعدين البلوتونيوم أو اليورانيوم، لإمكانية استخدامها في الأسلحة النووية.
وتأتي الخطوة في سياق خطوات جديدة أعلنت عنها إيران، بعدما أقرّ البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه المحافظون، قانوناً يلزم الحكومة باتخاذ إجراء جديد، بما في ذلك افتتاح مصنع لتجميع أجهزة الطرد المركزي في أصفهان في غضون 5 أشهر.
وبدأت طهران الأسبوع الماضي تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة في منشأة فردو.
وجاء قرار البرلمان في أعقاب مقتل محسن فخري زاده نائب وزير الدفاع الإيراني ومسؤول «الدفاع النووي» في البرنامج الإيراني، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وحذرت الدول الأوروبية وأطراف الاتفاق النووي من أن الخطوة من المحتمل أن تعقد جهود الإدارة الأميركية الجديدة للعودة إلى الاتفاق.
جاء ذلك في وقت واصل كبار المسؤولين الإيرانيين توجيه الرسائل إلى الأطراف المعنية بالاتفاق النووي، مع اقتراب موعد دخول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض الأسبوع المقبل.
وطالب الرئيس الإيراني حسن روحاني ضمناً الإدارة الجديدة باتخاذ نهج مختلف عن الضغوط القصوى. وقال في اجتماع الحكومة، أمس، إن «الحكومة الأميركية المقبلة، أياً تكن سياستها، إنها تعلم أن سياسة الضغوط القصوى ضد الشعب الإيراني قد فشلت، ومن غير الممكن استمرار هذا الطريق، حتى لو فاز ترمب، رغم أنه لا يفهم شيئاً من السياسة، فإنه كان سيفهم أنها سياسة خاطئة».
ومع ذلك، أقرّ روحاني بتأثير العقوبات الاقتصادي، ولجأ إلى طريقته السائدة عندما استند على الشعب في كلامه، قائلاً: «رغم فشل الأميركيين فإنها تسببت في آلام كثيرة للشعب، ورغم أن الشعب لم يركع ووقف مقابل الضغوط، فإنه تعرض لضغوط كثيرة».
من هنا، وجّه روحاني انتقادات إلى «البعض»، في إشارة إلى خصومه في الداخل الإيراني. وقال: «من اللافت أن البعض كلما تظهر مشكلة لا يقولون إنها من أفعال أميركا، وإنما يقولون الحكومة فعلت هذا ولم تفعل ذلك».
وهاجم روحاني إدارة ترمب، بقوله: «تصور الأميركيون أن تنتهي إيران بعد 3 أشهر من الضغوط، ولم يكونوا يعلمون أن الشعب قاوم 3 سنوات، وأنهم سقطوا، وحققوا نهاية مأساوية لحياتهم السياسية».
من جانبه، استبعد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، دخول بلاده في أي مفاوضات حول البرنامج الصاروخي. ونقلت وكالة «نادي المراسلين الشباب» عن ظريف قوله: «قضية الاتفاق كانت حول البرنامج النووي، ولا علاقة لها بالبرنامج الصاروخي، وإذا وجدت إشارة في القرار 2231 إلى الصواريخ، فإنها تعود إلى صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية». وأضاف ظريف: «عندما لا تملك إيران أسلحة نووية، فلا يعني الصاروخ القادر على حمل رؤوس نووية شيئاً، لذلك فإن المفاوضات الصاروخية ليست موضوعية لنا، فضلاً عن كونها خطاً أحمر».
وخاطب ظريف الأميركيين والأوروبيين قائلاً: «عليهم أن يعلموا أننا لن نتفاوض مجدداً حول موضوع تفاوضنا حوله مرة، وأبرمنا اتفاقاً».
من جانبه، شدّد رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، في مقابلة حصرية مع موقع «المرشد الإيراني» علي خامنئي، على ضرورة رفع العقوبات «دفعة واحدة».
وقال لاريجاني إن للقضية النووية الإيرانية «باطناً وظاهراً»، لافتاً إلى أن ظاهرها «ذريعة اتهام إيران بالسعي لإنتاج أسلحة نووية». وأوضح أن «لباطنها عدة أوجه»، أولها الأبعاد التقنية للبرنامج النووي، وثانيها القضية الاقتصادية والضغوط على إيران، وثالثها الدور الإقليمي.
وفي معسكر «الحرس الثوري»، قال قائد الجهاز حسين سلامي: «بلغنا نقطة لا نحتاج فيها إلى الاتفاق النووي»، وأضاف: «حتى مراكز أبحاث الأعداء تقول إنهم ينهارون من الداخل»، وأضاف: «سواء عادت أميركا أم لم تعد (...) مؤامراتهم تعود إليهم...».
وقال سلامي، في خطاب أمام «الباسيج الطلابي»، إن «الضغوط القصوى انتهت وانتهى مهندسها، ولا أحد مستعد اليوم لسماع كلامه...».
في المقابل، وجّه قائد «الحرس الثوري» السابق، محمد علي جعفري، انتقادات لاذعة إلى الرئيس حسن روحاني، بسبب «التفكير بحفظ الاتفاق النووي، بدلاً من رفع العقوبات».
ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن جعفري قوله إن «روحاني بدل أن يفكر بالناس، ورفع العقوبات الأميركية الظالمة عن المصالح القومية الإيرانية، يفكر بالاتفاق النووي وحفظه».
واقتبس جعفري تصريحات بعينها من «المرشد» علي خامنئي والرئيس روحاني في انتقاداته لمواقف الحكومة، ونقل عن خامنئي تحديداً تصريحه الأسبوع الماضي إن «قضيتنا الأساسية رفع العقوبات عن إيران، وليس عودة الولايات المتحدة». وفي المقابل، وجّه لوماً إلى روحاني بسبب قوله: «إذا عادت أميركا للاتفاق النووي فسنعود للاتفاق».
وقال جعفري: «ما هو سبب إصراركم على عودة أميركا للاتفاق النووي؟ يجب أن تكونوا على ثقة أولاً أن أميركا سترفع العقوبات أولاً وتعود للاتفاق النووي»، متهماً الرئيس الأميركي جو بايدن بتأييد العقوبات التي فرضتها إدارة دونالد ترمب، وقال: «إن السيد بايدن بنفسه قال إن عقوبات العامين الأخيرين، لا تعود إلى الاتفاق النووي، وإنه يريد الحفاظ عليها، فضلاً عن إصلاح الاتفاق النووي».
وعاد جعفري، الذي يرأس وحدة «الحرب الناعمة» في «الحرس الثوري» منذ أبريل (نيسان) 2019، إلى اقتباس شعار «التدبير والأمل» لحكومة روحاني، قائلاً: «بالطريقة التي أنتم تتصرفون بها لا يوجد دليل على التدبير والأمل».